مقالات

مجلس وطني فلسطيني انتقالي.. دعوة لانتحار جماعي للشعب الفلسطيني

مجلس وطني فلسطيني انتقالي.. دعوة لانتحار جماعي للشعب الفلسطيني

شعاع نيوز – الكاتب: موفق مطر – أفشلت قيادة الشعب الفلسطيني الوطنية ذات الشرعية النضالية والديمقراطية محاولاتهم لإنشاء بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، فقد أجهض الشعب الفلسطيني حملهم اللاشرعي، وأسقط أجنتهم المسخ، رغم الرعاية الفائقة والمساندة اللامحدودة لمؤتمراتهم التي عقدت تحت مظلة عواصم أنظمة عربية وأجنبية ودول ذات نفوذ إقليمي قوي.

وغاظتهم قدرة القيادة الوطنية الفلسطينية وإصرارها على إسقاط صفقة القرن، ووعد بلفور الثاني (دونالد ترامب)، وتمسكها بالثوابت الوطنية، والتفاف الوطنيين الأقحاح حول رئيس الشعب الفلسطيني قائد حركة تحرره الوطنية، والمضي معه لوضع المصالح العليا للشعب الفلسطيني فوق كل اعتبار، غاظهم الأمر وحقدوا، وخابت تقديراتهم حول تأصل الوطنية الفلسطينية، ومكوناتها الثقافية والسياسية الضاربة في أعماق أرض الوطن المقدسة فلسطين، لأنهم ما كانوا يرونها إلا على صورة حالتهم كجماعات وتنظيمات تابعة! بلا منهج أو فكر وطني، فاقدة لمعنى الاستقلالية والفهم العميق للمصالح الوطنية العليا، سيرتهم دول إقليمية وقوى خارجية وسخرتهم ووظفتهم، ولم ينتبهوا لانتهاء صلاحيتهم المكتوبة سلفا في سجلات (الفوضى الخلاقة) إلا بعد فوات الأوان، فبدأوا العبث!.

تغيرت حدود الجغرافيا السياسية التي كانوا يتحركون خلالها بحرية، وحوصروا سياسيا وقانونيا اثر وضع مرجعياتهم (الإخوانية) في قوائم الارهاب، فسلخوا جلودهم على مسارح الإعلام والتواصل والدعاية، كمشخص يمثل دورا أمام العدسات، لكنهم ظلوا متمسكين بنكران الوطنية الفلسطينية، ورموزها السياسية، حتى أنهم وصفوا منظمة التحرير الفلسطينية بالجثة، ولم يقروا ويعترفوا بها ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني، رغم إقرار واعتراف العالم كله دون استثناء، بما فيه منظومة الاحتلال والاستيطان والعنصرية (إسرائيل) الغاصبة لأرض الوطن فلسطين.

خدعوا الشعب الفلسطيني بروايات وبيانات وتصريحات، لتبرير تحولاتهم الشكلية المفاجئة في المسارات السياسية، الواقعية والعقلانية، فانطلى الأمر على نسبة من الشعب، ضللت بخطاب أصولي وصولي، فظنت النسبة بجديتهم، اتقاء ودرءا لخسائر فادحة أوقعتها فيهم سياساتهم وأفعالهم وأعمالهم العبثية التي نعتوها بالمقاومة، لكنها في الحقيقة لم تكن إلا مقاولة أهدوا خلاصتها الدموية لقادة ورؤوس وزعماء دول إقليمية، وقبضوا قيمة فاتورة دماء الشعب الفلسطيني المهدورة بلا مقابل.

عجزوا عن تفكيك الكيان السياسي، والنظام السياسي أيضا للشعب الفلسطيني (منظمة التحرير الفلسطينية) وأدركوا استحالة تحويل الاختلافات والخلافات بين مكونات هيكلها التنظيمي (الفصائل والمستقلين) إلى انقسام عمودي، فعلموا وباليقين والتجربة أن الخلاف حول التكتيك السياسي لا يمكن أن ينسحب ليصبح خلافا على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، وبأنها جزء من المقدسات الفلسطينية، لا يجوز بأي شكل كان المساس بوجودها وحضورها، لأن من شأن ذلك المساس بوجود ومصير الشعب الفلسطيني الذي أدرك العاجزون هؤلاء استحالة شرخه وتقسيمه بقوة انقلابهم القائم منذ خمس عشرة سنة، انقلاب الذي ما كان لمجرد الاستحواذ على السلطة وحسب، بل خدمة تاريخية للمنظومة الصهيونية الناكرة أصلا لوجود شعب فلسطيني، بهوية وثقافة وطنية، وكيان سياسي واحد.

اليوم وبعد فشلهم وعجزهم في المهمات الموكلة اليهم، وعبثهم المدمر بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل، ابتدعوا فكرة المؤتمرات الشعبية في الخارج والوطن أيضا التي أفشلها الشعب الفلسطيني بفضل وعيه الوطني، وذهبوا إلى حد المطالبة بإنشاء مجلس وطني فلسطيني انتقالي مؤقت، وبذلك يحققون حلم ائتلاف نتنياهو الثلاثي الفاشي العنصري، في تلاشي منظمة التحرير الفلسطينية، التي اعترفت بها حكومة إسرائيل في عهد إسحاق رابين باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبذلك تتخلص حكومة نتنياهو من هذا الاعتراف، بعد اغتيالها الممنهج لاتفاق أوسلو.

هم يعرفون أن منظمة التحرير الفلسطينية تمثل كل فلسطيني أينما كان، وأنهم موجودون في المجلس الوطني الحالي، باعتبار أن أعضاء المجلس التشريعي أعضاء في المجلس الوطني، فهذا الشعب ناضل وضحى لانتزاع قرار من العالم للاعتراف بهذا المجلس كبرلمان للشعب الفلسطيني، واللجنة التنفيذية كحكومة للشعب الفلسطيني في القرار الأممي قرار رقم 67‏/19 بتاريخ 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012.. ونعتقد أن من يطالب بمجلس وطني مؤقت، إنما يسعى لنسف مكانة فلسطين القانونية في القانون الدولي, لعل هذه الفقرة من القرار توضح ما نقصد: “أن الجمعية العامة.. وإذ تشير أيضا إلى قرارها 43/177 المؤرخ 15 كانون الأول/ ديسمبر 1988 الذي اعترفت بموجبه، في جملة أمور، بإعلان دولة فلسطين الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1988، وقررت أن يستعمل اسم ”فلسطين” بدلا من اسم ”منظمة التحرير الفلسطينية” في منظومة الأمم المتحدة، دون المساس بمركز المراقب لمنظمة التحرير الفلسطينية ووظائفها في منظومة الأمم المتحدة، وإذ تضع في اعتبارها أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أنيطت بها، وفقا لقرار للمجلس الوطني الفلسطيني، سلطات ومسؤوليات الحكومة الموقتة لدولة فلسطين”.

على أصحاب الطلب والدعوة لإنشاء مجلس وطني انتقالي مؤقت أن يعلموا أن دعوتهم، لا يمكن اعتبارها إلا وصفة انتحار ذاتية لأربعة عشر مليون فلسطيني في الوطن والشتات، وليس لقوى وفصائل حركة التحرر الوطنية الفلسطينية وحسب.


اقرأ\ي أيضاً| نعم للوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام.. ولا لمجلس وطني فلسطيني انتقالي مؤقت

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى