مقالات

مفردات النفاق الدولي

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – أكثر ما يغيظ في الحرب الإسرائيلية الوحشية الجارية الآن هو مفردات النفاق الدولية التي تستخدمها الدول المتنفذة للتغطية على جرائم الحرب التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتغطية لمواصلة الحرب، كأن يقال “التخفيف قدر الإمكان من استهداف المدنيين” او “مراعاة القانون الدولي اثناء الحرب” او حتى “فتح مسارات آمنة لنزوح المدنيين وإدخال المواد الغذائية” أو “هدنة انسانية قصيرة”. كل هذه المفردات نفاق؛ لأن المجتمع الدولي لو كان جادا لاختصر كل ذلك وفرض على إسرائيل وقفا فوريا لاطلاق نار دائم. ومن كل خبراتنا في الماضي وفي كل الحروب الني عشناها، كنا نلمس مثل هذا النفاق بهدف إعطاء إسرائيل الوقت الكافي لاكمال مهمتها دون اي اكتراث للجرائم التي يرتكبها جيشها.

أما النفاق الأكبر، فهو عندما يدعم المسؤولون الغربيون الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في تصريحاتهم بأقوى العبارات ومن ثم ينهون تصريحاتهم بضرورة ان تتوخى إسرائيل الحذر حيال المدنيين، وهم يدركون انه في كل ثانية يقتل او يجرح انسان فلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية. ثم يأتي النفاق من العيار الثقيل على المستوى السياسي عندما يتحدثون عن ضرورة حل الدولتين، وهم يراقبون ما تقوم به إسرائيل من عملية تطهير عرقي وحشية، وفي ظل قصف الطيران الحربي في غزة، اي نفاق هذا وإسرائيل تقوم برسم خرائط جديدة للصراع لا يمكن معها الحديث عن اي إمكانية لحل الدولتين.

لو لم يكن هذا المجتمع الدولي منافقا الى هذا الحد، لكان حل الولتين واقعا ملموسا منذ زمن، او لكانت هذه الدول اعترف بدولة فلسطين التي هي عضو مراقب في الامم المتحدة منذ العام 2012. اما نفاقهم بما يتعلق بعملية السلام، خصوصا عندما كانت إسرائيل تقوم ببناء مستوطنات جديدة او توسع مستوطناتها، كانوا يكررون جملهم النفاقية “الاستيطان عقبة على طريق السلام” وبالمقابل لم يجبروا إسرائيل لمرة واحدة على وقف جدي وحقيقي للاستيطان، بل كانوا يستخدمون الفيتو لمنع ادانة السياسة الاستيطانية والتوسعية لإسرائيل.


اقرأ|ي أيضاً| ‏ثورة العمل والتعليم في الضفة الغربية


لذلك عندما نسمعهم يقولون توخي الحذر يعني ان تمضي إسرائيل في جرائمها، فالواقع الذي يجري على الارض يقول انه لم يكن هناك اي حذر، وانما مزيد من الجرائم. وعندما يتعلق الامر بإسرائيل فإن القانون الدولي يتم تعطيله، والمؤسسات الدولية تصبح عاجزة ومشلولة وقراراتها لا تنفذ.

قد تتفاجأ الاجيال الفلسطينية والعربية الجديدة بحجم الانحياز والتواطؤ، الا ان الحقيقة ان هذا التواطؤ كان واقع الصراع منذ اكثر من مئة عام، فالمشروع الصهيوني فكرة وتجسيدا هو من صنع الدول الكبرى. الفكرة الصهيونية وقبل ان تصبح فكرة يهودية كانت فكرة امبريالية للدول الغربية، وعندما اصبحت يهودية قاموا بتجسيدها على ارض الشعب الفلسطيني عبر وعد بلفور وصك الانتداب، وعبر الدعم السياسي والمادي وقاموا بتبني الهجرة اليهودية وساهمت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية شرقها وغربها في تأسيس وإقامة دولة إسرائيل، وكانوا شركاء في نكبة الشعب الفلسطيني في الاعوام من 1947 وحتى 1949، فما الجديد اليوم في المشهد الراهن؟

لقد أدانت القيادة الفلسطينية وقادة العالم العربي مسألة قتل المدنيين من الجانبين، لكن بالنسبة لهم المدنيون هم نوع واحد من البشر وما عداهم يمكن قتلهم بكل بساطة دون ان ترمش لهم عين. ما يهم قي هذا الوقت هو وقف الحرب فورا لان المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة هم ضحيتها الاولى والمشكلة انهم يواجهون آلة الحرب الإسرائيلية الفتاكة بصدورهم العارية، لا ملاجئ لهم ولا اي شكل من اشكال الحماية، انهم متروكون لعداد الموت دون اي رادع، فهل يكفي والحالة هذه تعبيرات مثل “توخي الحذر” او “مراعاة القانون الدولي قدر المستطاع”؟؟ يريد الفلسطينيون سماع كلمة واحدة: وقف الحرب والدمار.

والسؤال المهم هنا: من يوقف هذا النفاق ويوقف الحرب؟!!

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى