المجلةمنوعات

اكتئاب ما بعد الفيلم.. لماذا نشعر بالحزن بعد الفراغ من مشاهدة الأعمال الفنية؟

شعاع نيوز: هل أنهيت لتوك مسلسلا أو حتى فيلما وتشعر بافتقاد أبطاله وكأنهم باتوا أصدقاءك؟ وهل تشغل قصتهم تفكيرك وكأنهم جزء من حياتك فقط لمجرد أنك شاهدتهم على الشاشة لساعاتٍ؟ يتجاوز الأمر بالنسبة للبعض شعور الافتقاد، ويصل إلى الشعور بالفراغ الداخلي أو قد تصيبهم “متلازمة اكتئاب ما بعد الفيلم”.

لماذا قد نشعر بالفراغ العاطفي بعد مشاهدة الأفلام والمسلسلات؟
“بمرور الوقت؛ يُمكننا تطوير علاقة حميمية مع هذه الشخصيات التي نتابعها بينما ندرك أفكارهم ومشاعرهم ونشاركهم النكات أو الأوقات العصيبة أو انتصاراتهم. أثناء متابعة قصتهم، نعيش في عالم محبوك مليء بإثارة المشاعر، وعندما تنتهي قصصهم، نشعر بالحزن القريب من الحزن على فقدان صديق”.

هكذا وصف الأخصائي النفسي ومؤسس مركز كاليفورنيا لعلاج الوسواس القهري والقلق كيفن فوس حول تلخيصه لسر الارتباط العاطفي بشخصيات وقصص المسلسلات والأفلام، مؤكدا أن الطبيعة الرائعة للقصص الخيالية يمكن أن تجعل الحياة الواقعية مملة وقاتمة، لذا يفضل بعض الناس استكمال الحياة التي رأوها على الشاشة.

وحول هذه النقطة، قالت عالمة النفس ومؤلفة كتاب “الاكتئاب المخفي تماما: كيف تتحرر من المثالية التي تخفي اكتئابك” مارغريت رذرفورد، إننا لا نعايش عادةً أحداثا مثيرة في حياتنا اليومية، فهي مليئة بالأمور الروتينية المملة مثل تنظيف الأسنان والذهاب للعمل وإنهاء الأعمال المنزلية، وهي كلها أشياء لا تستحوذ على الخيال أو الفضول مثلما تفعل القصص الدرامية.

فيما يعتقد علماء نفس آخرون أن مشاعر الفراغ والاكتئاب بعد الانخراط في شيء ممتع، يدل على استمتاعك الكبير بالتجربة وأنك أصبحت جزءا منها وتستطيع استثارة مشاعرك ونقاط ضعفك، وبعد انتهاء هذه التجربة يبدو الواقع فارغا من المشاعر التي تم استثارتها، حسب مجلة “ميل مجازين” (MEL Magazine) الأميركية.

لهذا تكون بعض القصص الفنية مهربا من الحياة المملة، أو حتى الواقع المرير الذي يعيشه الشخص في الحياة الواقعية، ومجرد انتهاء القصة التي استثارت مشاعره، يعني العودة إلى هذا الواقع الممل مرة أخرى، وهو شعور قد يكرهه، ما يشعره بافتقاد الأبطال الذين أنسوه الملل من هذا الواقع، كذلك قد يكون الدافع وراء الشعور مجرد الفضول لاستكمال القصص بشكل معين، أو شعور المشاهد أن هناك تفاصيل ومعلومات أخرى لا تزال تشغل تفكيره عن البطل.

كذلك؛ قد نجد أجزاء من شخصياتنا أو مشاعر نفتقدها في شخصيات أبطال العمل، لذلك نشعر بالارتباط بهذه المشاعر التي يكون وجودها على الشاشة أمامنا، بمعنى أن الأعمال الدرامية والقصص قد تكون وسيلة لتغذية مشاعرنا بأمور محددة موجودة بالفعل أو نفتقدها.

متلازمة “اكتئاب ما بعد الفيلم”
هناك مفاهيم حديثة نسبيا تستعرض بعض هذه النظريات؛ مثل متلازمة “اكتئاب ما بعد الفيلم” (Post Movie Depression Syndrome) و”اكتئاب ما بعد المسلسل” (Post-Series Depression)، إذ تعرف ذلك المفهوم بأنه: الحزن الذي يشعر به الشخص بعد مشاهدة مسلسل أو فيلم أو قراءة قصة طويلة، ويصيبه عندما يشعر أن القصة انتهت لكنه لا يريدها أن تنتهي.

ويتكون شعور مثل الاشتياق للمواقف والكلمات التي عاشتها الشخصيات التي بشكلٍ أو بآخر انصهرت مع قصتهم وكأنه لا توجد حدود، وقد يدفع هذا الشعور بالافتقاد إلى إعادة مشاهدة العمل أو قراءته، لعل الشخص يلاحظ تفصيلا إضافيا لم يلاحظه في المرة الأولى، أو على الأقل يحاول استعادة تلك المشاعر التي عاشها في المرة الأولى، ويمنع هذا الشعور من الاستمتاع بقصة أخرى أو مشاهدة عمل جديد سريعا.

تجاوز الشعور بالفراغ بعد انتهاء الأعمال الفنية
يرى علماء النفس السالف ذكرهم وآخرون أن تذكر المرء للأمور الإيجابية في حياته الواقعية يمكن أن يساعده في عدم التعلق أو المبالغة في الارتباط بشخصيات من عوالم خيالية وقصصها، مع ضرورة التأمل في الجوانب الجذابة بالنسبة لنا في العمل الفني، لأنه غالبا إما تستثير شعورا مفقودا في الحياة الواقعية أو تعزز آخر موجودا.

ولا بأس في شعور الحزن طالما لا يغرق فيه الشخص ويتركه ليتلاشى من تلقاء نفسه سريعا، ويساعد على ذلك أخذ استراحة من هذا النوع من الأفلام أو المسلسلات أو الكتب، حتى لا تعزز المشاعر التي بنتها التجربة والقصة التي تعلق بها الشخص بعيدا عن واقعه.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى