انقلاب إخواني على انتخابات المجلس الأعلى للدولة في ليبيا

شعاع نيوز – الكاتب: الحبيب الأسود – برزت أزمة جديدة في ليبيا، وهذه المرة في علاقة بانقلاب إخواني داخل المجلس الأعلى للدولة، حيث رفضت الجماعة الإقرار بفوز خالد المشري بانتخابات رئاسة المجلس، في مواجهة القيادي في حزب العدالة والبناء محمد تكالة.
انقلب تيار الإخوان المسلمين على نتائج انتخاب رئيس المجلس الأعلى للدولة بعد الإعلان عن فوز المنشق عن الجماعة خالد المشري أمام القيادي في حزب العدالة والبناء محمد تكالة الذي سعى إلى رفع الجلسة الانتخابية، وتكليف نائبه الأول مسعود عبيد بتسيير شؤون المجلس إلى حين فصل القضاء في مسألة الورقة الملغاة محلّ الخلاف، فيما كان مناصرو المشري يصرون على استكمال الجلسة وانتخاب النائبَين والمقرّر، وأن يتولى المشري رئاستها.
وقالت مصادر مطلعة في العاصمة طرابلس إن تكالة تلقى أوامر من خارج المجلس برفع الجلسة وإحالة الملف إلى القضاء في حال رفض المشري تنظيم جولة ثالثة، وأن هناك قرارا صدر من جهات نافذة بضرورة منع المشري من تولى رئاسة مجلس الدولة خلال المرحلة القادمة.
وفاز المشري، الثلاثاء، برئاسة مجلس الدولة في ليبيا بعد حصوله على 69 صوتا من أصل 137، متفوقا بصوت واحد على محمد تكالة الحاصل على 68 صوتا والذي رفض الاعتراف بالنتيجة إذا لم يتم احتساب بطاقة تم إلغاؤها بسبب الكتابة على ظهرها، واعتبرها التيار الإخواني لفائدة تكالة واحتسابها يعني التعادل الذي يفرض اللجوء إلى جولة ثالثة.
وأعلن المشري، من على منصة رئاسة مجلس الدولة الاستشاري أنه الرئيس الشرعي للمجلس الأعلى للدولة، بينما راجت معلومات عن وجود محاولات لشراء عدد من الأصوات بما يضمن فوز تكالة برئاسة المجلس في حالة صدور قرار قضائي بإعادة تنظيم الجلسة الانتخابية. ويشير المراقبون إلى أن موضوع شراء الأصوات بات أمرا معتادا في مثل هذه المناسبات، وأن هناك من يسعون إلى الاستفادة منها لتحقيق مكاسب مالية مهمة مقابل بيع أصواتهم لفائدة هذا الطرف أو ذاك.
وحذرت عضو المجلس آمنة مطير من أن إعادة جولة انتخاب رئيس مجلس الدولة ستكون “كارثة عظمى”، على حد وصفها، مشيرة إلى أن “الورقة المثيرة للجدل أُلغيت بموافقة جميع الأعضاء، لكن بعد العد وفوز خالد المشري، طلب احتساب الورقة”. وقالت مطير إن “أي شطب في الورقة الرسمية يعني إلغاءها حسب اللائحة الداخلية”، مصرة على أن “إعادة الجولة ستكون كارثة عظمى”. وانطلقت الجلسة رقم 101 للمجلس في العاصمة الليبية طرابلس المخصصة لانتخاب رئيس جديد للمجلس، بحضور 135 عضوا.
اقرأ|ي أيضاً|تنظيم سري جديد شكله «الإخوان المسلمين» في الامارات
وبفوزه، يتقدم المشري لرئاسة المجلس في عهدة سادسة ينتـظر أن تكون مليئة بالتحديات السياسية في ظل المساعي المطروحة على أكثر من صعيد لحلحلة الأزمة السياسية المتفاقمة في البلاد. وحصل تكالة على 67 صوتا في الجولة الأولى، مقابل حصول المشري على 54 صوتا، بينما لم ينل المرشح الثالث عادل كرموس رئيس اللجنة القانونية بالمجلس إلا على 17 صوتا، لكن أغلب المصوتين لكرموس قرروا منح أصواتهم في الجولة الثانية للمشري.
وطالب تكالة باللجوء إلى المحكمة العليا للفصل في انتخابات هيئة رئاسة المجلس، مضيفا أنه لن يقوم بأي عمل حتى ظهور النتائج من قبل المحكمة العليا، ثم أعلن عن رفع الجلسة، مؤكدا أنه سينتظر ظهور حكم المحكمة العليا في نتائج انتخابات هيئة رئاسة المجلس إما باعتماد خالد المشري رئيسا للمجلس وإما بإعادة جولة التصويت.
وكان المشري قد انتخب في الثامن من أبريل 2018 رئيسا لمجلس الدولة خلفا لعبدالرحمن السويحلي الذي تولى رئاسة المجلس لولايتين ثم استمر على رأس المجلس إلى أغسطس 2023 عندما تمت الإطاحة به من قبل التحالف الموالي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة. ويرى مراقبون أن عودة المشري إلى رئاسة مجلس الدولة تعتبر هزيمة سياسية من الوزن الثقيل للدبيبة وحلفائه، وانتصارا للتيار التوافقي الباحث عن جسور تواصل جدية مع مجلس النواب.
وانتمى المشري إلى جماعة الإخوان المسلمين الليبية وتعرّض للسجن مع بقية أفراد الجماعة بين عامي 1998 و2006، وهو عضو بالمكتب التنفيذي لحزب العدالة والبناء. وفي العام 2019 خرج المشري على الملأ ليعلن استقالته من جماعة الإخوان المسلمين، داعيا إلى العمل بعيدا عن أي تيارات قد تستخدم لضرب وحدة المجتمع.
وقال في بيان للرأي العام “أعلن استقالتي وانسحابي من جماعة الإخوان المسلمين، وذلك انطلاقا من المقتضيات الوطنية الفكرية والسياسية، ومن باب الصدح بالقناعة والوضوح مع المواطن الليبي، مع استمراري في العمل السياسي والحزبي، والاحتفاظ بكل الود والاحترام لكل أعضاء الجماعة”، مطالبا أبناء الشعب الليبي بالعمل بعيدا عن أي شعارات أو أسماء قد تستخدم لضرب وحدة المجتمع.
وساهم المشري المعروف بقربه من تركيا وقطر، بدور كبير في إفشال خطة الجيش الوطني بقيادة الجنرال خليفة حفتر للسيطرة على المنطقة الغربية بما فيها العاصمة طرابلس خلال معركة 2019 – 2020، لكنه لم يقطع جسور التواصل مع سلطات شرق البلاد، وخاصة مجلس النواب، حيث أعلن في أكتوبر 2022 بعد اجتماعات في المغرب مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أنهما اتفقا على توحيد السلطة التنفيذية في أقرب الآجال، ووعد بـ“ألا تحل بداية العام 2023 إلا وقد توحدت السلطة التنفيذية والمناصب السيادية”، لكن لا شيء من ذلك تحقق على أرض الواقع نتيجة العراقيل التي فرضتها مراكز القرار الداخلي والنفوذ الخارجي.
وفي يوليو 2023 توصل المشري وصالح إلى اتفاق على خارطة طريق سياسية جرى التصديق عليها من قبل مجلس الدولة، وهي تحدد موعد إجراء الانتخابات بـ240 يوما (8 أشهر) منذ صدور القوانين الانتخابية التي اعتمدتها لجنة 6+6، وتنص على بدء إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة الموحدة، فور اعتماد المجلسين للخارطة إذ يفتح باب الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة لمدة 20 يوما.