مقالات

لماذا القدس دائما وأبدا؟ الصمود بالتعليم لاستمرارية الوجود

الكاتب: موفق مطر/ شعاع نيوز: عندما يؤمن كل فلسطيني أنه يجب أن يكون مقدسيا، ليس بالضرورة كمسقط رأس، سنضمن نحن الشعب الفلسطيني مكاننا تحت الشمس على أرض وطننا التاريخي والطبيعي إلى الأبد، والمطلوب فورا للإبقاء على دورة حياتنا الوطنية العربية الإنسانية الحضارية في عاصمة دولتنا الأبدية تخصيص الموازنة الكفيلة بنقل المدارس التابعة إداريا لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية إلى أوضاع تمكنها من الاستمرار بالعملية التعليمية والتربوية، كتزويدها بالتقنيات اللازمة بعد استكمال برنامج تأهيل وصيانة، مع أخذ بالاعتبار الأولوية للمدارس الأكثر احتياجا.. وقد لا نبالغ إذا قلنا إن قضية الاستمرار بمنح التعليم في القدس الاستحقاقات المالية لا يقل في ترتيب الواجب الوطني والأخلاقي عن قرار العهد بالوفاء بالاستحقاقات المالية لذوي الشهداء وللأسرى رغم الضغوط الدولية.. وهنا لن نتحدث عن المبالغ المطلوبة التي تشير الدراسات إلى إمكانية تحقيقها ولو بشراكة وطنية مع القطاع الخاص والرأسمال الوطني الفلسطيني وفق خطة وبرنامج عمل واضح وشفاف، وهذا يتطلب بالتوازي توحيد المرجعيات المعنية بتعزيز صمود المقدسيين في إطار واحد، ولكن بمهام وتخصصات متعددة، يتحمل مسؤوليتها ذوو الخبرة على مبدأ “أهل مكة أدرى بشعابها”.. ونعتقد أن شراء أراض لبناء مدارس جديدة أو شراء أبنية –حتى لو كانت مرتفعة الثمن– سيساهم في توسيع دائرة التعليم في القدس لتتناسب مع النمو السكاني الفلسطيني وتطوره في العاصمة.. ونعتقد أن الحكومة لن توفر جهدا في تخصيص ما يلزم لإنقاذ العملية التعليمية في القدس، بعد استعادة التمويل من الاتحاد الأوروبي، وزيادة المخصصات لمشاريع التعليم في القدس.. وتوفير اللازم ماليا لتنفيذ الخطة الطارئة للنهوض بالنظام التعليمي الفلسطيني في القدس، عبر دعم يمكن المدارس الخاصة من رفع مستوى التعليم وبيئته، ودخول حيز المنافسة مع المناهج والمدارس التابعة للاحتلال بثقة أعظم.. وهذا يتطلب منهجا تعليميا نوعيا يدفع المتعلم (الفلسطيني) للفخر بهويته ويرفع منسوب الوعي الوطني والانتماء والالتزام بالتوازي مع رفع مستوى الوعي المجتمعي عبر مناهج تعليم لا منهجية.

دراسات وبحوث كثيرة حول واقع التعليم في القدس، وخطط منظومة الاحتلال العنصرية لأسرلة التعليم، ومعظمها متوفر على محرك البحث (غوغل) أهم ما فيها أن سلطة الاحتلال سحبت كتب المناهج العربية 1968 مباشرة بعد احتلال القدس، واستغلت الأزمات المالية للمدارس وظاهرة تسرب الطلبة حتى وصلت إلى حوالي 34 % ورصدت ميزانيات واشترطت إقرار (المنهاج الإسرائيلي) للإنفاق على المدارس، وابتزتها في إصدار الترخيصات والترميم، والتطوير، ورفع كفاءة المعلمين عبر دورات مدروسة من حيث الجدوى والأهداف.. كما ربطت التعليم بالمنهج الإسرائيلي مع التدريس باللغة العبرية في الجامعات وطرحت إغراءات للخريجين الاعتراف بالشهادات والحصول على وظائف فورا.. وبالمقابل لم يكن لدى المعاهد والجامعات الفلسطينية خطة تنافسية.

واستغلت التعليم الثانوي والجامعي لتمرير سياسة التهويد (الأسرلة) بالتدرج للاعتقاد بإمكانية تغيير قناعات الطلاب المقدسيين للاندماج في المجتمع الإسرائيلي، تمهيدا للتسليم بالولاء لدولة الاحتلال! واتبعت سياسة تحفيز المدارس الفلسطينية عبر الدعم المالي السخي، إذا افتتحت المدارس صف (بجروت) واحد ولو بخمسة طلاب، وانتهجت التحفيز لتشكيل قاعدة ارتكاز توسعها مع مرور الوقت.. واستغلت الأوضاع المالية الصعبة للمقدسيين، وضعف قدرة السلطة الوطنية على الإشراف المباشر على المدارس في القدس لتبتز المدارس الخاصة التي تعاني من أوضاع صعبة فاشترطت تطبيق المنهاج الإسرائيلي للحصول على موازنات، ويبدو أن منظومة الاحتلال تحقق خروقات بهذا الاتجاه حيث تضاعفت نسبة الدارسين للمنهاج في بعض المدارس الخاصة في آخر أربع سنوات مرتين بعد أن كانت 20% قبل 2018.

لقد كرس نفتالي بينيت كل معلوماته عن التعليم في القدس عندما كان وزيرا للتعليم، فأطلق الخطة الخمسية 2018 – 2023 ليعززها بوجوده على رأس حكومة الاحتلال العنصرية، حيث قرر منع الصرف على المدارس الرافضة لتدريس المنهج الإسرائيلي، وشجع الطلبة المقدسيين للالتحاق بالجامعات الإسرائيلية للحصول على شهادات تؤهلهم لتدريس البجروت، بحجة مساعدتهم على الاندماج في سلك التعليم، ويوفر عليهم مبالغ كثيرة كالتي تقرها الجامعات الفلسطينية!. وتقول الباحثة (أنوار قدح) الواقع التعليمي في مدينة القدس في عهد حكومة نفتالي بينيت ، المتصلة مع سياسة المنظومة منذ احتلال القدس في 1967: ” لقد خرجوا بما يعرف بـ”الخطة الخمسية لتطوير القدس” التي تعني فعليا دمج شرقي القدس في إطار “العاصمة الموحدة لإسرائيل” وهم يسعون إلى غربلة المجتمع المقدسي، من يستطيع أن يندمج ليندمج ومن لا يستطع فليخرج”.. والسؤال الموجه للجميع دون استثناء ولذوي الاختصاص: هل سنعزز صمودنا بالتعليم لضمان استمرار وجودنا في القدس، أم أننا سنفقد قدسنا ووجودنا فيها مع مرور الوقت؟!.

لا جديد في القول إن هدف منظومة الاحتلال تفريغ القدس من مواطنها الأصلي الأصيل، من إنسانها العربي الفلسطيني، لكن علينا اليقظة تجاه وسائلها الأخطر ألف مرة من القتل والتهجير وتدمير البيوت، فتدمير المعرفة، وتكديس ذاكرة الإنسان الفلسطيني بمعلومات متناقضة مع المنطق والتاريخ والثقافة الإنسانية حتى قوانين الفيزياء الطبيعية، أفظع وأشد من القتل، مع يقيننا أن منظومة الاحتلال لم تفلح في اجتثاث جذور الانتماء للوطن (فلسطين) ولم تحقق أهدافها في مجال التعليم -قضيتنا هنا- والدليل رفع علم فلسطين في جامعتي تل أبيب وبن غوريون في بئر السبع الأمر الذي دفع سلطة المنظومة البرلمانية إلى سن قانون يجرم رفع علم فلسطين في المؤسسات التي تتلقى تمويلا من حكومتها!.. أما تخلي الاتحاد الأوروبي عن شرط حذف مواد وتغيير المناهج التعليمية لإعادة التمويل للسلطة الوطنية الفلسطينية، فيعتبر انتصارا سياسيا جديدا يدفعنا لتعزيز مقاومتنا بالمعرفة والعلم، وتأكيد الرواية الفلسطينية حول الحق الأزلي للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين.


اقرأ\ي أيضاً| لماذا القدس دائما وأبدًا؟ “لأنها ليست للبيع”

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى