شؤون عربية و دولية

المعارضة الكويتية أمام فرصة ثمينة للإطاحة بنظام الصوت الواحد

شعاع نيوز- أطلقت المعارضة الكويتية مبكرا معركة تعديل النظام الانتخابي، مستفيدة في ذلك من فرصة سيطرتها على مجلس الأمة الجديد، وسط تساؤلات عن كيفية تعاطي القيادة السياسية مع الأمر، وهي التي كانت تأمل في تأجيل الملفات الخلافية والتركيز على الإصلاحات ذات البعد الاقتصادي.

وصار النظام الانتخابي الحالي القائم على الصوت الواحد محل رفض واسع من قبل أطياف المعارضة التي اعتبرت أن إقراره يستهدف بالأساس تحجيم نفوذها، لصالح الفريق المؤيد للحكومة، وقد سعت المعارضة على مدى السنوات الماضية للضغط باتجاه تعديله لكن محاولاتها منيت بالفشل لعدم قدرتها على حشد الدعم المطلوب داخل المجلس.

وترى المعارضة اليوم أن الفرصة سانحة أمامها لتحقيق التغيير المنشود بعد أن ضمنت فوزا ثمينا في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية سبتمبر الماضي، في مقابل تراجع مدو للفريق النيابي المحسوب على الحكومة.

وتقدم خمسة نواب في مجلس الأمة الكويتي، بعد أيام قليلة على انطلاقة الفصل التشريعي، باقتراح يقضي بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، على أن تجرى الانتخابات وفق نظام القوائم النسبية.

ووفق نص المقترح، الذي تقدم به كل من عبدالله جاسم المضف وحسن جوهر ومهند الساير وعبدالكريم الكندري ومهلهل المضف، سيجري تقسيم “الكويت إلى خمس دوائر انتخابية، لعضوية مجلس الأمة، تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء، ويكون الترشيح بقوائم لا يجوز أن يزيد عدد المرشحين في أي منها في الانتخابات العامة أو في الانتخابات التكميلية على عدد الأعضاء المطلوب انتخابهم”.

ويقضي المقترح بأن يكون “تصويت الناخبين للقوائم بحسب أرقامها المعلنة وفقاً لحكم المادة الثالثة من هذا القانون، ولا يجوز للناخب أن يصوت لأكثر من قائمة واحدة وإلا اعتبرت ورقة التصويت باطلة”.

وشدد النواب في المذكرة الإيضاحية للمقترح على أن القانون يستهدف معالجة العيوب التي شابت نظام الانتخابات والاقتراب من الوضع الديمقراطي الأمثل.

وذكر النواب أن المشروع سيحدث تغييرا جذريا في النظام الانتخابي الكويتي، وسيحقق عدالة أكبر في تمثيل الكيانات والكتل السياسية، ويضمن تمثيلاً متكافئاً للأطياف السياسية في البلاد، ويحول دون هيمنة أو احتكار المؤسسة التشريعية لفئة دون أخرى أو لتوجه بعينه.

وأشاروا، بحسب المذكرة التي تناقلتها وسائل إعلام محلية، إلى أن نمط القوائم حقق نجاحاً منقطع النظير في الكثير من الدول، وكان سبباً في إزالة الاحتقان السياسي وتحقيق توافق ورضا اجتماعي وتعايش سلمي بين مكونات المجتمع، ولاسيما أنه يضمن لسائر هذه المكونات تمثيلاً وحضوراً داخل البرلمان يمكنانها من إسماع صوتها والدفاع عن مصالحها.

ويعود قانون الصوت الواحد في الكويت إلى العام 2012، حينما قرر أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حلّ مجلس الأمة المنتخب آنذاك، والذي سيطرت عليه المعارضة حينها، وحاولت تمرير عدد من القوانين التي لم يوافق عليها الأمير.

وقام الأمير الراحل بإصدار مرسوم ضرورة لتعديل الأصوات الانتخابية، وفقاً للمادة الحادية والسبعين من الدستور الكويتي والتي تخول له إصدار قوانين ضرورية دون الرجوع إلى مجلس الأمة.

وتم تقليص عدد الأصوات الممنوحة لكل مواطن إلى صوت واحد بعد أن كانت أربعة أصوات، مع إبقاء الدوائر الانتخابية على حالها. وذلك لإنهاء سيطرة الكتل السياسية المعارضة، وفي مقدمتها الكتل الإسلامية، على البرلمان.

وأدى المرسوم إلى إعلان المعارضة عن أكبر مقاطعة للعملية الانتخابية في تاريخ البلاد؛ إذ قاطعت انتخابات عام 2012 الثانية، وانتخابات عام 2013، قبل أن تقرر العودة بشكل جزئي في عام 2016، بعد أن فرضت الحكومة الصوت الواحد بحكم الأمر الواقع.

وكانت المحكمة الدستورية الكويتية، وهي أعلى سلطة دستورية في البلاد، قضت في يونيو 2013، وفي حكم وصف بـ”التاريخي”، بتحصين مرسوم الصوت الواحد والتأكيد على دستوريته.

وقالت المحكمة في حكمها آنذاك “مرسوم الضرورة جاء لمعالجة سلبيات وعيوب تهدّد وحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي”، مشيرة إلى أن الهدف من قرارها هو “تحقيق المصلحة الوطنية التي تعلو فوق كل اعتبار”.

ويرى متابعون أن إطلاق النواب معركة تعديل النظام الانتخابي قد يفضي إلى عودة التوتر مجددا، في وقت تأمل فيه الحكومة الحالية توفُّر حد أدنى من الاستقرار السياسي لتمرير حزمة من القوانين المعطلة منذ سنوات، والتي هي ضرورية لإصلاح الوضع الاقتصادي المختل.

وفيما بدا محاولة استباقية منها لتجنب طرح المعارضة مسألة التعديل، اتخذت حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح بعض الخطوات قبل الاستحقاق التشريعي، من قبيل اعتماد البطاقة المدنية في عملية التصويت، وهي خطوة لاقت إشادة واسعة من المعارضة، لكنها عدت غير كافية حيث تصر الأخيرة على أن تحقيق أي إصلاح سياسي يقتضي بالضرورة المرور عبر تغيير النظام الانتخابي.

وتتهم المعارضة النظام الحالي بأنه فتح الباب أمام فردانية العمل السياسي، وأفسح المجال للمال الفاسد، والأخطر أنه كرس العامل القبلي والطائفي في العملية الانتخابية.

وثمّن المنبر الديمقراطي الكويتي مقترح النواب باعتماد نظام انتخابي قائم على القوائم النسبية، واعتبر أنه يشكل “نقلة نوعية لنظام الانتخاب ويعزز الممارسة الديمقراطية في العملية الانتخابية، خصوصاً بعد ما عانته الكويت من تبعات مرسوم الصوت الواحد على مدى عشر سنوات تقريبا”ً.

وأوضح المنبر في بيان أن الانفراجة السياسية تتحقق عبر بوابة إصلاح النظام الانتخابي الحالي لما تشوبه من عيوب أضرت بالحياة الديمقراطية، ولما نتج عنه من أضرار دفع ثمنها أبناء هذا الوطن لسنوات طويلة، مبينا أن نظام القوائم النسبية سيعمل على تحويل العمل السياسي في الكويت من العمل الفردي إلى العمل الجماعي القائم على البرامج والرؤى المشتركة؛ مما يؤدي حتماً إلى تطويره وينعكس على مخرجات الانتخابات البرلمانية. كما أن نظام القوائم النسبية سيحد من السلبيات العديدة للأنظمة الانتخابية التي عُمل بها في الكويت وسيضع البلاد في مصاف الدول المتقدمة ديمقراطياً.

وأكد أن كمال نظام القوائم النسبية يتطلب الأخذ في الاعتبار نسبية الوزن الانتخابي لكل دائرة، وعدالة توزيع الدوائر الانتخابية، مشيرا إلى أنه يطمح إلى تحقيق نظامٍ عادلٍ يعالج كل مكامن الخلل التي تشوب العملية الانتخابية برمتها.

ودعا المنبر إلى دعم أي تحرك من شأنه تعديل مرسوم الصوت الواحد عن طريق البرلمان إلى نظام انتخابي أكثر عدالة، معربا عن أمله في حصول توافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بشأنه.

ورغم وجود شبه إجماع من المعارضة على ضرورة تغيير نظام الصوت الواحد، فإن هناك بعض الأصوات المدافعة عنه، والتي تقرّ بوجود مميزات له من أهمها أنه فسح المجال أمام القبائل الصغيرة وبعض الطوائف والعائلات للمشاركة في العملية السياسية في البلاد.

وتشكك هذه الأصوات في الذرائع التي يسوقها النواب المعارضون للصوت الواحد، خصوصا وأن هؤلاء النواب أنفسهم نجحوا في الوصول إلى البرلمان من خلال هذا النظام.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى