مثبت في الرئيسيةمقالات

قلق بايدن من حكومة نتنياهو له عدة أوجه

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – لا أشك أن الرئيس الأميركي جو بايدن قلق فعلا من نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، ولهذا القلق أوجه عدة، ربما آخرها الأوضاع في فلسطين، فهو شخصيا لا تربطه علاقة صداقة أو ود مع نتنياهو كتلك التي كانت تربط هذا الأخير مع ترامب. فالمعروف أن نتنياهو صديق حميم لليمين وصقور الحزب الجمهوري. وتيارات المحافظين الجدد المنافسين للحزب الديمقراطي والليبراليين بشكل عام بما فيهم يهود وغير يهود، أصدقاء نتنياهو الحميمين هم من يسعون لهزيمة بايدن وحزبه في انتخابات الرئاسة عام 2024. ومما لا شك فيه أيضا أن الرئيس الأميركي منزعج من تصرفات وممارسات حكومة اليمين ومن الوزراء الأكثر يمينية مثل بن غفير وسموتريتش، اللذين يشعلان فتيل الأزمات ويعقدون المشهد الذي هو معقد أصلا في فلسطين.

ويمكن وصف علاقة بايدن بنتنياهو، بأنها كعلاقته مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بمعنى أنهما على طرفي نقيض، ولا تجمعهما ثقة، فكيف وأن تضم حكومة نتنياهو وزراء أكثر يمينية وتطرفا منه، ولهم امتداداتهم بين يهود من أمثالهم في الولايات المتحدة.

فالقلق الذي عبر عنه بايـدن هو قلق مركب بالإضافة إلى قلق العقلانيين في أميركا من أن يأخذ هؤلاء المتطرفون إسرائيل إلى انقسام داخلي عميق من الصعب لجمه، وقد يكون له تأثير سلبي على كل مستقبل إسرائيل كدولة ديمقراطية.

لقد مرت إسرائيل في مراحل قليلة بوجود معارضة جدية، مثل حركة السلام التي بدأت على وقع حرب إسرائيل على لبنان والثورة الفلسطينية عام 1982، وقبل ذلك حركة الفهود السود في سبعينيات القرن العشرين، وهي حركة احتجاجية لليهود الشرقيين على التمييز العنصري إزاءهم. الآن المعارضة الحالية هي الأكثر حدة وتدور حول مسألة بنيوية في أسس الدولة، تتعلق بالسلطة القضائية، ومحاولات اليمين السيطرة عليها تمهيدا للسيطرة التامة على البلاد بمجملها.

قلق بايدن ينبع أساسا من هذا الواقع، الذي قد يغير وجه إسرائيل التي تأسست عام 1948 تماما، هو قلق على الديمقراطية في إسرائيل، والتي يعتقد أن هذه الديمقراطية ولو بشكلها الحالي المريع، فإن ما سيبقى هو دولة عنصرية أسوأ بكثير من النظام العنصري الذي كان يحكم جنوب أفريقيا. وإذا ما سقطت ورقة التوت عن إسرائيل فسيصبح من الصعب تسويقها أو الدفاع عنها..هذا هو مصدر قلق الرئيس بايدن الأساسي.

ولكن ولنكون منصفين فإنه قلق بلا شك من تصرفات الحكومة الإسرائيلية في الضفة، وهو بتصريحاته لشبكة CCN وضع هذا في حجمه الطبيعي عندما قال إنني قلق من تصرفات بعض وزراء الحكومة الأكثر تطرفا في الضفة ، ويقصد بن غفير وسموتريتش.

منبع القلق إلى جانب مسألة حل الدولتين. هو أن تصرفات هؤلاء تعطل مسألة التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

خصوصا أن الرياض لم تسقط من بين شروطها مسألة ضرورة اعتراف إسرائيل بالمبادرة العربية، والتي هي بالأساس مبادرة سعودية صدرت عن قمة بيروت عام 2002.

أما مصدر القلق الأخير فيتعلق بالحرب الأوكرانية. فالرئيس بايدن، الذي يضع هذه الحرب على رأس سلم اهتماماته، لا يريد أن يرى توترات أخرى تشغله، وخصوصا في منطقة غنية بالنفط والغاز واللذين يعتبران أحد أهم أوراق اللعب الروسية. وقد ظهر هذا القلق جليا عندما ربطت الإدارة الأميركية موافقتها على العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين ومخيمها بألا تستمر العملية لأكثر من 48 ساعة، وأن تقوم الحكومة الإسرائيلية برفع بعض بنود حصارها على السلطة الوطنية، بهدف تهدئة الأمور، وهو ما لم تقم به حكومة نتنياهو رغم الضجيج الإعلامي بهذا الشأن.

وإذا ما حاولنا ترتيب مصدر قلق بايدن حسب الأهمية والأولوية، فهي كالتالي:

أولا: قلقه المتعلق بعلاقات نتنياهو وأقطاب حكومته مع القوى الأكثر يمينية في الحزب الجمهوري وخارجه، ومدى تأثير ذلك في الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة.

ثانيا: التأثير على مساعي الإدارة الأميركية لتطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية، فتصرفات الوزراء الأكثر تطرفا تعطي الرياض المبرر للتملص من الضغوط الأميركية، ووضع شروط إضافية لأي خطوة تطبيع مع تل أبيب.

ثالثا: حاجة الرئيس الأميركي للهدوء بشكل عام كي يسمح له بالتفرغ والتركيز على الحرب الأوكرانية.

ورابعا وأخيرا، القلق من أن تقوم الحكومة الإسرائيلية الحالية بتصفية حل الدولتين تماما، وهو الحل الذي يعتقد بايدن أنه يخدم أمن إسرائيل على المدى الطويل، ويخدم أن تحافظ إسرائيل على نفسها دولة يهودية ديمقراطية.

وبالرغم من ترتيب الولايات للرئيس بايدن فإنه مع ذلك يبقى أقل أذى للشعب الفلسطيني من لو كان سيد البيت الأبيض على شاكلة نتنياهو من متشددي الحزب الجمهوري، فيمكن أن نتخيل ما يمكن أن تكون عليه أوضاع الشعب الفلسطيني لو كان أحد الصقور الجمهوريين في البيت الأبيض لكانت يد حكومة اليمين الفاشي مطلقة لتنفيذ “السور الواقي -2″، بهدف تصفية الكيانية الفلسطينية، لذلك وجب السير بين الخطوط الرفيعة للسياسة الأميركية بهدف تفادي الأسوأ.


اقرأ|ي أيضاً| تحليلات إسرائيلية: تصريحات بايدن ضد حكومة نتنياهو تعكس “توتراً عميقاً” في العلاقات

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى