شؤون عربية و دولية

غضب يجتاح الغرب بعد الضم الروسي للمقاطعات الاوكرانية

بوتين يضغط لعقد صفقة مع روسيا

شعاع نيوز-ترسم صحيفة نيويورك تايمز صورة من الغضب التي اجتاحت الغرب بعد إعلان روسيا ضم أربع مقاطعات أوكرانية إليها هي زابوروجيا، خيرسون، دونيتسك ولوغانسك، لكنها لا تستبعد ازدياد الضغوط على أوروبا لعقد صفقة مع روسيا.

ويرى الكاتب توماس ل. فريدمان بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعمل من خلال ضم أجزاء من أوكرانيا على تحويل روسيا إلى نسخة أخرى من كوريا الشمالية، ستكون دولة مصابة بجنون العظمة ومعزولة، ولكن على عكس كوريا الشمالية، فإن النسخة الروسية التي ستكون ممتدة على 11 منطقة زمنية – من المحيط المتجمد الشمالي إلى البحر الأسود ومن حدود أوروبا إلى حدود ألاسكا – ستكون أيضا معززة بالآلاف من الرؤوس الحربية النووية.

يرى الكاتب أن روسيا لن تكون مجرد تهديد جيوسياسي بل ستلحق الضرر بنفسها ولن تبقى موردا موثوقا للطاقة في العالم على المدى الطويل.

ويعتبر فريدمان أن ضم أجزاء من أوكرانيا قد يكون محاولة من بوتين للتوصل إلى تسوية تفاوضية مناسبة. وسيكون من غير المفاجئ إذا أعلن قريباً عن استعداده لوقف إطلاق النار واستعداده لإصلاح خطوط الأنابيب واستئناف شحنات الغاز إلى أي دولة مستعدة للاعتراف بضم روسيا لأجزاء من أوكرانيا.

ويمكن لبوتين بعد ذلك أن يدّعي لقاعدته القومية أنه حصل على شيء ما مقابل حربه، حتى لو كانت باهظة الثمن وهو الآن جاهز لوقفها، لكنه سيواجه هناك مشكلة واحدة فقط وهي أنه لا يسيطر فعليًا على كل الأراضي التي يقوم بضمها وهذا يعني أنه لا يمكنه تمرير أي صفقة حتى يتم طرد الأوكرانيين من جميع الأراضي التي يطالب بها الآن وإلا فإنه سيتنازل عما يعتبره أرضا روسية ذات سيادة.

ويذهب الكاتب إلى القول إنه ومن خلال مطالبة بوتين بأراض لا يسيطر عليها بشكل كامل، تبرز خشية بأنه يضع نفسه في زاوية قد يشعر ذات يوم أنه لا يمكنه الخروج منها إلا بسلاح نووي.

ثم يضيف الكاتب أن بوتين يجر أوكرانيا وحلفاءها الغربيين نحو مواصلة الحرب في الشتاء عندما تكون إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا مقيدة ويمكن أن تكون الأسعار فلكية، فهل ستتنازل أوكرانيا والغرب ويعقدون صفقة قذرة مع بوتين لوقف حربه؟ أم أن أوكرانيا والغرب ستواجهانه بشكل مباشر من خلال الإصرار على عدم حصوله على أي إنجاز من هذه الحرب والتمسك بمبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة؟

ويدعو الكاتب إلى عدم الانخداع لأنه سيكون هناك ضغط داخل أوروبا للتنازل وقبول عرض بوتين الذي يريد تقسيم التحالف الغربي والخروج بانتصار يحفظ ماء الوجه.

لكن هناك خطرا آخر على المدى القصير بالنسبة لبوتين إذا لم يتنازل الغرب للتوصل إلى اتفاق معه، بل قام بإرسال المزيد من الأسلحة والمساعدات المالية لأوكرانيا، فهناك احتمال أن ينهار جيش بوتين.

لكن الكاتب يستدرك بأن هذا ما لا يمكن التنبؤ به.

أما الواضح الآن فهو وجود ديناميكية ستدفع روسيا أكثر نحو نموذج كوريا الشمالية، انطلاقا من قرار بوتين قطع معظم إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا الغربية.

لكن لذلك مخاطر على روسيا نفسها، إذ إنها أصبحت مورداً غير موثوق به أبداً حتى بين بعض أقدم وأفضل عملائها ومنهم ألمانيا وجزء كبير من دول الاتحاد الأوروبي، فهؤلاء جميعًا يبحثون الآن عن إمدادات بديلة طويلة الأجل للغاز الطبيعي وبناء المزيد من مصادر الطاقة المتجددة.

ويشير الكاتب إلى مصادر للغاز قد تكون بديلة عن روسيا فيقول: “سيستغرق الأمر من سنتين إلى ثلاث سنوات حتى تبدأ شبكات الأنابيب الجديدة القادمة من شرق البحر المتوسط والغاز الطبيعي المسال القادم من الولايات المتحدة وشمال إفريقيا في استبدال الغاز الروسي على نطاق واسع”.

ولكن عندما يحدث ذلك وعندما تزداد إمدادات الغاز الطبيعي في العالم بشكل عام للتعويض عن فقدان الغاز الروسي ومع ظهور المزيد من مصادر الطاقة المتجددة فقد يواجه بوتين تحديًا اقتصاديًا حقيقيًا.

حينها قد يستمر عملاؤه القدامى بشراء بعض الطاقة من روسيا، لكنهم لن يعتمدوا بشكل كامل على روسيا مرة أخرى، وسوف تضغط عليه الصين للحصول على تخفيضات كبيرة.

باختصار، يعمل بوتين على تآكل أكبر مصدر وربما مصدره الوحيد للدخل المستدام طويل الأجل، بينما يؤدي الضم غير القانوني لمناطق من أوكرانيا إلى استمرار العقوبات الغربية على روسيا أو حتى تسريعها، الأمر الذي سيؤدي إلى الإسراع في تحويل روسيا إلى وضع الدولة الفاشلة.

ويختم الكاتب بدعوة الزعماء الغربيين أن يكونوا أذكياء وأقوياء، فلربما لم يترك لنا بوتين أي خيار سوى تعلّم كيفية التعايش مع كوريا الشمالية الروسية حيث سيكون العالم أكثر اضطراباً.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى