شؤون عربية و دولية

لبنان..هل نشهد رئيساً للجمهورية في المهلة الدستورية ؟

شعاع نيوز-يدخل الاستحقاق الرئاسي في لبنان مرحلة جديدة في ضوء المحادثات الفرنسية السعودية التي جرت في باريس والتي تلاها بيان ثلاثي أمريكي فرنسي سعودي يشدّد على انتخاب رئيس يتغلّب على الأزمة وحركة رئاسية باشرها السفير السعودي في بيروت وليد البخاري في اتجاه بعض القيادات اللبنانية.

وإذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري ينتظر شيئاً من التوافق ليدعو إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فمن الواضح أن المملكة العربية السعودية ومعها دول خليجية لن تبادر إلى مساعدة لبنان إذا أتى رئيس شبيه بالرئيس ميشال عون بدل رئيس ينتمي إلى البيئة الاستقلالية ويعيد الحرارة إلى العلاقات اللبنانية العربية ويفصل بين الدولة اللبنانية ودويلة حزب الله.
ويبدو أن حزب الله اقتنع بعدم قدرته على إيصال رئيس حليف كميشال عون وهو سلّم إدارة اللعبة الرئاسية لحليفه الرئيس بري كي لا يشعر بأي إحراج تجاه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي ما زال يطمح لخلافة عمّه في قصر بعبدا على الرغم من ضعف حظوظه، ويحاول حصر السباق إلى الرئاسة بالأكثر تمثيلاً في البيئة المسيحية، رافضاً انتخاب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية وتجاهل المعيار التمثيلي الأهم بالنسبة إليه.

وكانت ظاهرة الترشيحات إلى رئاسة الجمهورية اتسعت بينها ترشيحات جدية ومدروسة وبينها ترشيحات إعلامية بهدف التسويق ليس أكثر. واللافت هو الحركة التي استقطبتها المرشحة مي الريحاني منذ إعلان ترشيحها في فندق البستان الذي اختارته نظراً لرمزيته ووقوعه في منطقة المتن التي تتحدّر منها. ولم تدَع الريحاني التي تحمل إرث عمّها الأديب الكبير أمين الريحاني فرصة إلا والتقطتها لشرح برنامجها الرئاسي والقيام بجولة على المرجعيات السياسية والروحية الفاعلة بدءاً بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ سامي ابي المنى وشقيقة الإمام موسى الصدر السيدة رباب الصدر ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميّل ونواب تغييريين ومستقلين، من دون أن تقفل الباب على الثنائي الشيعي حيث طلبت موعداً من رئيس مجلس النواب نبيه بري وفتحت قناة اتصال مع حزب الله.

وجاء ترشيح مي الريحاني التي لا تقل فكراً وثقافة وخبرة عن عمّها بعد تشجيع من قبل مغتربين لبنانيين وشخصيات لبنانية مؤثرة في المجتمع المدني قرروا في ظل حال الانهيار أن يأخذوا المبادرة، واعتبروا أن مي كمثال ناجح في الاغتراب وكمتعلقة بجذورها اللبنانية وكخبيرة في التنمية الدولية يمكن لها أن توظّف طاقاتها وتسهم في «إنقاذ الكيان واسترداد الدولة» وهو الشعار الذي رفعته لبرنامجها، وأن تحفّز الاغتراب على الاستثمار مجدداً في بلدهم الأم وأن تضمن من خلال علاقاتها الوثيقة بالبنك الدولي وصندوق النقد حماية أموال 80 في المئة من أموال المودعين المقيمين والمغتربين وفق خطة تعاف شاملة لإعادة بناء الاقتصاد اللبناني.

وفي بيتها الرابض على كتف بلدة الفريكة في قضاء المتن الذي يضم في طبقته السفلى معرضاً للأديب أمين الريحاني تستقبل المرشحة الرئاسية الزوار وتشرح أمامهم «رؤيتها القائمة على حماية هوية لبنان الحضارية المبنية على الحرية والتعددية وتعزيز الديمقراطية والتداول السلمي المنتظم للسلطة تحقيقاً للدستور وتثبيت مرجعية الدولة وسيادتها».

وتعتبر الريحاني «أن الدستور مرجعي الأول والأخير وهو ركيزة كيانية للبنان ولا يمكن أن يكون وجهة نظر». وترى «أن حظوظها هي 50 في المئة وإذا انتخبت رئيسة للجمهورية ستعمل على نقل لبنان إلى قلب العالم العربي وإلى قلب العالم» مؤكدة أن دافعها للترشح هو حبّها لوطنها وخدمة اللبنانيين، وليس طمعاً بمنصب. و«أنا أترشّح مزوّدة بإرثي الوطني الغني بهدف إطلاق مسار التغيير وتحويل مسار المعادلة السائدة من شعب في خدمة السلطة إلى سلطة في خدمة الشعب» مشيرة إلى «أن إختيار الرئيس المناسب هو مدخل للحل وللإصلاح».

ومي الريحاني المستقلة وغير المنتمية إلى أي حزب، تتحدث عن «أهمية العمل بطريقة براغماتية وواقعية للوصول إلى تفاهم حتى مع حزب الله من دون أن نتنازل عن أي من المبادئ. فأنا سيادية ولكنني لست صدامية، وحزب الله شريحة من اللبنانيين ومن غير المعقول ألا نجد أي رقعة تواصل معه، وسأبلغ الحزب أن السلاح يكون فقط بيد الجيش ولكن الأمر يتطلّب وقتاً». وهنا تتحدث المرشحة عن تجربتها مع «طالبان» بعدما انتدبت منفردة من قبل مؤسسة في الأمم المتحدة تُعنى بالانماء العالمي لإقناع «طالبان» بتعليم الفتيات ونجحت كمسيحية في تجربتها بعد حوار مطوّل مع 11 ممثلاً للتنظيم الإسلامي المتشدّد ما أدّى إلى رفع نسبة التعليم لدى الفتيات من 2 في المئة إلى 30 في المئة حالياً.

وتردّ الريحاني نجاحها في هذه التجربة إلى «قيامها بدراسة عن القيادة في جامعة هارفرد وسبب الناجح في القيادة هو التشاور مع الخبراء وعدم التفرّد بالقرارات والاسراع في التنفيذ». وانطلاقاً من ذلك، ترفض مبدأ «ما خلّوني» الذي يرفعه العهد الحالي وتياره لتبرير الفشل في تحقيق انجازات كان ينتظرها اللبنانيون. ولتفادي أي وقوع بخطأ، تحيط المرشحة الرئاسية نفسها بعدد من المستشارين من أصحاب الخبرة في مختلف المجالات، وتحرص على إبراز علاقتها بالعالم العربي وعلى سعيها لإبراز مفهوم حديث ومعاصر للعروبة امتداداً لعلاقة الأديب أمين الريحاني مع العرب والتي تعبّر عنها هدايا قيّمة تلقّاها من العاهل السعودي الملك عبد العزيز سعود معروضة في منزل الفريكة إحداها سيف الملك الشخصي وأخرى قطعة قماش من الكعبة إضافة إلى سجادات.

إذاً هي تجربة جديدة يخوضها مرشحون للرئاسة بإعلان برامجهم وتجربة نادرة بترشّح سيّدات إلى سدة الرئاسة الأولى. فكيف ستكون ظروف المعركة الرئاسية؟ هل نشهد رئيساً في المهلة الدستورية وليس أي رئيس أم ندخل في شغور في انتظار التوافق؟ وهل تُحصَر المعركة بين المرشحين الاكثر تمثيلاً للمسيحيين ونشهد اتفاقات كاتفاق معراب بين مرشحين أقوياء أم يُفتَح الباب أمام المرشحين الوسطيين؟ وأين قائد الجيش العماد جوزف عون من التوافق على شخصه؟ وهل من حظوظ لمَن برز حديثاً على المشهد السياسي كالمرشحة الريحاني التي تفضّل خدمة بلدها كرئيسة وإلا كوزيرة للخارجية؟

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى