مثبت في الرئيسيةمقالات

المونديال.. فلسطين والعروبة علاقة جدلية

المونديال.. فلسطين والعروبة علاقة جدلية

باسم برهوم

اعترف انني لم أكن من المتحمسين لهذا المونديال، لأسباب لا مجال لذكرها، ولكن مع مرور الوقت، اعاد لي وعيّ الوطني والقومي، الاهتمام عندما انعش هذا المونديال المشاعر العربية والتضامن العربي الشعبي المرتبط بقوة بفلسطين، والقضية الفلسطينية، ولعلنا نذكر أن كافة باعثي الفكر القومي العربي اكتشفوا مبكرا جدلية العلاقة بين قوة، وعمق الروابط القومية، بين الشعوب العربية، وفلسطين، ونذكر الشعار الشهير للقوميين العرب في خمسينيات وستينيات القرن العشرين “الوحدة طريق تحرير فلسطين”، ونذكر أن الأنظمة العربية كانت تحصل على شرعيتها الجماهيرية من خلال مركزية فلسطين وموقعها في برامجها الوطنية والقومية.

ولكن بعد سلسلة خيبات الأمل من المحاولات المخلصة للرئيس المصري جمال عبد الناصر لتحقيق الوحدة العربية، ومع الانتباه لضرورة ابراز الشخصية الوطنية والهوية الوطنية الفلسطينية في إطار صراع الأمة العربية القومي مع إسرائيل تم تغليب شعار “تحرير فلسطين طريق الوحدة”. وبغض النظر عن الأولويات، أكانت الوحدة أم التحرير، في الشعارين فكليهما اكد العلاقة الجدلية التي لا يمكن فصلها بين القومية العربية، بين الأمة العربية وفلسطين وقضية فلسطين.

في العقود الأربعة الأخيرة، وخاصة بعد انقسام الأمة على السلام المنفرد لمصر، وتعمق هذا الانقسام في حرب الخليج الأولى، وبعد عملية السلام التي بدأت في مدريد دخلت هذه العلاقة الجدلية في حالة ضبابية. وفي السنوات الأخيرة بعد أن انهكت الأزمات الأمة العربية وزادت من تفككها، وبالأخص بعد موجة التطبيع الأخيرة اعتقدنا ان العرب المتعبين قد تراجع اهتمامهم بفلسطين.

المونديال كشف عدم صحة هذا الاعتقاد، فالشعور القومي التضامني ارتبط فورا بفلسطين، وظهر من جديد ان الشعوب العربية لم ولن تتخلى عن هويتها القومية وفي جوهر هذة القومية تقع فلسطين والقضية الفلسطينية. انتصار فريق المغرب على إسبانيا، أبرز أن العرب من مراكش والرباط غربا الى الدوحة وعمان وابو ظبي والمنامة شرقا، قد شعروا أن نصر الفريق المغربي هو نصرهم، ومع النصر كانت فلسطين في الواجهة. ودون ان تكرر الأمة العربية شعارات عصر النهضة القومية أعادوا التأكيد أن العرب وفلسطين شيء واحد.

لم نصل نحن وحدنا الى هذا الاستنتاج، بل هذا ما قالته الدولة التي رعت اتفاقات التطبيع، فقد قالت واشنطن إن مونديال قطر أثبت فشل تطبيع كوشنير صهر الرئيس السابق ترامب، كما كان هذا انطباع المتسللين من الاعلاميين الإسرائيليين الذين ذهبوا لتغطية المونديال، لقد اجمع هؤلاء ان الشعوب العربية تكره إسرائيل، وهنا نستذكر المغني الشعبي المصري شعبولا الذي غنى بصوته القوي “انا بكره إسرائيل”، وكان شعبولا يعبر عن شعور كل المصرين الذين رفضوا التطبيع مع دولة الاحتلال.

بعد كل ذلك لا يمكن إنكار ان مونديال الدوحة هو مونديال فلسطيني عربي بامتياز، اعاد العرب لفلسطين وأعاد فلسطين للعرب. المهم ما بعد المونديال ان نحافظ على اعادة الحياة بالتضامن العربي العربي، والتفاف الامة حول فلسطين، والا يكون ما شهدناه امرا عاطفيا عابرا.

وبعيدا عن تفاعلات المستقبل، التي سنتركها للمستقبل، فإن المونديال حقق ما كنا نعتقد انه املا كان  بعيد المنال، ان تعود فلسطين الى وعي العرب لذلك استحق  المونديال دعمنا جميعا.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى