مقالات

مقابلتان ومواقف هامة

شعاع نيوز – الكاتب عمر حلمي الغول –من التحولات الإيجابية البارزة في المشهد الأوروبي إضافة للرأي العام في دول الاتحاد، بروز تطورات نوعية ظهرت في مواقف العديد من الحكومات الأوروبية، منها ايرلندا واسبانيا وبلجيكا والنرويج، وحتى في أنظمة سياسية ذات ثقل مثل فرنسا وغيرها وإن بدرجات أقل، وهو ما يعكس خطا بيانيا متصاعدا نسبيا نتاج مواصلة حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا لليوم الـ200، وكلما توالت دوامة الحرب في اضطراد، ومضاعفة عدد الضحايا والدمار في القطاع، ازداد الانزياح التدريجي على المستويين الشعبي والرسمي، وإن كان التدحرج أوسع وأعمق في الرأي العام الأوروبي الغربي، وبالمقابل تآكل التأييد والتعاطف مع دولة إسرائيل النازية.

ومن المواقف المهمة في البعد الرسمي، التي سيكون لها تأثير إيجابي في المنظومة الرسمية الأوروبية على المستوى الجمعي لمؤسسات الاتحاد، وعلى مستوى الدول كل على انفراد، أتوقف أمام مقابلتين مهمتين لوزيري خارجية بلجيكا واسبانيا أمس الاثنين22 ابريل الحالي، حيث لامست وزيرة خارجية بلجيكا حجة لحبيب جوهر الصراع، وقالت “لا تكفي الدعوة لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، وإرسال المساعدات الإنسانية لغزة والقتل المستمر” وأضافت كاشفة سياسة ذر الرماد في العيون الفلسطينية والعربية والرأي العام العالمي من خلال فرض العقوبات على بعض المستوطنين او كتيبة نيتسح يهودا المتدينة المتطرفة في الجيش الاسرائيلي، التي تأسست عام 1999 قائلة ان هذه السياسة لا تكفي، “وعلينا فرضها على الذين يسلحونهم ويدافعون عنهم.” وتابعت مطالبة بانخراط القوى والدول الأخرى في معالجة تداعيات حرب الإبادة الجماعية، وعدم ترك الساحة لتفرد واشنطن في مآلات الحرب المجنونة والهمجية على الشعب الفلسطيني، فقالت “يجب ألا نسمح للولايات المتحدة بأن تكون اللاعب الوحيد في الوضع في غزة”، وهي تقصد من خلال الحديث عن غزة المسألة الفلسطينية برمتها، وطالبت الدول الأوروبية بـ”الاعتراف بالدولة الفلسطينية (باعتبارها) خطوة حاسمة نحو حل الدولتين، ومستعدون للترحيب بأي مبادرة بشأن ذلك.” لقناعتها وقناعة حكومتها المتفقة مع القانون الدولي بان الحل السياسي للقضية الفلسطينية، هو ركيزة الخروج من نفق حروب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب العربي الفلسطيني، ونزع مخالب النازية الإسرائيلية المدعومة بشكل سافر وفاجر من قبل إدارة بايدن.

وفي السياق، وبالتكامل مع ما طرحته الوزيرة لحبيب، قال وزير خارجية اسبانيا خوسيه مانويل إلباريس في نقاط محددة “نطالب بوقف دائم لإطلاق النار” ورفض توسيع دائرة الحرب في رفح أو على مستوى الإقليم، وأردف متابعا “نطالب بفتح جميع النقاط البرية مرة واحدة والى الابد لتقديم المساعدات للمدنيين في غزة.” ولم يشر للرصيف المائي الأميركي، الذي هو بمثابة مشروع قاعدة عسكرية أميركية لتحقيق أكثر من هدف، منها تسهيل نزوح الفلسطينيين وفق المشروع الصهيو أميركي المشترك، وأضاف مؤكدا على ضرورة الذهاب للحل السياسي، إذا شاءت الدول تفكيك أسباب الصراع عندما أكد على ضرورة “الاعتراف بالدولة الفلسطينية (لأنه) أمر ضروري للغاية إذا أردنا حلا سياسيا للوضع بالشرق الأوسط.” مؤكدا أن “حل الدولتين يعني جعل السلام نهائيا لا رجعة فيه، وتجنب العنف المتواصل.”

هاتان المقابلتان لخصتا الموقف باختصار ووضوح لا لبس فيه، او غموض او مماطلة وتسويف، كما فعلت وتفعل الولايات المتحدة الأميركية، والتي تكيل بمكيالين، وبمعايير مزدوجة، كونها لا ترى الا دعم واسناد إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، وتقدم الدعم المالي والعسكري والديبلوماسي والسياسي والإعلامي اللامشروط لها، وفي الوقت نفسه تمارس الضغط والبلطجة على الموقف الفلسطيني، وتعمل مع ربيبتها اللقيطة على تصفية معلنة للحقوق السياسية والقانونية الفلسطينية، وتحارب بأساليب متعددة ومفضوحة الأهداف الوطنية الفلسطينية، ومنها استخدامها حق النقض “الفيتو” ضد رفع مكانة الدولة الفلسطينية لدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، كما فعلت الأسبوع الماضي ضد مشروع القرار الجزائري العربي.

هاتان المقابلتان يمكن البناء عليهما، بالإضافة لمواقف كل من ايرلندا والنرويج، وحتى دعم فرنسا للمشروع الجزائري في مجلس الامن، وغيرها من المواقف الأوروبية الإيجابية، ومطالبة دول الاتحاد كافة لتحذو حذو اسبانيا وبلجيكا والنرويج وايرلندا للخروج من سطوة المواقف الأميركية الجائرة والمعادية للسلام واستقلال وسيادة دولة فلسطين على أراضيها وشعبها واقتصادها، وعليها تعزيز الدعم على الصعد المختلفة وخاصة الدعم السياسي والديبلوماسي والاقتصادي والمالي في المجالات والمنابر ذات الصلة، وبالمقابل فرض عقوبات على دولة الاحتلال وعلى الصعد كافة لفتح أفق جدي للسلام.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى