شؤون عربية و دولية

لتحييد أنصار الدعم السريع…البرهان يُجري تغييرات على الجهاز التنفيذي

شعاع نيوز – خرج الصراع الدائر بين رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان وبين غريمه قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) عن مساره العسكري بعد التأكد من صعوبة حسمه في الميدان، ويحاول الأول ضخ دماء جديدة في عروق جهازه التنفيذي الذي يعاني حاليا من شلل كبير، على أمل أن يساعده في معركته الطويلة مع الدعم السريع.

ويعمل البرهان على إعادة ترتيب أوضاعه داخل أجهزة الجيش والشرطة ووِزارة الخارجية ورئاسة البنك المركزي، للحفاظ على ما تبقى من تماسك مادي لديه، فلم يجد الدعم الكافي الذي انتظره من الكثير من المنتمين إلى هذه الأجهزة، وهو ما فُسِّر على أنه عدم ثقة في مواقفه وانحياز مباشر إلى رؤية الدعم السريع، وفهم منه أن هناك تدهورا خطيرا في الوضعين الميداني والإداري.

ويريد الجنرال البرهان فرض قبضته على الجهاز الإداري للدولة، شبه المعطل حاليا، وتنقيته ممن يشك في ولاءاتهم له، والإيحاء بأنه لا يزال يمارس صلاحياته كرئيس لمجلس السيادة ويُحكم قبضته على دواليب السلطة وقت الحرب، والتي من المتوقع أن تطول فترتها وتؤثر تداعياتها على الكثير من الحسابات التي سادت قبلها.

وأعفى قائد الجيش الاثنين مدير عام قوات الشرطة (وزير الداخلية المكلف) الفريق أول شرطة حقوقي عنان حامد محمد عمر من منصبه، وعيّن الفريق خالد حسان محيي الدين بديلا عنه، عقب يوم واحد من قراره تجميد الحسابات المصرفية لقوات الدعم السريع والشركات التابعة لها في جميع البنوك بالسودان وفروعها في الخارج ومنع صرف أي استحقاقات أو ميزانيات مرصودة لها.

وذكر مكتب البرهان أنه أعفى رسميا محافظ البنك المركزي حسين يحيى جنقول وعيّن نائبه برعي الصديق أحمد محافظا جديدا للبنك المركزي.

وقال المحلل السياسي السوداني نورالدين صلاح الدين لـ”العرب” إن الأسباب الحقيقية لإقالة مدير البنك المركزي غير معروفة، لكن ثمة تكهنات تشير إلى “رفضه الانصياع لأوامر البرهان الخاصة بتجميد حسابات قوات الدعم السريع وبعض الشركات التابعة لها”.

وهددت الولايات المتحدة في بداية الحرب بفرض عقوبات اقتصادية على شخصيات سودانية مشاركة في الصراع، غير أنها لم تتبن أيّ قرارات في هذا الشأن حتى الآن، ولم تلتفت الإدارة الأميركية إلى ضغوط مارسها أعضاء في الكونغرس لتبني قرار بهذا المعنى، كنوع من الردع المطلوب للسيطرة على الصراع في السودان.

ومنح القانون السوداني قوات الدعم السريع عدة مزايا اقتصادية، من بينها حق التجارة في مناجم الذهب، ما يجعل فرض عقوبات اقتصادية ليس في صالح قائدها.

وأحال البرهان ضباطا من الملحقين بقوات الدعم السريع إلى التقاعد، وهم اللواء الركن عثمان محمد حامد محمد واللواء الركن حسن محجوب الفاضل عبدالحميد والعميد الركن أبشر جبريل بلايل، والعميد الركن عمر حمدان أحمد حماد وهو رئيس وفد الدعم السريع في مفاوضات جدة.

وأضاف نورالدين صلاح الدين لـ”العرب” أن قرارات الإعفاء العسكرية استثنت الكثير من الضباط وضباط الصف التابعين لقوات الدعم السريع وسُمح بصرف رواتبهم، بينما جميع موظفي الدولة والعاملين في المؤسسات المدنية والعسكرية لم يتمكنوا من صرف رواتب شهر أبريل الماضي بسبب توقف العمل في دواوين الدولة.

وذكر وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم أخيرا في تدوينة له على تويتر أن النظام المصرفي في البلاد “مُعطل بصورة شبه كاملة بسبب الحرب، وسأبذل قصارى جهدي لصرف رواتب موظفي الدولة خلال أيام قليلة”.

وأوضح القيادي في قوى الحرية والتغيير نورالدين صلاح الدين لـ”العرب” أن البرهان أراد مغازلة منتسبي قوات الدعم السريع والتأكيد على الترحيب بهم، حال خروجهم وانضمامهم إلى صفوف الجيش، وهو ما تذهب إليه القوات المسلحة في بياناتها وإفاداتها اليومية التي تدعم انضمام عناصر الدعم السريع إليها وتحثهم على ذلك.

وأشارت تقارير سودانية إلى توقف الجهاز التنفيذي في السودان عن القيام بمهامه تجاه المواطنين، فضلا عن اختفاء وزيري الداخلية والخارجية وانقطاع التواصل معهما منذ اندلاع الحرب في الخرطوم خلال منتصف أبريل الماضي.

وشدّد صلاح الدين على أن غياب قوات الشرطة عن مسرح الأحداث وعدم قيامها بأدوارها المنوطة بها في حفظ الأمن واختفائها من جميع الولايات تقريبا، بما فيها مناطق هادئة ولا تشهد اشتباكات أو مواجهات عسكرية، فتحَا الباب للمزيد من التساؤلات حول أسباب ذلك، خاصة أن جهاز الشرطة مؤسسة مدنية يصعب انخراطها في مواجهات عسكرية.

ولم تقتصر الإقالات على الجانب العسكري بكل ما تنطوي عليه من احترازات أمنية، وإنما امتدت إلى وزارة الخارجية، حيث أنهى البرهان خدمة السفير عبدالمنعم عثمان محمد أحمد البيتي والسفير حيدر بدوي صادق.

وشكّل رئيس مجلس السيادة لجنة للعمل الدبلوماسي والخارجي، اجتهدت في إبراز بعض الحقائق والموقف السوداني، في محاولة ترمي إلى تغيير موقف المجتمع الدولي من الصراع، ودعم رؤية البرهان في محادثات جدة بوساطة سعودية – أميركية.

والاثنين استؤنفت محادثات جدة بين وفدي الجيش والدعم السريع لبحث سبل التوصل إلى اتفاق يضمن وقفا لإطلاق النار، ومن دون التزام صريح بإعلان الخميس الماضي التهدئة لأسباب إنسانية، في حين يمارس الوسيط السعودي والأميركي ضغوطا على الطرفين لمعالجة الجوانب الإنسانية وفسح المجال أمام عودة الحياة شيئا فشيئا إلى سالف عهدها.

وزادت حدة الحرب النفسية بين الجانبين إثر إشارة وسائل إعلام تابعة لقائد الجيش إلى مصرع حميدتي، ما يعني حسم المعركة العسكرية لصالح البرهان، إلى أن بث حميدتي تسجيلا صوتيا له، مساء الأحد، أكد فيه وجوده في الميدان وتجوله بين قواته في كل مدن الخرطوم، وأن أخبار مصرعه “إشاعات وأكاذيب”، وقال “تدل على هزيمتهم (البرهان ورفاقه)، وأنا حي وبصحة جيدة”.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى