مقالات

مخطط سموتريتش لإلغاء وجودنا كشعب.. ما هو الرد؟

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – في البداية علينا ان ندرك ان ما اعلنه وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش، هو الهدف الصهيوني الحقيقي منذ تأسيس الحركة الصهيونية ولا يزال، والذي يدعمه معظم الإسرائيليين، ويعيد ويكرر فيه الفكرة الصهيونية ذاتها بأن لا وجود للشعب الفلسطيني، وانهم عرب وجدوا بالصدفة على “أرض إسرائيل”، وان الحديث عن وجود شعب فلسطيني له طموحات وطنية هو امر مخترع ومفتعل وليس حقيقيا. وهنا يستنتج سموتريتش ان لا مكان فوق “ارض إسرائيل” لطموحين قوميا، وان هذه الارض هي فقط لتلبية طموح الشعب اليهودي”، وبالتالي حل الدولتين هو امر مرفوض بتاتا ولم يكن حلا عمليا في اي يوم.

وبعد ان يكرر سموتريتش الأكاذيب الصهيونية والإسرائيلية، حول رفض الفلسطينيين لجميع الحلول، وتقسيم البلاد، فهو يخير الشعب الفلسطيني ويقول لهم: امامكم خياران، الأول- من يتخلى من الفلسطينيين عن طموحاتهم الوطنية فسيكون مسموحا لهم البقاء كأفراد، كسكان وتعطيهم دولة إسرائيل الحق بالعيش فيها، وثانيا- من يتمسك بطموحاته الوطنية فليذهب الى الدول العربية وهناك يمكن أن يلبي طموحاته القومية العربية. وبعد ان يقوم بحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير، يعرض سموتريتش ان يكون للسكان في المدن بلديات تدير شؤونهم، ولا يحق لهم التعبير عن وطنيتهم او اي من رمزياتها.

ما يتحدث عنه سموتريتش يجري تنفيذه، ومن وجهة نظري منذ ان تم اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي رابين عام 1995، على يد امثال هذا المتطرف، كي يتخلصوا من اوسلو ومن اي احتمال ضئيل قد يوصل الى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967.

ومنذ ذلك التاريخ، فإن كل ما تقوم به إسرائيل هو تدمير منهجي لفكرة الدولة الفلسطينية. سموتريتش كعادة كل الصهيونيين يبرر سياسته العنصرية عبر قصص التوراة، ورواية صهيونية تغيب التاريخ الحقيقي وتغيب تاريخ وماضي فلسطين والشعب الفلسطيني، وعبر ابراز ان الفلسطينيين عدميون رفضوا كل الحلول الوسط، وان هدفهم تدمير إسرائيل، متناسيا ان منظمة التحرير الفلسطينية قد اعترفت ضمن رسائل متبادلة عام 1993 بدولة إسرائيل. وهذه الأخيرة اعترفت بالمنظمة ممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني.

ولكي لا يخدعنا احد ويقول ان سموتريتش يغرد باسم المتطرفين، فقبل ايام فقط قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو انه يجب تدمير فكرة الدولة الفلسطينية. بمعنى ان حديث سموتريتش هو موقف غالبية الإسرائيليين كما سبقت الاشارة له، بل انه السياسة الحقيقية للمؤسسة الرسمية الإسرائيلية أمنية كانت ام سياسية، وان الفوارق بهذا الشأن تتعلق بتنفيذ ذلك بسرعة وبشكل علني وواضح، او ان يجري تنفيذها على مدة اطول وبهدوء كي لا تثير إسرائيل المجتمع الدولي.

وكما يقول سموتريتش نفسه في مشروعه بأن ما يقدمه اليسار الإسرائيلي للفلسطينيين لن يلبي طموحهم بمعنى انه أقل من دولة وأوسع قليلا من حكم ذاتي، لكن في الجوهر هو حكم ذاتي لن يصل بأي حال الى دولة مستقلة.

اعاد سموتريتش الصراع عمليا الى مربعه الأول منذ ان وطئت اقدام الصهيونية هذه الأرض الفلسطينية وقالوا: إما نحن وإما هم، وكأن شيئا لم يحدث طوال اكثر من مائة عام، وخصوصا بعد ان اثبتت التجربة انه من المستحيل الغاء وجود الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقه في تقرير المصير فوق ارض وطنه.


اقرأ|ي أيضاً| هآرتس: سموتريتش يغير وجه الاستيطان بالضفة الغربية


في ثمانينيات القرن العشرين ومطلع التسعينيات، وخاصة مع الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى، نضجت لدى الطرفين فكرة القبول بالاخر، وهي الحالة، والى جانب ظروف أخرى، ادت الى اتفاقيات اوسلو.

اليمين الإسرائيلي بكل اطيافه رفض هذه الاتفاقيات وقرر قتل رابين وقتل معه حالة النضوج المشار اليها وهو اليوم يتوج عملية القتل بإعلان سموتريتش الصريح للعودة الى فكرة الغاء وجود الشعب الفلسطيني…
ما العمل فلسطينيا؟

علينا ألا نقلل للحظة من خطورة اعلان سموتريتش وإدراك انه المخطط الحقيقي لإسرائيل، التي بات يسيطر عليها اليمين المتطرف. ونحن نثبت هذه الحقيقة علينا ان نكون هادئين رابطي الجأش نفكر بعيدا عن ردات الفعل، التي يرغب بها سموتريتش وجماعته، واولى الخطوات ان نتخلص من النعرات الفصائلية والفئوية بكافة أشكالها، ان نتخلص من الأجندات الخاصة ونعيد توحيد أنفسنا بشكل وثيق وعلى أسس ديمقراطية حقيقية.

وفي اجواء بعيدة عن الانفعال والمزايدات والتخوين نفكر معا بخطة عملية قابلة للتتفيذ لضمان صمود الشعب الفلسطيني على ارضه. نتفق على شكل المقاومة وحدودها، نتفق على التوجه السياسي الاستراتيجي والمتحرك. كل ذلك بموازاة انشاء جبهة عربية مساندة لها امتداد دولي قوي.

بعد اكثر من مائة عام من الصراع، لدينا ثقة بأن الغاء وجود الشعب الفلسطيني هو أمر يجافي التاريخ والواقع، من يؤمن في الطرف الآخر بهذه الحقيقة نمد له يدنا ونتعاون نحن لسنا عدميين وقدمنا تنازلا ثقيلا عندما وافقنا على حل الدولتين.

لم نكن نتوقع ان يطرح امثال سموتريـتش فكرة الدولة الواحدة، لأنه هو وهم يرفضون مبدأ وجودنا، لكن اذا اتفقنا على طرح الدولة الواحدة يجب ان تأيده غالبية واضحة، واذا تمسكنا بحل الدولتين الذي لا يزال جزء كبير من المجتمع الدولي يؤيده، فعلينا ان نتمسك به ونخوض ونحن ومن يؤيده صراعا مع سموتريتش واشكاله من المتطرفين، المهم ان نكون على موقف واحد.

ساعة الحقيقة تدق بسرعة فإما نكون أو لا نكون وليس لدينا خيار سوى ان نكون وبقوة وحضور شامل في كل الساحات.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى