مقالات

نساء غزة يصنعن الأمل الصعب

نساء غزة يصنعن الأمل الصعب

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – مهما كانت تجربتنا بالحياة، ومهما كان خيالنا خصبا، أو قراءتنا حول أهوال الحروب في تجارب الشعوب، ولا مشاهداتنا اليومية المرة على شاشات التلفزة لحرب الابادة في غزة، فإنه لا يمكن تقدير الدور العظيم الذي تقوم به النساء الفلسطينيات في قطاع غزة، وما يواجهنه من مخاطر وخوف وما يحتجنه من تحفز وابداع في تدبير اطعام اطفالهن، وما يتحملنه من معاناة تفوق طاقة وتخيل البشر.

لنحاول معا اليوم بناء رواية حول ما تفكر فيه، وتقوم به، وكيف تتعامل مع الفقدان وحماية من تبقى من أفراد أسرتها أو أهلها وابقائهم على قيد الحياة، وأن تحمي نفسها بعد ان فقدت المنزل وبيئة الحياة التي اعتادت عليها.

لنبدأ من فكرة ان احتياجات المرأة اليومية تختلف عن احتياجات الرجل بحكم الطبيعة. كما تحتاج الى خصوصية من الصعب تلبيتها في المخيم المكتظ بالناس، وبدون حمامات، ولا حيز يؤمن لها خصوصية، ولا قدر من النظافة التي هي بأمس الحاجة لها. وإذا نحينا هذه الاحتياجات، بالرغم انها ضرورة قصوى، فإن المرأة في غزة بحاجة الى حواس متنبهة وحدس وعقل لا يغفو أبدا كي تكون قادرة على السيطرة على محيطها، تتنبأ بالمخاطر التي تهددها وتهدد أطفالها، وهي بالتأكيد لا تنام ولا تستريح لتؤمن خبزا وطعاما، وحيزا خاصا لأسرتها وتحاول أن تمرر الساعات وهي وأفراد أسرتها لا يزالون على قيد الحياة.

لنرى كيف هو حال المرأة الحامل، والقلق الذي تعيش فيه من دون مستشفيات ولا عيادات رعاية صحية. وقد يكون الأب قد استشهد، وبدون أي يقين انها هي وجنينها ستنجو من الحرب المتوحشة، وكيف يمكن تخيل واقع أم تقطعت بها السبل ولا تعرف إن كان الطفل لا يزال على قيد الحياة. والمشكلة التي لا إجابة شافية بشأنها هي متى يمكن ان تتوقف الحرب؟


اقرأ|ي أيضاً| “آكشن إيد”: نساء غزة يلدن الأجنة ميتة بسبب تزايد خطر المجاعة


وإذا بدأنا بالأسئلة التي تدور برأس المرأة في غزة فهي لا تعد ولا تحصى، وما يوجعها ويشعرها بالعجز ان لا إجابات لهذه الاسئلة، أين سنقيم؟ وهل سنعود الى حيث كنا؟ كيف سنعيد بناء بيوتنا؟ وإذا كان المجتمع الدولي قد سمح لإسرائيل بالفتك بنا.. هل سيكون باستطاعته دعم إعادة بناء القطاع؟ أسئلة لا هي ولا الزوج ولا الأب أو الأخ يملك إجابة لها، لا يمكن تخيل أو تقدير القلق وكيف يمكنها ان تفعله لتحافظ على توازنها لتكون قادرة على القيام بمهماتها التي هي مهمات تبدو مستحيلة أصلا.

ومن كانت تعمل منهن قبل الحرب، ربما لم تعد تسعفهن ذاكرتهن ماذا كن يعملن، ثم حتى لو تذكرن فمكان العمل لم يعد موجودا، وربما لن يعود قبل مرور زمن، فما قيمة أن تتذكر؟ ثم هل هناك حاجة للذاكرة إذا كان الموت هو الحقيقة الوحيدة في غزة؟

نساء غزة لسن بطلات خارقات، انهن ببساطة نساء عاديات يكافحن من أجل البقاء، فلا هاجس لهن إلا البقاء، وبقدر ما تمنحهن الحياة وقتا اضافيا سيقمن بحماية من حولهن وإبقائهم احياء للغد فحينها قد تتوقف الحرب. وان لم تتوقف فسيواصلن المحاولة، وربما هنا تكمن عظمتهن، وبطولتهن الخارقة.. انهن لا ييأسن.

ما الذي يمكن ان يقال لنساء غزة في اليوم العالمي للمرأة؟

نقول: سيأتي اليوم الذي ستنتهي به الحرب، وسيكتب التاريخ ان نساء غزة صنعن المعجزات، وعندما تنهض غزة من جديد ستكون المرأة سر الحياة الجديدة.. لنساء غزة ننحني تقديرا ونقول: أنتن صانعات الأمل الصعب.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى