شؤون عربية و دولية

دخول عمال النفط نطاق الاحتجاجات يحث إيران على الدعوة للحوار

شعاع نيوز-زاد انضمام عمال النفط، في عبدان وكانجان ومشروع بوشهر للبتروكيماويات، إلى الاحتجاجات مخاوفَ السلطات الإيرانية من إمكانية أن تتوسع هذه الاحتجاجات وتصعب السيطرة عليها، ودفعها إلى عرض الحوار على المحتجين واستعدادها لتصحيح الأخطاء.

وقال مراقبون إن احتجاج عمال النفط يعني أن الأمور قد بلغت مرحلة الخطر الذي لا يمكن السيطرة عليه بالخيار الأمني الذي اعتمدته السلطات، تماما مثلما حصل قبل أكثر من 40 عاما حين كان إضراب عمال النفط اللحظة الفارقة في انهيار نظام الشاه وسيطرة الخميني على السلطة.

وعرض غلام حسين محسني إيجئي، رئيس السلطة القضائية في إيران، إجراء حوار مع المعارضين، في ظل استمرار الاحتجاجات ضد الحكومة، في وقت يقول فيه المراقبون إن السلطة السياسية التي طالما وصفت هذه الاحتجاجات بالمؤامرة الخارجية وجدت أن لا حل لوقفها سوى فتح قنوات التواصل مع المحتجين.

ويعتبر المراقبون أن إيجئي لا يمكن أن يعرض الحوار على الخصوم بمبادرة شخصية؛ فهو أحد المقربين من المرشد الأعلى علي خامنئي، والمبادرة تعكس علامات قلق حقيقي داخل النظام أمام تطور الاحتجاجات، وكلمة رئيس السلطة القضائية هي بمثابة تنازل من سلطة كانت تعتقد أن الحل الأمني سينهي الاحتجاجات كما جرى في السابق.

وقال رئيس السلطة القضائية الاثنين “يجب أن يعلم المواطنون والجماعات السياسية أن لدينا أذنا نسمع بها الاحتجاجات والنقد، ونحن على استعداد للحوار”.

وبحسب موقع “دنيا الاقتصاد” الإخباري أقر إيجئي بأن النظام السياسي الإيراني قد تكون لديه أيضا “نقاط ضعف وعيوب”. وقال “مستعدون للاستماع إلى الاقتراحات وأيضا لا نتوانى عن تصحيح أي أخطاء”. ومضى قائلا “يجب، مع ذلك، التمييز بين الاحتجاجات السلمية وأعمال الشغب العنيفة”.

وحتى الآن تحدثت إيران عن مؤامرة من دول أجنبية وجماعات معارضة إيرانية مسلحة في ما يتعلق بالاحتجاجات التي استمرت قرابة شهر، وبدأت السلطات حملة قمع ضدها.

وكان المرشد الأعلى قد ندد بالاحتجاجات ووصفها بأنها “مؤامرة عميقة وواسعة وخطيرة جدا”. ونقل موقع خامنئي الإلكتروني الرسمي عنه قوله خلال اجتماع مع قوة الباسيج شبه العسكرية التي شاركت في قمع الاحتجاجات “الشعب الإيراني أحبط مؤامرة عميقة وواسعة وخطيرة جدا وظف لها الأعداء أموالا طائلة”، ما اعتبر آنذاك ضوءا أخضر للقوات الرسمية وشبه الرسمية لممارسة عنف أشدّ والقيام باعتقالات أوسع لوقف الاحتجاجات.

واندلعت احتجاجات أخرى الاثنين، حيث سُجّلت اعتصامات طُلّابيّة وإضرابات عمّالية على الرغم من حملة القمع التي يقول نشطاء إنها أسفرت عن سقوط العشرات من القتلى وإيقاف المئات من المحتجين.

وأشارت تسجيلات فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تنظيم احتجاجات في نقاط مختلفة من العاصمة طهران وغيرها من المدن في الأيام الأخيرة، وقد تخلّلها قيام نساء بحرق أحجبتهن وإطلاق هتافات مناهضة للنظام الإيراني.

وبدأت الاضطرابات قبل أكثر من ثلاثة أسابيع على خلفية وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما في المستشفى، إثر توقيفها في طهران من قبل شرطة الأخلاق بتهمة انتهاك قواعد لباس المرأة الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

ويقول نشطاء إن أميني تعرّضت للضرب خلال توقيفها، وهو ما لم تؤكده السلطات الإيرانية التي أمرت بفتح تحقيق، علما بأن هيئة الطب الشرعي الإيرانية أفادت بأن الوفاة على صلة بتداعيات خضوعها “لعملية جراحية لإزالة ورم في الدماغ في سن الثامنة”.

وأظهرت مشاهد تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، ولاسيما موقع “إيران واير” الإخباري، طالبات في جامعة الزهراء للإناث بطهران يطلقن هتافات مناهضة للنظام في حرم الجامعة خلال الزيارة التي أجراها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى المكان السبت.

وفي جامعة أزاد في طهران طلى طلاب أيديهم باللون الأحمر تنديدا بحملة القمع التي تواجه بها السلطات الاحتجاجات، وفق مشاهد تم تداولها.

وأفادت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء “إرنا” بأن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع “لتفريق حشود في العشرات من مواقع طهران”، مشيرة إلى أن المتظاهرين “أطلقوا هتافات وأحرقوا ممتلكات عامة وألحقوا بها أضرارا، بما في ذلك كشك للشرطة”.

وسُجّلت مؤشرات تدل على وجود إضرابات عمّالية، ونشرت وسائل إعلام فارسية خارج إيران مقاطع مصورة تظهر عمّالا مضربين يحرقون الإطارات أمام مصنع للبتروكيماويات في عسلويه جنوب غرب إيران.

وأفادت “منظمة حقوق الإنسان في إيران” بأن عمّالا قاموا بقطع الطرق هناك، كما وردت تقارير عن إضرابات في مصاف نفطية في آبادان الواقعة غرب إيران وفي كنكان الجنوبية.

وحجزت السلطات الإيرانية جواز سفر لاعب كرة القدم السابق علي دائي، أحد أبرز الأسماء في تاريخ المنتخب الوطني، وذلك لدى عودته من الخارج، على خلفية انتقاده تعاملها مع الاحتجاجات، وفق تقارير إعلامية.

ويقول محلّلون إن الاحتجاجات التي تشهدها إيران متعدّدة الأوجه (مَسيرات في الشوارع، إضرابات طُلابية، تحركات فردية…)، وهو ما يصعّب على السلطات عملية قمعها.

ومن شأن ذلك أن يجعل منها أكبر تحد تواجهه السلطات منذ تحرّكات نوفمبر 2019 التي نظّمت احتجاجا على ارتفاع أسعار الطاقة وقُمعت بشكل دموي.

والسبت اخترق نشطاء في جماعة “عدالة علي” بثّا إخباريا مباشرا للتلفزيون الحكومي، ووضعوا إشارة تصويب وألسنة لهب على وجه المرشد الأعلى للجمهورية.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى