شؤون محليةمثبت في الرئيسية

“الأمم المتحدة”: شهادة صادمة تقدمها الصحافية شذا حنايشة حول اغتيال أبو عاقلة

إن كنتم تنامون أنا لا أنام!

شعاع نيوز: قدمت الصحافية الفلسطينية شذا حنايشة شهادة صادمة أمام لجنة التحقيق في جنيف حول جريمة إعدام الزميلة الصحافية شيرين أبو عاقلة.

وقالت حنايشة في بداية شهادتها إنها ترددت كثيرًا قبل أن توافق على الحديث أمام اللجنة الدولية، وقالت “مجرد العودة إلى ذلك اليوم والحديث عنه مرة أخرى أمر متعب وصعب بالنسبة لي… ذلك لا يعني أنني لم أعد أفكر فيما حدث ولكن الحديث عنه ليس بالأمر السهل، ولكني قررت الحديث أخيرًا لأنني أبحث عن تحقيق العدالة”.

وأكدت حنايشة على ضرورة محاسبة المجرم الذي أطلق النار وقتل أبو عاقلة وأصاب علي سمودي وكاد يقتلني أنا ومجاهد السعدي ومجدي بنورة ومهند (الشاب الذي نقل شيرين).

وقالت: “أتمنى أن تكونوا قد نمتم جيدًا، أنا شخصيًا لم أنم بشكل جيد منذ 6 شهور، لم أعش حياة طبيعية منذ ذلك اليوم”.

وأضافت: “إذا سألتموني ما الذي اشتاق إليه هذه اللحظة سأقول لكم أشتاق إلى الراحة النفسية، إلى السعادة إلى شذا التي خرجت صباح 11 أيار إلى عملها بكل طاقة وحيوية ونشاط متحمسة لعملها الذي تحبه، قبل أن يتم استهدافي أنا وزملائي بشكل مباشر رغم هويتنا الواضحة كصحافيين”.

وتضيف: “لقد وصلت إلى دوار يسمى دوار العودة يقع على مدخل مخيم جنين وكان هناك علي السمودي ومجاهد السعدي، أخذت الدرع والخوذة من مركبة مجاهد حيث أتركهم معه في حال حدث اقتحام وكانت مركبتي ليست معي”.

وتؤكد في شهادتها أنه “لم يكن في المنطقة أي مواجهات في محيطنا لم يكن هناك إطلاق نار لم يكن هناك مسلحون”، وتتابع: “على العكس الشارع الرئيسي الذي كنا نتواجد فيه كان يضج بالحياة وكان الوقت مبكرا في الصباح والناس في طريقهم إلى أماكن عملهم وكان هناك تجمعات لمواطنين مدنيين في الشارع يمزحون ويضحكون، وهذا منحنا شعورا بالأمان والراحة وعدم الخوف أو القلق، بعد ذلك بدأنا نتحرك أنا ومجاهد ووقفنا على رصيف الشارع الرئيسي مقابل الشارع الفرعي (مكان إطلاق النار)، عندها سألت مجاهد وين الجنود حكالي هيهم مش شايفتيهم ونظرت مجددا ورأيت مركبات جنود الاحتلال تقف في منتصف الشارع الفرعي الذي علمت لاحقا أنه يسمى شارع المخيم الجديد”.

وقالت في شهادتها إنهم وقفوا ما يقارب 5 دقائق كي يظهروا أنفسهم كصحافيين لجنود الاحتلال “هذا ما اعتدنا القيام به حين نتوجه إلى أي مكان للتغطية، نظهر أنفسنا كصحافيين لجنود الاحتلال وفي العادة إذا لم يريدوا منا أن نتواجد في المكان يقوموا بإطلاق قنابل صوت أو غاز نحونا أو أحيانًا يطلقون رصاصا تحذيريا على الأرض ونفهم وقتها أنه ممنوع الاقتراب وننسحب من المكان، لم يحدث ذلك كله، بعدها بدأنا بالتحرك أنا ومجاهد وعلي وشيرين وكان خلفنا مهند ومجدي”.

وتابعت: “كنا نتحدث معا نضحك نمزح ونسير بهدوء وعدم خوف أو قلق، وحين وصلنا بالقرب من مصنع صغير سمعنا صوت الرصاصة الأولى تضرب بالحائط في تلك اللحظة قفز مجاهد من شباك مفتوح في حائط المصنع وصرخ الرصاص علينا، الطخ علينا، وقتها طلب منا اللحاق به عندها قلت له لا استطيع لأنني ارتدي الدرع الواقي من الرصاص وهذا أعاقني عن القفز (هذا كله والرصاص لا زال يسمع حولنا)، وأدرت ظهري للعودة مع شيرين وعلي (إلى الخلف من حيث جئنا) حينها أخبرتني شيرين أن علي أصيب حيث إنني لم أر علي لحظة إصابته، حتى اللحظة هناك سواد في عقلي لا استطيع التذكر كيف وصلت من جانب الشباك إلى خلف الشجرة، ولكني أذكر جيدًا حينما وصلت خلف الشجرة ونظرت نحو شيرين لأتأكد من وصولها إلى جانبي حينها رأيت شيرين تقع على الأرض…”.

وأضافت حنايشة: “في كل مرة كنت أحاول فيها الوصول إلى شيرين كان هناك رصاص يطلق نحوي كل مرة كنت أمد يدي لأحاول لمسها وأحركها واطمئن عليها كان هناك رصاص يطلق نحوي، في البداية لم استوعب أنها أصيبت ظننت أنها تعثرت ووقعت ولكن حين رأيتها لا تتحرك عرفت أنها أصيبت ولكن لم أعلم مكان إصابتها وبعد لحظات رأيت الدماء على الأرض تحت رأسها، في تلك الأثناء حاول شاب علمت اسمه لاحقا (شريف العزب) الذي حاول قطع الشارع والوصول إلي أنا وشيرين ولكن طوال الوقت كنت أشعر بالرصاص حولي ولذلك صرخت به “ما تيجي، ما تقرب” لأنني أعلم أنه لن يستطيع قطع الشارع دون أن يصاب، وبعد لحظات، رأيت الشاب نفسه يقفز بجانبي من فوق السور حاولت بالبداية سحب شيرين أنا وهو لكن إطلاق النار استمر وكاد يصيبه، حينها فكر شريف بأن الشجرة لن تحمينا نحن الاثنين، فسحبني وأنقذني وأخرجني وعاد إلى شيرين وأنقذها، ونقلها الشباب إلى مركبة مدنية كانت في المكان وذهبنا إلى المستشفى كان في المركبة أنا وشيرين ومجاهد وشريف والسائق، حين وصلنا إلى المستشفى كنت طوال الوقت أفكر أنهم سينقذونها ولكن أعلنوا لاحقا استشهادها”.

وأكدت أنه حين عادت إلى مكان الحدث برفقة النيابة العامة الفلسطينية ورأت موقع الرصاص على الشجرة استوعبت أن كل الرصاص الذي أطلق حولها كان بهدف قتلها.

وتقول شدا إن جيش الاحتلال يقول إنه قتل شيرين عن غير قصد، “طيب الرصاصة الأولى ضربت بالحائط تراجعنا بعدها إلى الوراء على الفور، ثم الرصاصة التي أصابت كتف علي، ثم الرصاصة التي قتلت شيرين، ثم الرصاص الذي استمر نحوي ونحو شريف، هل كل هذا رصاص بغير قصد وعن طريق الخطأ، لا أحد سيستوعب ذلك”.

وتؤكد أنه حتى اللحظة تعيش أعراض الصدمة التي تعرضت لها، وتشدد “تخيفني أصوات الرصاص، أصوات الألعاب النارية والمستشفيات، وكل جندي يرتدي زيا عسكريا، حتى هذه اللحظة لا أستطيع مشاهدة الفيديوهات من ذلك اليوم، حتى هذه اللحظة استيقظ من النوم قلقة خائفة من أن يتكرر معي نفس الشيء، حتى هذه اللحظة في كل مرة أرى فيها جنديا إسرائيليا أخاف من أنه قادم هذه المرة لقتلي، حتى هذه اللحظة لا أستطيع العودة إلى الميدان للعمل، لا أستطيع حمل كاميرتي لالتقاط صورة، حتى لو كانت هذه صورة وردة”.

وتحدثت حنايشة عن تحولات المهنة بالنسبة لها: “قبل أن اتعرض لإطلاق النار، كنت الصحافية الأنثى الوحيدة (من منطقتي- جنين) التي تصور الأحداث والمواجهات وعمليات جيش الاحتلال، كنت اتباهى بجرأتي وعدم خوفي بين زملائي الشباب، كنت اركض دائمًا لأكون في المقدمة لالتقاط صور وفيديوهات لاقتحامات جيش الاحتلال، كنت طوال الوقت أقنع نفسي وأحاول اقناع زملائي “ما تخافوا احنا صحافيين”، ظنًا مني أننا سنكون آمنين، ما دامت هويتنا واضحة كصحافيين نرتدي الدرع والخوذة نتحرك بمجموعات (كصحافيين) ونحاول دائمًا إظهار هويتنا لجنود الاحتلال، ظننت أن التزامنا بمعايير السلامة سيحمينا من رصاصهم، وهذا جعلني أكون أكثر جرأة ولكن بعد ذلك اليوم تغير كل شيء، أصبحت أرتعب بمجرد سماعي خبر اقتحام جنود الاحتلال لمنطقة معينة، حاولت كثيرًا العودة إلى العمل ولكنني لم استطع ولهذا السبب أنا متوقفة عن العمل، تخيلوا عملي الذي كنت طوال الوقت سعيدة وفخورة به، وأحبه توقفت عن القيام به ورحلت إلى دولة أخرى “بحجة الدراسة” ولكن الحقيقة أنني هربت، بحثًا عن الشفاء، وأقول دائمًا إن وجودي اليوم في لبنان هي رحلة شفاء، حتى أشفى مما حدث معي، ولكن كيف سيكون شفائي وأنا أعلم أنه حتى اللحظة لم تتم محاسبة من أطلق النار نحوي ونحو زملائي، كيف سأعود قوية كما كنت وأنا أعلم أن من أطلق النار وقتل شيرين أمامي وحاول قتلي بإطلاق الرصاص نحوي ومنعني من الوصول بها لم يحاسب حتى هذه اللحظة، يعيش حياته، يضحك ويمرح، يجلس بين أفراد عائلته في اللحظة التي تجوب عائلة شيرين أبو عاقلة البلاد بحثًا عن العدالة لفقدانهم جزءًا من كيانهم”.

وحول الصحافية شيرين تقول: “ربما من الأمور الصعبة التي يمكنني الحديث عنها هي شيرين، أتذكر كيف كنت في طفولتي أراقبها وهي على شاشة الجزيرة تنقل لنا الأخبار، أقلدها بصوت طفولي حين تقول شيرين أبو عاقلة- الجزيرة- القدس- فلسطين، كبرت وأنا أراها قدوتي ونموذجي في عالم الصحافة، واطمح لأن أكون مثلها، تخيلوا أن الصحافية التي كبرت وأنا اراقبها أراها تقتل بجانبي؟ هل سأشفى من ذلك؟”.

وأضافت حول أثر شيرين في شخصيتها: “هي من جعلني أحب أن أكون صحافية مهنية حقيقية وهذا ما حاولت فعله، طوال الوقت منذ بداية عملي وأنا أنقل الحقيقة، اتحدث عما يحدث في فلسطين، عما يحدث للناس من حولي، لا أفعل شيئا سوى قول الحقيقة مثلي مثل جميع زملائي في فلسطين، وماذا حدث لنا في المقابل؟ هناك من يقتل بدم بارد هناك صحافيون أصيبوا برصاص الاحتلال وهناك من هو معتقل في سجون الاحتلال وهناك من يتعرض يوميا حتى هذه اللحظة للقمع والضرب والاعتداء في كل مرة يخرج فيها إلى الميدان لممارسة عمله، يخرج زملائي من بيوتهم إلى عملهم ولا يعلمون إن كانوا سيعودون إليه مجدداً”.

وعن مرحلة ما بعد الاغتيال تؤكد أن هناك مؤسسات صهيونية قامت بمهاجمتها على مواقع التواصل الاجتماعي بعد ما حدث معها، “حيث قاموا بتكذيب روايتي، الصادم أن هناك الكثير من صدقهم وكذبني رغم أن ما قلته منذ اللحظة الأولى مثبت بأدلة واضحة وفيديوهات تثبت صدق شهادتي أنا وزملائي، اعتدت طوال الوقت على قول الحقيقة حين أنقل قصص الآخرين لذلك من الطبيعي أن أقول الحقيقة حين يصل الأمر إلى قصتي، ولكن الأصعب أن لا يصدقني العالم”.

وتستعرض الهجوم عليها وغيرها من الصحافيين الفلسطينيين قائلة: “الأمر لم يتوقف هنا فقط هناك هجوم ممنهج تجاهنا كصحافيين فلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي يوميًا يتم إغلاق حسابات صحافيين في انستجرام وفيسبوك، أنا أغلق حسابي على انستجرام أمس فقط لأنني أنشر “أخبارا، فقط أخبارا”.

وختمت حنايشة شهادتها: “في النهاية ما أريد قوله قلته وسأقوله مجددًا، في ذلك اليوم خسر الفلسطينيون شيرين، خسر أنطون ولينا ولارين وكل أفراد عائلة أبو عاقلة جزءًا من كيانهم، في ذلك اليوم أصيب علي ولا زال حتى اللحظة يتعالج من إصابته، منذ ذلك اليوم زميلنا مجاهد لم يعد كما كان، وظلت الغصة في قلوب مجدي ومهند ومحمد وكل طاقم الجزيرة. في ذلك اليوم مات جزءًا مني، ظل تحت شجرة الخروب، ولكن كل ما أفكر فيه طوال الوقت، هو من سيحاسب جيش الاحتلال؟ من سيحاسب الجندي الذي أطلق النار والضابط الذي أصدر الأوامر؟ من سيحاسبهم جميعًا؟”.

يذكر أن حنايشة هي صحافية فلسطينية من مدينة جنين شمال الضفة الغربية، وكانت قد عملت في مجال الصحافة لـ7 سنوات في مواقع إلكترونية وقنوات إخبارية وحاليًا تتواجد في لبنان لإكمال الماجستير في الدراسات الإعلامية في الجامعة الأمريكية AUB.


تسليم ملف الشكوى القانونية بقضية اغتيال “أبو عاقلة” للجنائية الدولية


المصدر: (القدس العربي

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى