ندوة: العهد الأمريكي إلى زوال والمصلحة الوطنية فوق كل اعتبار

شعاع نيوز: أكد مروان الطوباسي، سفير فلسطين في اليونان سابقا، أن الأحداث الجارية على المسرح الدولي متغيرة بشكل متسارع، وأن الحرب في أوكرانيا تظهر إعادة تموضع وبروز لتحالفات جديدة بعيدا عن الولايات المتحدة الأمريكية، وأن الواقع الذي نشهده سريع التحول عبر كل العالم، ومن الضروري أن نعرف كفلسطينيين أن في المسرح العالمي لاعبين جدد، وأن عهد تربع واشنطن على عرش العالم كقطب مهيمن قد ولى، وان قوة عظمى صاعده وفي مقدمتها روسيا والصين ستكون حاضرة في المشهد السياسي، وان اتساع رقعة الدول الرافضة للهيمنة الامريكية يتسع عبر العالم في جميع القارات بما فيها اوروبا نفسها، وأن كل ما تسعى إليه أميركا الآن يأتي في إطار محاولة وقف التغيير والابقاء على دورها المهيمن، وبالتالي علينا معرفة أين نقف وكيف يمكن أن نستفيد من المتغيرات بما يخدم مصالحنا وأهدافنا الوطنية.

جاء ذلك في ندوة نظمها أمس الثلاثاء 28/6/2022 معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي تحت عنوان “تداعيات وإنعكاسات الحرب في أوكرانيا على النظام الدولي”، حاضر فيها السفير مروان الطوباسي، وأدارها الدكتور عوض سليمية الباحث المشارك في المعهد المختص بالسياسات الأمريكية، وشارك فيها عدد من كادر المعهد ومهتمين من داخل وخارج فلسطين عبر تقنية zoom.

وتعرض الطوباس لجذور الأزمة في أوكرانيا وإشكاليات وتعقيدات العلاقة بين روسيا وأوكرانيا، التي تتداخل فيها عوامل العرق والديمغرافيا والدين والثقافة والجوار، وما طرأ على هذه العلاقة من تطورات بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وما شهدته من تغيرات بعد أن تولى بوتين قيادة روسيا واتباعه نهج اعادة الاعتبار لمكانتها ودوررها القيادي، ومناهضة التغيرات في محيط روسيا الاتحادية ومحاولات الناتو التوسع في محيطها الحيوي، ودعم النزوح نحو النازية، التي احياها بانديرا النازي، والوصول الى ما سمي بالثورات الملونة التي دعمتها المخابرات الامريكية واسقاط الرئيس الاوكراني المنتخب، مما استدعى تدخليا روسيا للحفاظ على مصالحا وحماية أمنها القومي، وهو ما برز جليا في استعادة شبه جزيرة القرم عام 2014.

واكد الطوباسي أنه من الصعب التنبؤ بشكل دقيق بانعكاسات وتاثير الحرب الدائرة في أوكرانيا على العالم بشكل قاطع، متسائلا: هل سينتقل العالم الى اقطاب متعدده بكل سلاسة؟ وهل ستقبل الامبريالية الامريكية بهذه النقلة وازاحتها عن رئاسة العالم؟ ام ستسود الفوضى في العالم؟. وأشار إلى أن ما يمكن التنبؤ به هو ان العصر الامريكي او العهد الامريكي او النظام الامريكي المنفرد قد ولى وانتهى وان قوة عظمى صاعده وفي مقدمتها روسيا والصين ستكون حاضرة في المشهد السياسي، وان اتساع رقعة الدول الرافضة للهيمنة الامريكية يتسع عبر العالم في جميع القارات بما فيها اوروبا نفسها، وان اوروبا باتت غير موحده بفعل سياسات امريكا الانفرادية وخاصة فيما يتعلق باملاءاتها ضرورة فرض حصار على روسيا وقطع امدادات الطاقة الواردة منها، الامر الذي الحق الضرر بالاقتصاد الاوروبي الى جانب ارتفاع التضخم وتوقف بعض الصناعات، والتأثير السلبي لذلك على مستوى المعيشة والرفاه، وهو ما جعل قوى اجتماعية أوروبية تنظم العديد من المظاهرات في القارة الاوروبية للتنديد بسياسات حكوماتهم ضد روسيا، كما هو الحال في اسبانيا وايطاليا وفرنسا وغيرها.

ويرى الطوباسي أن بوتين يحرز تقدما على الارض الاوكرانية ويتجه نحو تحرير المنطقة الشرقية بكاملها، وبالتالي فان الجيش الروسي أبعد خطر حلف الناتو الزاحف بالاف الجنود نحو حدوده الغربية، وأنه لن يتراجع حتى لو جرت مفاوضات بين الاطراف. وعلى المستوى الاقتصادي ما زال الروبل يحقق مكاسب مقابل الدولار الامريكي ويعترف القادة الاوروبييون والمحللون الاقتصاديون ان فرض الاف العقوبات على روسيا لم يجد نفعا وما زالت روسيا تمتلك من القوة ما يجعلها تتحكم بالاقتصاد الاوروبي من خلال النفط والغاز، وان قوة التحكم تزداد بعد ان فشل بايدن في تامين مصادر طاقة بديلة من ايران او فانزويلا وبعد رفض أوبك + زيادة ضخ النفط.

ويرى الطوباسي ان الحرب في أوكرانيا أكدت سياسة ازدواجية المعايير التيي تتبعها أميركا والغرب الامبريالي تجاه قضايا الشعوب ومنها قضية شعبنا الفلسطيني، وهو ما يؤكد أن امريكا فقدت مصداقيتها كراعي لعملية السلام في الشرق الاوسط، وهو ما يؤكد أنها كانت ولا زالت وسيطا غير نزيه، بل منحازا لاسرائيل وبشكل كامل منذ الاعلان عنها عام 1948، وأنه حامي لأمن وتفوق دولة دولة الاحتلال التي تمثل مشروعا اسعماريا استيطانيا. وأشار الطوباسي إلى أن واشنطن تسعى عبر ما يسمى باتفاقيات أبراهام التطبيعية لدمج دولة الاحتلال في المنطقة العربية، وإن زيارة بايدن المنتظرة منصف الشهر القادم تصب بالدرجة الاولى في الضغط على الدول العربية لتعزيز عملية التطبيع وبناء تحالف اقليمي برعايتها تحت مسمى مواجهة التهديد الايراني. وأكد الطوباس بأن التجربة التاريخية تثبت أن كل ما قامت به الولايات المتحدة والدول الامبريالية من صناعة للاحلاف والتكتلات في منطقتنا، كحلف بغداد الذي بنته في ستينيات القرن الماضي، قد فشلت وأن مشروع الحلف الجديد سيفشل أيضا.

أمام هذا الواقع يشير الطوباسي أن علينا كفلسطينيين معرفة أين نقف وكيف يمكن أن نستفيد من المتغيرات بما يخدم مصالحنا وأهدافنا الوطنية، مؤكدا ان الشعب الفلسطيني قادر بثباته وتمسكه وبقائه في ارضه على صد وانهاء كل المؤامرات الهادفة الى انتزاعه من ارضه والمساس بكينونته القائمة والمتجذرة في هذه الارض، وأنه بارتباطه بممثله الشرعي والوحيد (م. ت. ف) لقادر فعلا على اكمال مسيرته حتى انتزاع حقوقه المشروعه. ومن اجل ذلك يرى الطوباسي ضرورة الانشداد لمصلحتنا الوطنية في عالم تتحكم به المصالح، وبالتالي فإن القيادة الفلسطينية مطالبة بتوسيع دائرة الدول الصديقة والحليفة، والاستفادة من رفضها لسياسة الهيمنة الأمريكية، والاستفادة من قدرات كل دولة في العالم والبحث عن نقاط الالتقاء معها والاستفادة منها في دعم قضية شعبنا في المحافل الدولية، وفي تقديم الدعم اللازم لنصرة قضيتنا العادلة وتعزيز صمود شعبنا في أرضه واستمرار كفاحه الوطني حتى انتزاع كامل حقوقه الوطنية.


اقرأ\ي أيضاً| معهد فلسطين لأبحاث الامن القومي يطلق أعمال مؤتمر “فلسطين 2022 إلى أين”

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى