مقالات

ماذا ينقصنا؟

الكاتب: موفق مطر/ شعاع نيوز: لو سألنا ماذا ينقصنا في هذه اللحظات المصيرية لأجبنا بحاجتنا لانبعاث ثلاثية فكرية ثقافية وسياسية، تسطع حتى لا تترك مكانا مظلما بفعل فاعل، أو معتما بفعل ظالم احترف مصادرة الأضواء وتركيزها على ذاته المنغلقة، المتعالية على الآخر في أسوأ مشهد يمكن ان نتخيله لدورة الحياة.
تنقصنا الجسور ما بين المفكر والناس الذين من أجلهم كانت الفكرة، أما إذا كانت قائمة فعلينا البحث عن الخلل، فقد يكون المفكر غير قادر على توجيه بنات أفكاره، ووضعها بعد نضجها ووصولها سن الرشد على أول طريق (لجسر) أو أن الفكرة ثقيلة جدا لم يحتملها الجسر فخارت قواه فانكسر فسقطت، أو أن الفكرة ضعيفة سريعة التبخر والتفاعل، فاقدة القدرة على مقاومة عوامل التعرية، أو لعلها (الفكرة) طوباوية، وليست من جنس الأفكار القابلة للدخول في صراع مع منتجات الباطل اللغوية المنمقة!
ينقصنا سياسي مثقف متحرر من التعصب للإحباط واليأس، محصن من الإصابة بداء احتكار الحقيقة، متسلح بالموضوعية، يعالج الواقع بالفكرة الإبداعية المنقذة، أما الذهاب مباشرة إلى عملية تشريح الواقع، فهذا يعني انعدام أي فرصة لاستنهاض الواقع، فالسياسي المثقف، أو المثقف السياسي، أو المثقف غير السياسي، ليس من طائفة المتسلطين الذين قد يتجهون لاستلهام العلاج بعد الإمعان في تشريح الواقع وبلوغه مرحلة التعفن! وإنما عضو طبيعي متقدم بسعة رؤيته وعمقها، وشموليتها، وصواب منهجه المتصل والمتواصل مع الجذور الإنسانية .. فالفكرة النبيلة، وليدة الثقافة الإنسانية، تتكون في عقل الانسان كما تتكون الجواهر تحت ضغوط الواقع الهائلة، لكنها تخرج الى دائرة الحياة الواقعية على ما فيها من الإيجابيات والسلبيات قوية صلبة الى درجة القدرة على هزم الفولاذ والنار، وبذات الوقت الاشعاع المؤثر في كل الاتجاهات، ودحر إشعاعات أسلحة الدمار الشامل التي يستخدمها المنتسبون لطائفة الباطل!
نحتاج الى الترفع عن سلوك الخصومة مع الثقافة والمثقفين، لأن الخصومة في هذه الحال دخول على غير هدى في حلبة مصارعة مع الهوية الوطنية والانتماء، أما الحرية والحق والجمال والسلام والمحبة فهي الضحايا المبعثرة في اركان حلبة لا يفكر سياسي مثقف، أو مثقف سياسي في رفع ركن من أركانها أبدا.
تنقصنا أضواء نسلطها على ميادين الثقافة، لأننا سنكتشف دررًا تصلح لأن يرصع بها تاج الإبداع في فلسطين، سنكتشف الوطن بكل خصائصه وسماته المقدسة، شرط الإخلاص في تطبيق عملية تبديد العتمة المضادة، وكسر قوالب المفاهيم التي وجدت نسبة كبيرة من الجماهير فيها نفسها تحت عنوان الثقافة الموروثة دون تمحيص أو فحص أو تمييز بين الناصع المشع الطبيعي والمصنّع الذي اتخذه الذين في نفوسهم مرض لتكريس مفاهيم الجماعة وثقافتها وسياستها على حساب مفهوم الوطن والثقافة والسياسة الوطنية.
لدينا إيمان بكينونتنا الإنسانية الخلاقة، لكننا نحتاج الى فيضان ثقافي هادئ يجتاح لكن غير مدمر.. لكنه يغرق ثقوب ديدان الأرض، ويحاصر أوكار خصوم الوطنية والثقافة الإنسانية والعقل الإنساني المبدع ويردهم إلى غير رجعة.


اقرأ أيضا: 55 سنة .. لكن معركة القدس مازالت


 

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى