مقالات

عندما يتم انتهاك الخط الأحمر الأخطر!؟

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – في نظر الغرب ما تم صباح يوم السبت الماضي في محيط قطاع غزة انتهاك الخط الأحمر الأخطر، ربما الأخطر في العالم. من هنا نرى ردة الفعل الهستيرية للغرب الاستعماري، وكأن يوم القيامة قد حل على البشرية. بالنسبة لهذا الغرب، أن يهدد أمن إسرائيل في العمق فعليك أن تدفع ثمنا باهظا، ثمنا يحفر في الذاكرة كي لا يجرؤ أحد على تكرار الانتهاك.

لا أريد أن أكرر كيف كانت ردات فعل واشنطن وردت فعل الدول الأوروبية، فالجميع يتابع الأخبار. إنذارات وتهديدات، نقل حاملات طائرات وأسلحة وذخائر ذكية وثقيلة، دعم مالي ولوجستي واستخباراتي ومستشارون وقوات خاصة، ويمكن أن يتدخلوا بشكل مباشر إذا دعت الحاجة، كل هذه القرارات تتم خلال ساعات محدودة، لا أريد أن أتحدث عن كل ذلك فهو شيء مرئي وملموس، ولكن للنظر ما الذي يجري للشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟ كيف قام الغرب وإلى جانب كل المساعدات بإعطاء إسرائيل ضوءا آخر مفتوحا لارتكاب الجرائم الوحشية والقيام بأبشع عملية تطهير عرقي عبر قصف الطائرات الحربية والقنابل والصواريخ الثقيلة وأمام نظر العالم كله؟

نحن لا نزال في الأيام الأولى للحرب والنتيجة كارثية على الصعيد الإنساني في قطاع غزة. تدمير أحياء كاملة ومسحها عن وجه الأرض، المواطنون الفلسطينيون في غزة يهيمون على وجوههم بلا مأوى وبلا أية حماية، ولا كهرباء ولا ماء، وإسرائيل تمنع تماما إدخال أي نوع من المساعدات. المهم أن نتخيل ما قد سيكون عليه الوضع بعد أسبوعين أو ثلاثة، إن ما نشهده هو عملية تطهير عرقي ومحاولة لإنهاء الوجود الوطني الفلسطيني في معادلة الشرق الأوسط.

الأخطر في كل ما يجري وبحجة القضاء على حماس هو القضاء على قطاع غزة بما كان عليه قبل الحرب. عملية تطهير عرقي وتشريد وتدمير كل أشكال الحياة في القطاع، إنه شيء أبشع مما جرى في نكبة العام 1948. كل هذا يتم بدعم غربي، دعم فيه إصرار على أن تنجز إسرائيل أهدافها، لقد حيدوا تدخل أي طرف ثالث وتركوا إسرائيل تمارس كل وحشيتها ضد المكان الذي تم منه انتهاك الخط الأحمر الأخطر في نظرهم.


اقرأ\ي أيضاً| إبادتنا.. لتغيير الشرق الأوسط!!


لم تعد مصطلحات تكفي لوصف الموقف الدولي، مثل ازدواجية المعايير أو النفاق والكيل بمكيالين، إن الوصف الوحيد لهم أنهم مجرمون بالقدر ذاته، لم نر ردة فعل واحدة ذات مغزى من هذا العالم تنتقد بشكل واضح جرائم إسرائيل، متناسين أن هذه الدولة هي بالأساس دولة احتلال وعدوان منذ عقود. الرسالة التي تريد واشنطن والغرب إرسالها هي أن من ينتهك أمن إسرائيل في العمق سيدفع ثمنا باهظا جدا.

عندما يستخدم الإسرائيليون مصطلحات مغرقة في عنصريتها مثل “حيوانات متوحشة”، “دواعش”، فهذا يعني تبرير الوحشية والبربرية الإسرائيلية، والقيام بعملية تدمير شاملة وممارسة سياسة الأرض المحروقة.

علينا أن نكون حذرين وبشكل مبكر، أن المخطط الإسرائيلي قد يمتد إلى ما هو أبعد من القطاع، أن تستغل تل أبيب هذا الدعم الأعمى لتحاول إنهاء الحالة الوطنية الفلسطينية برمتها. والمقصود هنا إخراج القضية الفلسطينية من المعادلة تماما كما جرى عام 1948، الرسالة التي يجب أن نرسلها للعالم أن من يحاول إسكات صوت الشعب الفلسطيني وإسكات قضيته بالقوة لن يفلح لأن الشعب له جذور عميقة في هذه الأرض وهي وطنه الوحيد والتاريخي ولن يسكت أحد صوته وسيبقى الشرق الأوسط ينزف والعالم ينزف إذا تم القفز عن الحقوق الوطنية الفلسطينية.

في هذه المرحلة على الدول العربية الشقيقة أن تقوم بما تستطيع توقف هذه الحرب وبكل ما لديها من وسائل ضغط أو على الأقل الحصول على تعهدات بألا يتم تشريد الفلسطينيين وتحييد المدنيين من الصراع. المشكلة أن العالم في هذه المرحلة قد أغلق أذينه وأغمض عينيه. هناك إصرار غربي لتكون رسالته واضحة لمن ينتهك هذا الخط الأحمر. المتعلق بإسرائيل.

على أية حال لا تزال الحرب العدوانية في بدايتها علينا الحذر بما يتعلق بتداعياتها على القضية الفلسطينية. إن ما يدور هو حدث كبير وخلال ذلك على الشعب الفلسطيني أن يواصل صموده وبقاءه على أرضه مهما كانت التضحيات. مرحلة صعبة وقاسية والفعل الأهم هو الحفاظ على رباطة الجأش والصمود، فالحرب طويلة وتحتاج إلى نفس طويل وتضامن وتكافل داخلي كبير وأن تكون رسالتنا واضحة مهما كان الثمن سيبقى الشعب الفلسطيني على أرض وطنه ولن يكرر ما جرى في نكبة عام 1948.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى