مثبت في الرئيسيةمقالات

“فتح” ومهمة الدفاع عن الوطنية الفلسطينية

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – ثمة حقيقة عايشت كل مراحل الصراع الفلسطيني مع المشروع الصهيوني وداعميه والمتواطئين معه. وهي أن الوطنية الفلسطينية هي المستهدفة، وأن لها أعداء أكثر مما يتخيل القارئ، لأنه بدون توحد الشعب الفلسطيني حول هويته الوطنية وبفعل هذه الهوية لن يكتسب مفهوم شعب، وإذا لم يكن كذلك فمن السهل تفكيكه ولا حقوق له بأرض.

الحركة الصهيونية في البداية وبهدف التنكر لوجود الشعب الفلسطيني قالت “أرض بلا شعب”، وعندما وجدت شعبا متماسكا ومتمسكا بأرضه التاريخية قررت تفكيكه، ومنع تكونه كشعب له هوية، وأن يبقى في أفضل الأحوال مجرد سكان أو لاجئين مشتتين في أنحاء العالم.

خلال نكبة العام 1948، دمرت إسرائيل المجتمع الفلسطيني وحولته إلى شعب لاجئ وجرى تقسيم الشعب إلى عدة فئات لا رابط بينها، أولا من بقوا داخل إسرائيل وأصبحوا من سكانها، ومن كان في الضفة، التي أصبحت جزءا من المملكة الاردنية، وبالتالي أصبحوا مواطنين أردنيين، أما من كانوا في قطاع غزة الذي أصبح تحت الإدارة المصرية، كانوا يحملون وثائق فلسطينية مصرية.

وبعد أن تم تفكيك الشعب الفلسطيني، واعتقدت إسرائيل وداعموها والمتواطئون معها أنهم نجحوا في تصفية فلسطين والقضية الفلسطينية، وأن كل شيء قد استتب لمصلحة المشروع الصهيوني، جاءت فتح وقامت بإطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965، أي مثل هذه الأيام قبل 59 عاما، وأعادت فتح لحم ما تم تفكيكه وقامت ببعث الهوية الوطنية وتوحيد الشعب الفلسطيني، وهو الإنجاز الأهم لحركة فتح وربما أهم إنجاز للحركة الوطنية الفلسطينية في تاريخها.

كل ما يجري هذه الأيام من تكالب لتصفية دور فتح ومنظمة التحرير من أطراف كثر يصعب تخيلهم للإنسان العادي، هو إنما يستهدف الوطنية الفلسطينية، الهوية الوطنية، لذلك كان الانقسام استمرارا لمخطط تفكيك الشعب الفلسطيني ومنع أن يكون له دولة. لقد انفضح دور نتنياهو وانفضحت سياسته في تقديم المال القطري لحماس في غزة، وقال في اجتماع مع كتلة حزب الليكود في صيف العام 2018، من هو ضد إقامة الدولة الفلسطينية عليه أن يقدم الدعم لحماس.

هذا الكلام ليس سرا وإنما هو منشور في وسائل الإعلام الإسرائيلية في حينه، والهدف منع وحدة الشعب الفلسطيني وإبقاؤه منقسما وبشكل عميق ليسهل تفتيت هويته الوطنية مجددا.

اليوم وعلى وقع اشتداد الحرب والعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة.

تعود الأطراف ذاتها لتساهم في ضرب الوطنية الفلسطينية، من خلال التشكيك بقدرة منظمة التحرير الفلسطينية على تمثيل الشعب الفلسطيني، إنهم يدركون أن المخطط الإسرائيلي ليس فقط تصفية حماس في غزة وإنما الهدف الأكبر هو تصفية منظمة التحرير لأنها هي وفتح من يمثل الوطنية الفلسطينية.


اقرأ\ي أيضاً| شعبية ” فتح ” بمعيار الانتماء والانجاز واستقلالية القرار الوطني !


والمشكلة أن أطرافا عربية ووسائل إعلام عربية تسهم عن وعي وإدراك أو بدون إدراك في المخطط الإسرائيلي، لأن شغلها الشاغل الإسهام في استمرار الانقسام، والتشكيك في منظمة التحرير الفلسطينية وفتح. مشهد اليوم يشبه إلى حد كبير ما سبق حصول نكبة فلسطين في العام 1948.

لذلك هناك ضرورة أن نتحلى كشعب فلسطيني بوعي كبير كي نمنع هذا المخطط، ولا سبيل في مواجهة ذلك إلا من خلال توحيد الصف، وإنهاء الانقسام، واستبعاد فكرة أن الواحد منا بديل للآخر، لأن المطلوب هو رأس كل الشعب الفلسطيني.

كل التطورات تقول لنا توحدوا، هناك خطر جدي لتهجير الشعب الفلسطيني في غزة.

وتفكيك قطاع غزة كمكون رئيسي من مكونات الدولة الفلسطينية، إذا نجحت إسرائيل في تفكيك القطاع لن يكون هناك دولة فلسطينية. كما أنها وما إن تنتهي من غزة فإن إسرائيل ستنتقل للضفة لتقوم بالشيء ذاته تمهيدا لتصفية القصية الفلسطينية.

لقد أعادت فتح في ستينيات القرن العشرين بعث الشعب الفلسطيني، وأعادت توحيده بأن يكون له هوية فلسطينية، السؤال هل سنهدر هذا المكسب الإستراتيجي، ونستجيب لمخطط تفكيكنا كشعب مجددا؟ إن مواجهة كل ذلك لا يتم إلا بالوحدة، فما أهمية الحديث عن اليوم التالي في غزة بعد الحرب إذا لم نكن موحدين.

علينا أن نفشل رهانات إسرائيل بأن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يوحد صفوفه، إن الوطنية الفلسطينية على المحك اليوم يجب أن ننتصر في معركة الهوية والوحدة، فهي معركة أن نكون أو لا نكون وفتح هي المؤهلة لانتزاع المبادرة مجدداً.

 

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى