مقالات

مؤتمر “مالمو”..نكبة في ذكرى النكبة

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – سؤال كبير للذين ينوون عقد ما يسمى “مؤتمر العودة” في مدينة مالمو السويدية، من الذي يمول عقد مؤتمركم هذا؟ تذاكر السفر، والفنادق ووجبات الطعام، واستئجار القاعات؛ لأن المعروف في عالم السياسة، قل لي من يمولك أقل لك من أنت؟!! ربما لا نحتاج كثيرا من التفكير فالممول أو الممولون هم ذاتهم ممولو الانقسام الفلسطيني، ومن ينظم المؤتمر ما هو إلا أداة ومعول هدم مأجور. قد يكون البعض ممن يحضر المؤتمر حسن النية. ربما يكون غاضبا أو ناقما، ولكن حتى حسنيي النية هؤلاء هم أشخاص وافقوا على أن يغرر بهم ويكونوا شركاء في مزيد من شق الساحة الفلسطينية وشرذمتها.

قد تكون منظمة التحرير الفلسطينية ليست في أحسن أحوالها، ولكن هل هدمها وإضعافها أكثر فأكثر هو الحل. ومن هو المستفيد من شطب الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي صفة حصلت عليها المنظمة بشق الأنفس وبثمن غالٍ جدا من الكفاح والشهداء والأسرى، وهي ليست مظلة وحسب إنها رمز وحدة الشعب الفلسطيني حول هدف التحرير والعودة والاستقلال…وهل نختلف على هذه الأهداف لكي نفكر في اختراع جسم انشقاقي جديد؟

من الواضح أننا لا نحتاج البحث كثيرا في هوية أداة الهدم، فهي ذاتها التي قامت بالانقلاب في قطاع غزة وتقف خلف الانقسام المستمر منذ عام 2007، هذه الأداة، أي حماس، منذ تأسيسها في عام 1988، وهي تطرح نفسها بديلا لمنظمة التحرير الفلسطينية، أي أن الأمر ليس جديدا، لقد حاول الرئيس الراحل ياسر عرفات بشتى السبل ضمهم للمنظمة، ومنحهم في حينه 40% من مقاعد المجلس الوطني ورفضوا ولم تكن المنظمة حينذاك قد وقعت اتفاقيات أوسلو. وفي السياق نفسه رفضت حماس الانضمام للقيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة الأولى وبقيت تمثل شرخا في الشارع الفلسطيني المنتفض، استغلته سلطة الاحتلال إلى أبعد الحدود.

وقد يكون البعض قد نسي أن حماس عندما قامت بانقلابها عام 2007، كانت هناك حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية، وهي الحكومة التي انبثقت عن اتفاق مكة المكرمة استنادا لوثيقة الأسرى، الأمر الذي يؤكد أن الانقلاب والانقسام كانا مبيتين لدى حماس وبدعم دول عربية وإقليمية، وهو الانقلاب الذي مثل فاتحة الفوضى الخلاقة في المنطقة.

ولو لم تكن إسرائيل راغبة بالانقلاب والانقسام لما حدث، وهنا ينفع التذكير أن شارون عندما قرر الانسحاب من جانب واحد من قطاع غزة، كان أحد أهم أهدافه فصل قطاع غزة عن الضفة ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة. وللتذكير أيضا إن دعم دول عربية وإقليمية لسيطرة حماس على قطاع غزة كان جزءا من مخطط أوسع يدعم سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على الحكم في مصر وربما في دول عربية أخرى، ودور حماس في الأحداث التي اندلعت في مصر في مطلع عام 2011 ودعمها للجماعة كان واضحا.

هذا المؤتمر استمرار لنهج الانشقاقات وشرذمة الشعب الفلسطيني، ومخطط مجنون لخلق بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، كل اتفاقات الحوار مع حماس أتاحت لهذا الفصيل الدخول للمنظمة والعمل من داخلها، لكن مشروع حماس لم يكن يوما مشروعا وحدويا، بل العكس تماما. فهذا التنظيم الإخواني الذي يختبئ وراء شعار المقاومة لم ولن يكون وطنيا يوما، بل هو بحكم تركيبته الآيديولوجية الإخوانية هو معاد للوطنية الفلسطينية، وربما من هذه الزاوية يعمل على تحطيم منظمة التحرير ليخلق بديلا يسيطر عليه الإسلام السياسي وجماعة الإخوان تحديدا، وهذا البديل الغرض منه ليس تحقيق أهداف المشروع الوطني الفلسطيني، وإنما لتصبح القضية الفلسطينية ورقة مهمة بيد جماعة الإخوان ومن يقف خلفهم.

بالتأكيد معظم من سيحضر المؤتمر هم محسوبون على حماس وتيارات الإسلام السياسي الأصولي، ولكن هل سأل الآخرون أنفسهم إذا كانوا هم جزءا من مشروع جماعة الإخوان؟

الحديث عن مؤتمر مالمو ومدى خطورته على القضية الفلسطينية، لا يمنع من الدعوة إلى عقد مجلس وطني جديد تسبقه محاولات جادة أخرى لإقناع حماس، بأن طريق الوحدة هو الأسلم، عبر المشاركة في المجلس الوطني وفي منظمة التحرير. صحيح أن حماس لا يمكن أن تغير جلدها الإخواني، ولكن لنحاول القول للغاضبين والناقمين إن مشروع حماس لا علاقة له بالمشروع الوطني وإنها تأخذهم معها إلى مربع الانقسام وإلحاق أفدح الأضرار بالقضية الوطنية.

لقد قررنا في السابق إجراء انتخابات رئاسية وانتخابات مجلس وطني حيث يمكن إجراؤها، ربما هناك حاجة للعودة والتحضير لانتخابات وممارسة كل أشكال الضغط على إسرائيل كي تسمح بأن يشارك المواطنون الفلسطينيون في القدس الشرقية بالانتخابات.

ولكن ليكن معلوما أن “مؤتمر مالمو” ليست له علاقة بمسألة الانتخابات وإجرائها، إنه عمل انشقاقي ممول من وكلاء الفوضى الخلاقة في المنطقة، فهذا المسار الشيطاني هو جزء من المخطط الأكبر لتفتيت الأمة العربية، فأي عودة يمكن أن تتحقق من وراء مؤتمر هو جزء من هذا المخطط الشيطاني.. لذلك السؤال الكبير من هو الممول؟ من هنا فإن هذا المؤتمر هو نكبة في ذكرى النكبة.


اقرأ|ي أيضاً| النكبة بين روايتين.. التغييب والاعتراف

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى