التجنيد الرقمي.. كيف تستخدم داعش وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الشباب؟
من الهزيمة إلى التجنيد.. هكذا يحاول داعش إعادة تنظيم صفوفه
شعاع نيوز – على الرغم من هزيمته عسكرياً بحلول عام 2017، لا يزال تنظيم “داعش” موجوداً ويحاول إعادة تنظيم صفوفه، هو وباقي المنظمات المتطرفة، عبر استقطاب أعداد كبيرة من المراهقين والأطفال، الذين تسهل السيطرة على عقولهم، وقد تزايد عدد المراهقين والشباب الذين تم استقطابهم، بحسب مختلف الدراسات التي اُجريت.
فقد أحصى باحثون في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى (470) قضية قانونية ذات صلة بتنظيم “داعش”. وكان المراهقون أو القُصَّر متورطين في (30) قضية على الأقل من هذه القضايا، ويرجح أن يكون “هذا الرقم أعلى بكثير نظراً لأن العديد من الدول لا تنشر بيانات أعمار المعتقلين”.
هذا وتتباين الأساليب التي تستخدمها المنظمات الإرهابية للاستقطاب، غير أن أغلبها ركز على وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن التأثير الديني والنفسي للشباب الذين يعيشون مرحلة عمرية حساسة.
قلق غربي من تصاعد استقطاب “داعش” للمراهقين
كشفت دراسة أكاديمية حديثة، أن ما يقرب من ثلثي الاعتقالات المرتبطة بتنظيم داعش في أوروبا، خلال الأشهر التسعة الماضية، شملت مراهقين، في وضع يثير القلق بين مسؤولي الأمن الأوروبيين قبيل انطلاق أولمبياد باريس، وفقا لشبكة “سي ان ان”.
وأوضحت الدراسة الأكاديمية التي أعدها بيتر نويمان، أستاذ الدراسات الأمنية في “كينغز كوليدج لندن”، وتناولت 27 هجوما أو مخططّا مرتبطا بداعش تم إحباطه منذ أكتوبر، أن من بين 58 مشتبها بهم، كانت أعمار 38 منهم تتراوح بين 13 و19 عاما.
وفي الآونة الأخيرة، شهدت أوروبا موجة مقلقة من الاعتقالات لمراهقين متهمين بالتخطيط لأعمال إرهابية، مما يشير إلى تحدٍ أمني متزايد.
ففي فرنسا، تم توجيه اتهامات لشاب يبلغ 18 عاما بالتخطيط لاستهداف الألعاب الأولمبية، واعتقال آخرين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاما بالتخطيط لهجوم مماثل.
وامتدت هذه الظاهرة إلى دول أوروبية أخرى، حيث شهدت ألمانيا وسويسرا والنمسا حالات مشابهة. في ألمانيا، تم اعتقال مراهقين للاشتباه في تخطيطهم لهجمات، بينما في سويسرا تم توقيف صبيين بتهمة دعم داعش. وفي النمسا، تم اعتقال فتاة تبلغ 14 عاما للاشتباه في تخطيطها لهجوم مرتبط بداعش.
“شيوخ الكاريزما والخطاب المدعوم”
وبحسب صحيفة “الدستور” المصرية، تقوم الجماعات المتطرفة، خلال الفترة الأخيرة، بتوظيف شخصيات جذابة وذات تأثير كبير على الشباب، سواء كانوا قادة دينيين أو شخصيات إعلامية، لنشر الرسائل المتطرفة بطريقة تجذب المتابعين وتبني الثقة لديهم، ما يسهل جذبهم نحو التطرف والفكر المتشدد، الأمر الذي ينبغي مواجهته لحماية الشباب من الانزلاق لفكر الجماعات المتشددة.
فقد قال الدكتور فواز الطباع الباحث في الفكر الإسلامي للصحيفة، إن الشيوخ التابعين للجماعات المتطرفة، يخالفون الشكل الإسلامي الصحيح من حيث اللباقة والجمالية في الأسلوب، وهم يتبعون منهج التشدد والخروج عن الأفكار الأصيلة ومخالفة المذاهب الأربعة والتطور الذي يحدث حولنا.
وتابع ” الطباع”، أن هؤلاء الشيوخ الكاريزما لديهم أسلوب خطابي مدعوم وهذا الدعم الخطابي يساعدهم على نشر أفكارهم المتطرفة، بمعنى أنه عندما يوجد دعم مادي وبرمجي وإخراجي للمادة الإعلامية التي يقدمها هؤلاء الشيوخ، نجد انتشار لأفكارهم حيث يتم الترويج لهم عبر المنصات الإعلامية عبر السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي وهذا ما يجعل أفكارهم تنتشر بين الشباب، كما أن هناك شيوخ يحملون الأفكار المتطرفة وليس لديهم أي علم أو فكر، ولكن استخدامهم الوسائل الإعلامية الحديثة هي التي أوجدتهم على الساحة.
اقرأ\ي أيضاً| تقرير: داعش بلا أرض لكنه يتكيف وتهديداته قائمة
تقنيات حديثة لجذب الشباب
وفي تقرير لاحق للصحيفة، لفتت إلى أن الجماعات المتطرفة تستخدم تقنيات متقدمة لجذب الشباب إلى مجموعات مغلقة وغرف دردشة سرية على وسائل التواصل الاجتماعي،هذه البيئة المغلقة تتيح لهم نشر أفكار متطرفة دون رقابة وتجنيد الشباب بأساليب ممنهجة، الأمر الذي دفع علماء وباحثين إلى المطالبة بضرورة مواجهة هذا الخطر الكبير حتى يتم حماية الشباب من حيل المتطرفين الذين يحاولون استقطاب الشباب من خلال مواقع التواصل وغرف الدردشة الإلكترونية.
ونقلت الصحيفة عن مجدي عاشور مستشار مفتى الجمهورية السابق، قوله إن الجماعات المتطرفة تقوم باستخدام التقنيات الحديثة في عالم الانترنت والسوشيال ميديا لجذب الشباب وهذا الأمر لم يظهر حديثا بل إنه ظهر منذ فترة كبيرة، والأفكار السوية تكون في العلن أما الأفكار الغير سوية تكون في غرف مغلقة ويجب أن نوجه الشباب إلى هذه المخاطر وهذا دور المؤسسات التعليمية والتثقيفية وليس دور المؤسسات الدينية فقط.
كما شدد على ضرورة عدم الدخول إلى هذه الغرف وقال: “يجب التوعية ونجعل أبنائنا يتحدثوا في كل شيء بحرية أمامنا حتى لا يتجهوا إلى الغرف المغلقة التي يلتقون فيها بأصحاب الفكر المتطرف، ويجب أن يتم عمل قانون في مجلس النواب المصري يجرم الدخول إلى المواقع والغرف التابعة للتيارات المتطرفة المتواجدة في العالم”.
وتابع “عاشور”، أن التيارات المتطرفة دخلت إلى مواقع التواصل الإجتماعى وغير من المواقع التكنولوجية الحديثة من أجل تجنيد أكبر عدد من الشباب لخدمة أفكار هذه الجماعات المتطرفة والمتشددة ويجب علينا جميعا مواجهة ذلك.
التجنيد من خلال رجال الدين والمؤسسات الدينية
إلى ذلك، ذكرت دراسة حديثة، نشرها المركز الأورربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن الجماعات المتطرفة تبدأ طريقها المتشدد كجماعات دعوية من قبل المشايخ أو الأصدقاء ، ثم دعوتهم للجهاد في سبيل الله والانتماء إلى داعش.
وتقول الدراسة إن الجماعات المتطرفة تعتمد على أئمة المساجد لأنها ترى أن وسائل الإقناع المباشـرة من دعاة مدربين وبعض الممارسات الدعوية الفردية الاحترافية تهيج الحماس والعاطفة، فهم يسيئون استخدام الدين لأهدافهم المتطرفة، فهناك بعض المساجد التي تعتبر ملاذا للسلفيين والجهاديين، الذي يصعدون المنابر لنشر رسائل الكراهية ، وغير ذلك من الأفكار، ويقف الدعاة السلفيون الذين يهيمنون على المساجد في أوروبا مثلا وراء شبكات تجنيد الشباب من خلالها.
كما ذكرت الدراسة أن التنظيمات الإرهابية والمتطرفة تعتمد على العلاقات الاجتماعية وصلات القرابة، كونها تُمَثّل صعوبة في الاختراق، فوفقًا لاتجاهات عديدة، هي تعتمد على علاقات الأخوة وصلات القرابة، حتى تبقى أنشطتها في إطار من الكتمان، وبالتالي الالتفاف على كل محاولات كشف عناصرها من قبل الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب.