مثبت في الرئيسيةمقالات

خبراء عسكريون يجمعون المال على حساب الدم الفلسطيني

خبراء عسكريون يجمعون المال على حساب الدم الفلسطيني

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم –  في قنوات التلفزة العربية، والمقصود الإخبارية منها، تلجأ بكثرة للمحللين السياسيين والخبراء ومدراء مراكز بحث ودراسات.

وغالبا ما يكون هؤلاء مقربين من هذه القناة أو تلك ويدعمون أجندتها ويقومون بمساعدة القنوات على تسويقوها للمشاهدين والمتابعين، وهذه هي لعبة الإعلام.

وأمر طبيعي يتم استخدامه في كل مكان، وإن المهم في كل هذه اللعبة الإعلامية هو المشاهد ومدى قدرته على التمييز وإدراك ما يلائم مصالحه من هذه الأجندات، وعلى المشاهد أن يدرك أن المال يلعب دورا فيما يقوله المحللون أو الخبراء، فما يحرك هؤلاء في الغالب هو ما تدر عليه هذه الفضائيات من مال.

وأثناء الحروب أو المعارك يبرز نوع آخر من المحللين، هم المحللون والخبراء العسكريون أو المحللون الإستراتيجيون. وهؤلاء يتلقون مكافآت مالية وربما رواتب مرتفعة جدا من الصعب أن يتخيلها المشاهد العادي..

لماذا؟ الجواب بسيط إن هذا المال هو مقابل أن يقدم هذا الخبير العسكري أو “الإستراتيجي” تحليلا يتلاءم مع أجندة هذه القناة أو تلك.

على سبيل المثال، محلل عسكري يقدم تحليلا في قناة تلفزيونية عن الحرب الروسية الأوكرانية ويحاول إقناع المشاهد أن الجيش الروسي ثابت ويتقدم في المحاور، ومن ثم هو نفسه في قناة أخرى يقدم تحليلا وفي اليوم ذاته، أو في يوم آخر، أن الجيش الأوكراني في أفضل حالاته وأنه يحقق مكاسب على حساب الجيش الروسي. وهكذا الأمر في الأزمة السورية وغيرها.

في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لعب هؤلاء الخبراء العسكريون دورا لا يمكن وصفه إلا أنه مضلل ولا يكترث لدم الشعب الفلسطيني، ولا لمأساته ونكبته التي تحل به في قطاع غزة، وهم يبيعون المشاهد أوهاما، في حرب هم أكثر من يعلم أنها تفتقر لأي نوع من التوازن العسكري أو أي توازن آخر، ولا حتى من زاوية الإمكانيات، وأنها تقريبا تدور من طرف واحد يقوم بالفتك بالشعب الفلسطيني وبكل مقومات الحياة في غزة.

ولم يخجل هؤلاء من استخدام الغيبيات، مع أن الحروب هي علم عسكري وإستراتيجي بحت، وعلى سبيل المثال فقد لجأ أحد المحللين العسكريين الذي اكتسب شعبية هائلة في هذه الحرب على حساب الدم الفلسطيني والكارثة الإنسانية الفادحة، لجأ إلى استخدام الغيبيات ليدلل أن سلاح الجو الإسرائيلي لا أهمية له مهما كان فتاكا في تدميره لكل شيء في غزة، لأنه كما يقول الخبير العسكري العبقري يحلق تحت سقف رب العرش، وبالتالي رب العرش هو من يتحكم بالحرب، وذلك في محاولة لحرف الأنظار عن المجازر التي يرتكبها هذا الطيران، خصوصا وهو يستخدم قنابل يزن بعضها طنا.


اقرأ\ي أيضاً| نبض الحياة حرب الإبادة والانتخابات الرئاسية


المشكلة الأعوص أن بعض هؤلاء المحللين الذين يتلونون في تحليلاتهم حسب القناة وأجندتها، يتلاعبون بالمشاهد وعقله، بل يجردونه من الإنسانية لأنه يبقى منشدا لأوهامهم، ولا يأبه لاستشهاد عشرات الآلاف من شعبنا الفلسطيني ولا للجرحى الذين أصبح ثلثهم على الأقل باعاقات دائمة، ولا للأطفال والدمار والنكبة التي تحل بالشعب الفلسطيني.

والغريب أن معظم هؤلاء الخبراء لم يخوضوا في حياتهم معركة واحدة رغم أنهم يحملون رتبا عالية، والأكثر بشاعة أنهم، وحسب القناة، ينقلب في تحليله 180 درجة، فهم والقنوات يراهنون على طبيعة الإنسان العربي، فهو يرغب في أن يتعلق بالأوهام والأساطير أكثر من تعلقه بالواقع، خصوصا إذا كان الواقع مأساويا كما هو الحال في قطاع غزة.

ربما على المشاهد أن يسأل نفسه لماذا تدفع القنوات كل هذه المبالغ الطائلة لمثل هؤلاء الخبراء العسكريين؟ هل الهدف إظهار الحقيقة أم طمسها أو تغييبها على الأقل؟ والأخطر أن مهمة بعض القنوات هي أكثر من كونها التضليل، وإنما تخريب الوعي، وجعل المشاهدين وعقل المشاهدين رهينة لديهم، خصوصا المشاهد الذي يركض وراء سراب الأوهام، أو المشاهد الذي يشعر بالعجز ويريد التعلق بقشة الوهم، وأن ضحيتهم الأبرز هو المشاهد الأقل وعيا ومعرفة، وهؤلاء مع الأسف هم الأغلبية في الوطن العربي.

نعود للقنوات، هناك من كرس كل الوقت، للحرب في غزة، وكأن باقي العالم قد تجمدت أحداثه. طبعا هذا من حيث الشكل يبدو جيدا أن تكرس هذه القناة أو تلك نفسها وكل إمكانياتها الهائلة من أجل غزة ولكن إذا دقق المشاهد بالأمر فهي تكرس نفسها للقيام بمهمة تخدير الرأي العام، وتقوم عمليا بمساعدة إسرائيل لتأخذ الوقت الذي تحتاجه لتدميرنا، في حين تجعل المشاهد يعتقد أن نصرا مبينا يتحقق أو أن كل شيء بخير ما دام مقاتل يقتل جنديا إسرائيليا، وخلال ذلك تأخذ إسرائيل كل الوقت لممارسة أبشع جريمة في القرن.

المشكلة هي في أن المشاهد قد ترك هذه القناة أو تلك تشكل له وعيه وتسيطر عليه، ويعتقد أن كل ما تبثه هو الحقيقة الوحيدة، ولا يلاحظ أن المحللين العسكريين والسياسيين ما هم إلا موظفون في خدمة أجندة هذه القناة أو غيرها. إلى متى نترك عقولنا ووعينا رهينة لتلك القنوات..

وهنا أخاطب الشعب الفلسطيني تحديدا والشعوب العربية بشكل عام؟ كم مرة علينا أن نكرر نفس الأخطاء؟

 

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى