مقالات

“إسرائيلهم” التي أُنشِئَتْ!!

“إسرائيلهم” التي أُنشِئَتْ!!

شعاع نيوز – الكاتب: موفق مطر – تأسست أو أنشئت، لا يهم إن كانت الترجمة دقيقة أو بدرجة ما دون ذلك، لأن الأهم في كلام رئيس الولايات المتحدة الأميركية على متن طائرة الرئاسة العملاقة للصحفيين – في الجو – بعد تفقده للقاعدة الاستراتيجية الأهم للمنظومة الاستعمارية الدولية – الصهيونية المسماة (دولة إسرائيل) هو جوهر كلامه :”إن اسرائيل قد أنشئت لتكون دولة لليهود في العالم وستظل كذلك ” وهنا بيت القصيد، ونعتقد هنا أن اصحاب الكذبة الصهيونية وأتباعها، ما كان لهم ان يغفروا لبايدن هذه الخطيئة، لولا اللحظة المصيرية التي يعيشونها، والتي تفرض عليهم غض الطرف عن مقصده من: “اسرائيل تم تأسيسها” كما اذيعت في الترجمة المباشرة للعربية، ذلك أن بايدن قد نطق الحقيقة التاريخية عن قصد، أو بقوة دفع ومنطق اللاوعي – كما يقول علماء النفس – وبهذا المنطق يكون قد سحب بساط الادعاء بالجذور التاريخية لدولة الصهيونية الدينية، أو “الدولة اليهودية” التي يتم ترويجها لدى الرأي العام العالمي تحت غطاء كثيف من القصف الدعائي والإعلامي وحتى الثقافي المزور، الديني منه والتاريخي في سياق مقولة :”أرض الميعاد” و”شعب الله المختار “خاصة إذا لاحظنا أن بنيامين نتنياهو رئيس حكومة منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية لم يوفر فرصة على منبر دولي إلا وتحدث عن الجذور التاريخية للصهيونية الدينية أي “اليهودية السياسية “في فلسطين، رغم أنه فعل يوما كما فعل بايدن بالأمس القريب، وزلّ لسانه بالحقيقة دونما قصد أو وعي عندما تمنى “ان تعيش دولته مئة عام “واعتبره أهم انجاز في تاريخ اليهود – كما قال – حتى وإن كنا نفهمه التاريخ المزيف الذي على أساسه تم تهجير ملايين من اليهود في العالم وزجهم في بوتقة نار لم تهدأ منذ اكثر من قرن، لأن الشعب الفلسطيني، النابتة جذوره منذ فجر التاريخ ارض فلسطين، يقاوم الغزاة والمستعمرين، ولم يتحدث احد في تاريخه الممتد منذ انشاء أول مدينة مأهولة على الكرة الأرضية وحتى اليوم ولن يتحدث حتى ينفرط الكون، عن امنيات بديمومة وطنه وكيانه السياسي والمجتمعي والحضاري لبضعة عقود او قرون، فالشعب الفلسطيني الذي ناطح الامبراطوريات وكسر قرونها، وبقي متجذرا يتجدد نبته مع اشراقة الشمس كل صبح من مشرقها، ذلك لإيمان راسخ بان الشعب الفلسطيني ليس طارئا ولا وافدا، ولا غازيا لفلسطين، فعلى هذه الأرض مر غزاة همجيون، وآخرون جبابرة ، وغيرهم ادعوا منطق المدنية والعمران، لكن الشعب الفلسطيني كشف عوراتهم بثوراته الشعبية المتتابعة، التي ادت الى سقوط هذه الأقنعة، وبروز الهمجية البشرية المتأصلة طبيعيا لدى كل آدمي يحمل عقلية الغزو وسفك الدماء والإبادة للاستيلاء على ارض الآدمي الآخر وثروات بلده.


اقرأ|ي أيضاً| كيف وصلت إسرائيل إلى لحظة الصدمة؟


تصريح بايدن خطير جدا بالنسبة لليهود الذين نعتبرهم ضحايا الدولة الاستعمارية الغربية العميقة، ووكيلها (الصهيونية الدينية والسياسية على حد سواء، لكنه بالنسبة لنا مهم للغاية في تأكيد روايتنا الوطنية الفلسطينية العربية والإنسانية، وسنبقى نتخذ ما قاله حجة عليه وعلى الدول الاستعمارية، واولها دولته، ذلك ان رئيسا أميركيا – بايدن – وهو وريث الامبراطورية الاستعمارية الأميركية التي أنشأت اسرائيل قد اقر بانعدام جذور ما يسمى الدولة اليهودية، وقطع الطريق على الصهيونية والدينية والسياسية التي تحاول تحويل اليهودية الى قومية وشعب، فرئيس الولايات المتحدة الذي تحدث اكثر من مرة خلال الأيام الماضية وذكر مصطلح الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية، لم يتحدث بذات الصيغة عن مجتمعات اليهود واسرائيل، ليس بسبب يقظة تاريخية او سياسية او ضمائرية اخلاقية ابدا !! وإنما بسبب قناعة تامة، بأن مصير (اسرائيل) بيد الولايات المتحدة، وكأن العقل الباطني لبايدن يقول: نحن نضمن بقاء منشأتنا (اسرائيل)، ونحن نحدد تاريخ صلاحيتها، ولن نسمح لأحد بالتدخل في هذا الأمر! فبايدن لم يخرف، ولم يتمكن منه الزهايمر بعد، ونعتقد أنه كان باستطاعته السباحة في بحر الدعاية الصهيونية، الذي اغرق مجتمعات دينية عديدة في الولايات المتحدة بتسونامي تزييف طال الكتب، روجت الصهيونية الدينية لقدسيتها لتبرير هذه الأيام التي ترتفع فيها وتيرة حملة الابادة بحق الشعب الفلسطيني مع ليل كل يوم بات بمثابة وصمة عار على جبين ادعياء الحريات والحقوق والإنسانية للشعوب، الأمر الذي يؤكد لنا أن الحضارات الحقيقية تقوم على قيم أخلاق، وبناء الإنسان، وأنها وحدها القادرة على البقاء أبدا، لأنها كانت طبيعية المنبت، لا قدرة لقوة ما في العالم على اجتثاثها وهذا ما ينطبق تماما على فلسطين الشعب، فلسطين الأرض، فلسطين الجنة المقدسة.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى