شؤون عربية و دولية

المعارضة الكويتية تصعّد: لا للبرلمان العائد

شعاع نيوز-تتجه المعارضة الكويتية إلى تصعيد خطواتها ردا على قرار المحكمة الدستورية القاضي بحل مجلس الأمة 2022، وإعادة المجلس السابق، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في احتداد الأزمة بدل حلها.

ودخلت الكويت في مأزق سياسي بعدما قضت المحكمة الدستورية العليا في 19 مارس ببطلان الانتخابات البرلمانية التي جرت في سبتمبر الماضي وبعودة البرلمان السابق، بعد أن تم حله بمرسوم أميري في خضم أزمة سياسية طاحنة بين نواب المعارضة والحكومة في الصيف الماضي.

وجاء الحكم في وقت تجددت فيه التوترات بين البرلمان والحكومة. وكان ولي العهد الكويتي الذي يتولى معظم صلاحيات الأمير تحرك العام الماضي لإنهاء الخلاف السياسي بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة حقق فيها أعضاء المعارضة مكاسب كبيرة.

ويعزو مراقبون توجه المعارضة للتصعيد إلى استشعارها وجود نوايا للتطبيع مع الوضع الحالي، أي إبقاء المجلس العائد إلى حين استكمال ولايته الحالية التي تنتهي في العام 2024، مع تمرير التشكيل الحكومي الجديد.

ويرى المراقبون أن هذه الهواجس نابعة من التزام القيادة الصمت، وعدم إبداء أي تعليق على قرار المحكمة الدستورية حتى الآن، فضلا عن وجود أطراف تعمل على إثارة المزيد من الشكوك في دواعي حل البرلمان من خلال ترويج عمليات تزوير واسعة شهدتها الانتخابات التشريعية الأخيرة، وهي اتهامات لم تكن موجودة في السابق.

وكشفت الكتلة النيابية المعارضة لعودة مجلس 2020 عن ملامح تحركاتها خلال المرحلة المقبلة، بإعلان موقف رافض لأداء الحكومة المنتظرة اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة. وشدد نواب مؤتمر صحفي عقد مساء الاثنين بديوان النائب السابق عادل الدمخي على “أن إحياء المجلس أمر لا يمكن أن يحصل”، منتقدين حكم المحكمة الدستورية بإبطال مجلس 2022.

وأعلن النائب مبارك الحجرف “أن النواب لن يسمحوا بانعقاد جلسة مجلس الأمة، ولن نسمح للحكومة بأداء القسم”. وأضاف الحجرف “ما بُني على باطل فهو باطل والأمير هو الحكم، ومرسوم الحل هو عمل سيادي ولا يجوز للمحكمة الدستورية النظر في مراسيم الأمير، وسنجلس على مقاعد الوزراء ولن نسمح بانعقاد جلسة القسم”.

واعتبر الحجرف أن أحكام المحكمة الدستورية كأي محكمة، وقدسية الأحكام للتنفيذ، أما نقدها فهو حق لكل مواطن، وقال “إن المحكمة أدخلتنا في مأزق سياسي وجانبها الصواب القانوني وافتأتت على سلطات القانون وسمو الأمير ومجلس الأمة، خاصة في ما يتعلق بأعمال السيادة، وهي الأعمال التي تتعلق بعلاقة الحكومة بالبرلمان وعلاقتها بالحكومات الأخرى، بمعنى أن ذلك لا يجب أن يخضع للقضاء”.

وأكد على أن هذا الحكم يجب ألا ينفذ. وأن رئيس الوزراء يحتضر سياسيا، والحكومة هي والعدم سواء، فلا يستحق الشيخ أحمد النواف ومن معه إدارة البلد. وقال “رسالتي للسلطة هناك أزمة ثقة حقيقية ما بين الشعب والسلطة ولا يمكن الخلاص من الأزمة إلا بإرجاع الأمور إلى نصابها، ويجب أن يكون هناك دور للسلطة لإعادة هيبة إرادة الأمة بعودة مجلس 2022”.

وتحاشت المعارضة في بادئ الأمر التشكيك في قرار المحكمة الدستورية، وأبدت التزاما بقرارها إلى حين اتضاح مآلات الأمور، لكنها اليوم عدلت عن ذلك لاستشعارها أن الوضع يتجه إلى غير صالحها. واعتبر النائب محمد المطير أن الحكم الذي صدر من المحكمة الدستورية يحق انتقاده، مشيرا إلى أن المستشارين النزهاء يقولون إن الحكم لم يُبنَ على أسس دستورية وقانونية صحيحة.

وأضاف المطير بحسب ما نقلت عنه صحيفة “القبس” المحلية “أن هذا الحكم خالف كل الأعراف الدستورية والسيادة الأميرية، وأخذ من سمو الأمير كل صلاحياته السيادية، وكأنه يقول لا حق لسمو الأمير بحل مجلس الأمة بالأسباب التي ذُكرت في مرسوم الحل، كما أنه يكمل من خلال تحليل الكثير من المستشارين أنه لا بد أن يكون هناك خلاف بين المجلس والحكومة، وتناست المحكمة أسباب حل مجلس 2013 في سنة 2016، التي كانت بسبب الأوضاع الإقليمية”.

وقال إن القبول بالحكم وحل مجلس 2020 هو قبول بسحب صلاحيات الأمير، كما أن أي قبول بحل مجلس 2020 والدعوة لانتخابات جديدة هو قبول بسحب صلاحيات الأمير، مشيرا إلى أنه “لا حل أمامكم سوى عودة مجلس 2022”.

من جهته، رأى النائب شعيب المويزري “أن ما يجري حاليا ليس سياسة ولا فكرا ولا عقلا بل فوضى يتم خلقها كما خلقوا الكثير منها خلال السنوات الـ60 الماضية”. إلى جانب ذلك تظاهر نحو مئة من الكويتيين في وقت متأخر من مساء الاثنين في ساحة الإرادة أمام مبنى مجلس الأمة، معترضين على حكم المحكمة الدستورية.

ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بحل برلمان 2020 وهتفوا “ارحل ارحل يا مرزوق”، في إشارة إلى مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الذي أعادته المحكمة الدستورية إلى السلطة من جديد. كما رفعوا لافتة كُتِب عليها “نطالب بحل مجلس الأمة الحالي حلا دستوريا تعقبه الدعوة لمؤتمر وطني شعبي للإصلاح السياسي الشامل يشارك فيه جميع أبناء الشعب الكويتي”.

وفي الخامس من مارس الجاري صدر أمر أميري بتعيين الشيخ أحمد نواف الصباح، وهو ابن أمير البلاد، رئيسا لمجلس الوزراء وتكليفه بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة. ولم يتم إعلان الحكومة حتى الآن في ارتباط على ما يبدو بالأزمة التي فجرها قرار المحكمة الدستورية.

وتعيش الكويت أزمات متتالية بسبب الصراع بين الحكومة التي يعينها أمير البلاد أو نائبه وبين البرلمان المنتخب انتخابا مباشرا من الشعب، الأمر الذي أعاق الإصلاحات الاقتصادية والمالية في هذا البلد الغني بالنفط.

وتحظر الكويت الأحزاب السياسية لكن البرلمان يتمتع بصلاحيات كبيرة مقارنة بباقي دول الخليج، منها الحق في استجواب رئيس الوزراء والوزراء وإقرار القوانين ورفضها وإلغائها. لكن الأمير له الكلمة الفصل في شؤون البلاد وله صلاحية حل البرلمان.

وفي 2012 أبطلت المحكمة الدستورية انتخابات مجلس الأمة الذي سيطرت عليه المعارضة آنذاك، وأعادت المجلس السابق الذي حله أمير البلاد حينها الشيخ صباح الأحمد الصباح، وسط توتر بين الحكومة والبرلمان، في سيناريو قريب مما حدث في مارس الجاري.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى