شؤون عربية و دولية

تحديات عاصفة تواجه رئيس سريلانكا الجديد

شعاع نيوز: يواجه رئيس سريلانكا الجديد رانيل ويكرمسينغه، عدداً من التحديات على طريق استعادة الديمقراطية وتشكيل حكومة تضم جميع الأحزاب.

وقال خبراء في أحاديث متفرقة للأناضول، إن “استعادة الديمقراطية وتشكيل حكومة تضم جميع الأحزاب بمثابة حاجة ملحة في سريلانكا التي ضربتها أزمة عارمة دفعت رئيسها السابق إلى الهرب في خضم تدهور للوضع الاقتصادي.

وأدى ويكرمسينغه في يوليو/تموز الماضي، اليمين الدستورية كرئيس جديد للبلاد، التي تعاني من أسوأ أزماتها المالية.

وبسبب نقص احتياطيات النقد الأجنبي بعد انهيار اقتصادها المعتمد على السياحة، تخلفت الدولة التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة عن سداد جميع ديونها الخارجية.

ولم تتمكن الحكومة السريلانكية من دفع ثمن الطعام والوقود والضروريات الأخرى، في ظل نقص حاد للوقود أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة.

وترك الرئيس السابق غوتابايا راغاباكسا منصبه وهرب خارج البلاد، في أعقاب خروج متظاهرين مناهضين للحكومة إلى شوارع العاصمة كولومبو، واقتحامهم مقر إقامته.

وعلى خلفية هذه الأحداث، شدد خبراء للأناضول على أنه يتعين على المسؤولين الحاليين في البلاد اتخاذ عدة خطوات لاحتواء الاحتجاجات المستمرة منذ نحو 100 يوم.

ويطالب المتظاهرون بدستور جديد وانتخابات نزيهة خلال عام وتقليص السلطات التنفيذية للرئيس.

التحديات المقبلة
وقال المحلل السياسي في سريلانكا، جاياديفا أويانغودا، للأناضول عبر البريد الإلكتروني، إن الرئيس الحالي ويكرمسينغه لديه أولويتان وتحديان مباشران.

وأوضح أن التحدي الأول “هو تشكيل حكومة من جميع الأحزاب دون تمثيل أحادي للحزب الشعبي لسيرلانكا بودوجانا بيرامونا الذي كان يقوده راغاباكسا”.

وأشار إلى أن التشكيل المتساوي للأحزاب في الحكومة المقبلة “شرط مسبق لاستعادة قدر من المصداقية والشرعية لقيادته كرئيس”.

وأضاف أن التحدي الثاني هو “وضع إطار للسياسة العامة لتقديمه إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والدائنين الدوليين، بحيث لا ينقل عبء التعافي الاقتصادي إلى الفقراء والطبقات الوسطى”.

وتابع: “سريلانكا تواجه أزمة ثلاثية: اقتصادية وسياسية واجتماعية”، مشيرا إلى أن الشعب “لا يعتقد أن الرئيس الجديد ورئيس الوزراء دينيش جوناوردينا يتمتعان بقدر كبير من المصداقية”.

وتتبع سريلانكا نظامًا شبه رئاسي، وهو مزيج من النظام الرئاسي والنظام البرلماني.

ويعد رئيس سريلانكا هو رأس الدولة، بينما يقود نائبه رئيس الوزراء الحزب الحاكم في البرلمان، كما يتقاسمان العديد من المسؤوليات التنفيذية.

وأردف أويانغودا: “ما يجب عليهما فعله هو وضع الأساس لحكومة ديمقراطية، وبدء نهج جديد من شأنه حل المشكلات في إطار شامل وديمقراطي وصديق للشعب”.

وفند أويانغودا الإجراءات المستقبلية المطلوبة في البلاد قائلا: “ينبغي أن يكون هناك استعادة للديمقراطية، وإقامة نظام شفاف يخضع للمساءلة، وتنفيذ برنامج دعم اجتماعي للفقراء والأسر ذات الدخل المنخفض، فضلا عن استعادة ثقة الجمهور وشرعية الحكومة والطبقة السياسية”.

وشدد أيضا على ضرورة اتباع سياسة خارجية لا تسمح “للقوى العالمية والإقليمية بفرض شروط على الحكومة والشعب، أو اختطاف مستقبل الشعب المجهول وسط الأزمة التي تبدو غير قابلة للحل”.

غياب الدعم الشعبي
من جهته، رأى راميش راماسامي، عضو هيئة التدريس في قسم العلوم السياسية بجامعة بيرادينيا في سريلانكا، للأناضول، أن الرئيس الجديد وحكومته “يواجهان مقاومة ورفضا بين الناس”.

وقال عبر البريد الإلكتروني، إنه من الواضح “أن الحكومة ليس لديها دعم شعبي، وأن الرئيس يعتمد بشكل كامل على دعم حزب راغاباكسا من أجل البقاء”.

ودعا راماسامي، رئيس سريلانكا ويكرمسينغه إلى إظهار “استقلاليته”.

وتابع: ” يجب أن يثبت أنه مستقل من خلال أفعاله لكسب ثقة الناس، حتى يعطيه الناس فرصة لإنعاش الاقتصاد وإعادة الاستقرار السياسي”.

يشار إلى أن ويكرمسينغه قال في يوليو الماضي، إنه “صديق للناس” و”ليس صديقًا” لعشيرة راغاباكسا.

وفي السياق، شدد راماسامي على أن المخرج الوحيد للأزمة في سريلانكا “هو إجراء انتخابات جديدة تعطي تفويضًا جديدا لحزب سياسي حتى يحكم البلاد”.

وأردف: “كان هذا مطلب الجمهور والمتظاهرين والأحزاب السياسية المعارضة. فقط من خلال الانتخابات الجديدة، يمكن معالجة الاضطرابات الحالية وسيبدأ الناس في الثقة بالحكومة الجديدة”.

بدورها، كشفت ثياجي روانباثيرانا، وهي باحثة منظمة العفو الدولية ومقرها كولومبو، عن افتقار الرئيس إلى الدعم الشعبي ودعم المعارضة.

وتساءلت في حديثها للأناضول: كيف سيتمكن من تنفيذ إجراءات تقشف لا يقبلها الشعب، وتوفير ضمانات لاستقرار السياسة بناء على متطلبات صندوق النقد الدولي دون حكومة تضم جميع الأحزاب”.

وأضافت أن كثيرين يرون أن الرئيس الجديد يعمل “بالوكالة نيابة عن راغاباكسا”.

ووفقًا لروانباثيرانا، لا يعبر البرلمان الحالي عن الشعب، مشددة على أنه “لا مفر” من عقد انتخابات جديدة.

وأردفت: “يحتاج البرلمان إلى الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة، ويفضل أن يكون ذلك خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة”.

وتابعت: “يجب الإسراع في مفاوضات إعادة هيكلة الديون وإعداد ميزانية مؤقتة بما يتماشى مع المخاوف التي أشارت إليها المؤسسات المالية الدولية، مع التركيز خلال المفاوضات على الفئات الاكثر ضعفا”.

وتعاني سريلانكا منذ أشهر نقصا حادا في الغذاء والوقود والأدوية، وهي أسوأ أزمة منذ استقلالها عام 1948، بعد أن أدت جائحة كورونا إلى انخفاض كبير في عائدات السياحة وتحويلات المغتربين.

كما تواجه البلاد المثقلة بالديون أوضاعا متفاقمة، ناتجة عن ارتفاع خدمة الدين وتراجع المداخيل المالية الناجمة عن تأثير الوباء، وعجز عن الاستيراد لعدم توفر النقد الأجنبي.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى