شؤون عربية و دوليةمثبت في الرئيسية

جماعة الإخوان تتغلغل سرّاً في شرق أوروبا

الإخوان المسلمون في أوروبا ـ الواقع التنظيمي

شعاع نيوز : يتناول الملف عرضاً معلوماتياً للتواجد الإخواني في منطقة شرق أوروبا، مع إلقاء الضوء على تمركزات التنظيم الجديدة، واحتمالات تحويلها إلى ملاذات بديلة عن دول المواجهة الأمنية في غرب أوروبا. أيضاً يتطرق الملف إلى الهيكل التنظيمي للإخوان وطبيعة عمل الخلايا داخل دول أوروبا ومصادر التمويل، ويركز على التمركز الإخواني في تركيا وبريطانيا باعتبارها مراكز لتوغل التنظيم، ومستقبل التواجد الإخواني بها.

1-الإخوان في شرق أوروبا ـ خريطة التواجد والمخاطر المحتملة

سجلت جماعة الإخوان المسلمون تواجدها في شرق القارة العجوز منذ سنوات. وبالرغم من التواجد الإخواني المحدود والمرتبط بالكثافات المسلمة في عدد محدود من دول أوروبا الشرقية، وندرة المعلومات المتوافرة بهذا الصدد، على عكس ما هو قائم في دول غرب أوروبا، إلا أن الجماعة وكثفت من تواجدها داخل مناطق معينة مثل البوسنة والهرسك، فيما تخطط في الوقت الراهن لتوفير ملاذات آمنة لعناصرها وأنشطتها داخل دول شرق أوروبا بسبب الملاحقات والحصار الأمني المفروض عليها داخل ملاذاتها التقليدية.

وتضم دول أوروبا الشرقية كل من: أوكرانيا، بولندا، رومانيا، جمهورية التشيك، سلوفاكيا، المجر، كرواتيا، سلوفينيا، البوسنة والهرسك، الجبل الأسود، ألبانيا، اليونان،أرمينيا، أذربيجان، بيلاروسيا، بلغاريا، جورجيا،  صربيا، مقدونيا، مولودفا.

طبيعة التواجد الإخواني في شرق أوروبا

لا تتوفر معلومات دقيقة حول أعداد الإخوان في دول شرق أوروبا حتى الآن، إلا أن غالبية التقديرات تشير إلى تسلل عناصر التنظيم داخل تلك المجتمعات سراً في انتظار الإعلان عن شبكات تتبع الإخوان مباشرة، أو ممارسة النشاط بشكل موسع، كما هو الحال في دول أوروبا الغربية. وتشير المعلومات المتاحة حول بداية التواجد الإخواني في شرق القارة العجوز إلى أن المعلومات بعض من الطلاب من المنتمين للجماعة قد شبكات، كانت صغيرة في بدايتها ثم باتت مترامية الأطراف في الوقت الراهن، وتعمل كأذرع قوية للتنظيم وفق دراسة حديثة لمركز توثيق الإسلام السياسي (حكومي) في النمسا، وفي دول مثل التشيك، وسلوفاكيا، والمجر، وسلوفينيا، وكرواتيا، ورومانيا، أسست مجموعات طلابية صغيرة خلايا تابعة للتنظيم تعمل حالياً في حدود معينة، أبرزها، اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، والاتحاد الإسلامي للمنظمات الطلابية الشبابية “فيمسو”.

ويتمتع الإخوان بوجود محدود في بلدان مثل ألبانيا أو كوسوفو واللتين تضمان عددا كبيراً من المسلمين، ويمكن تتبع عدد من الكيانات في هذه البلدان وربطها بالتنظيم الدولي للإخوان، وأكبر منظمتين نشطتين في أوروبا؛ اتحاد المنظمات الإسلامية، والاتحاد الإسلامي للمنظمات الطلابية الشبابية “فيمسو”، لكن الوضع يختلف تماماً فيما يتعلق بالبوسنة والهرسك، التي أسس التنظيم فيها جمعيات ومراكز تابعة في وقت مبكر.

الإخوان في البوسنة والهرسك

يختلف وضع جماعة “الإخوان المسلمين”، بشكل كامل فيما يتعلق بالبوسنة والهرسك، وهي مناطق ذات أغلبية مسلمة، إذ برزت الشبكات القريبة من جماعة الإخوان في هذا البلد منذ أوائل التسعينيات، بالتزامن مع إنشاء عدد من المنظمات غير الحكومية التي تدير الخدمات الإنسانية، لكنها في بعض الأحيان قدمت الدعم للمسلحين المشاركين في صراع البوسنة في ذلك الوقت تحت ستار العمل الإنساني. ورغم أن نشاط الإخوان في البوسنة كان مكثفاً منذ أوائل التسعينيات، إلا أن التواصل بين الجماعة وبعض المسلمين في البوسنة بدأ في أربعينيات القرن الماضي بتأسيس ما يعرف بمنظمة “الشباب المسلم”.

 

ووفق تقرير مركز توثيق الإسلام السياسي، فإن معظم الإخوان الذين نشطوا في البوسنة والمناطق المجاورة لها، خلال الحرب، تركوا البلاد بعد انتهاء الصراع. ومع ذلك، وجد التنظيم العالمي للإخوان حلفاء في شخصيات محلية بارزة في البوسنة، مثل الرئيس السابق إيشا إزتبريغوفيتش والمفتى السابق والحالي للبلاد مصطفى سيريتش وحوسين كافازوفيتش على الترتيب، حسب التقرير ذاته.

وبحسب التقرير الصادر  عن مركز “جلوبسيك”، في ديسمبر عام 2020، ارتبطت شخصيات بارزة داخل البلاد بجماعة الإخوان بشكل مباشر، في مقدمتها الدكتور مصطفى سيريتش مفتي البوسنة السابق، حيث يشير التقرير إلى أن “سيريتش كان عضواً في المجلس الأوروبي للفتوى والبحوث المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب القيادي الإخواني البارز يوسف القرضاوي،  وغيره من الشخصيات البارزة في جماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن كونه عضواً داخل منظمة “المنهج الوسطي الراديكالي”، مقرها في لندن، والتي عملت منذ سنوات على تنسيق التعاون بين الجماعة وقيادات بارزة داخل أوروبا.

نفوذ الإخوان المسلمين في البوسنة قديمٌ يعود لفترة التأسيس. كان عزت بيجوفيتش؛ أول رئيس للبوسنة المستقلة، عضوًا في منظمة “الشبان المسلمين”، وهي منظمةٌ أسِّست على غرار جماعة الإخوان المسلمين عندما تم إنشاؤها في البوسنة عام 1939. جماعة الإخوان المسلمين في البوسنة، على الرغم من نفوذها في المناصب العليا، موضع خلاف عميق وموضوع جدل عام محتدم لأن الكثير من السكان، على الأقل في المدن، علمانيون سياسيًا حتى لو كانوا متدينين شخصياً، أمن دولي ـ دول البلقان، مصادر تهديد الأمن القومي والمخاطر.ملف

الإخوان في مقدونيا الشمالية

تتنوع التركيبة السكانية في مقدونيا الشمالية، ويغلب عليها تركيبة إسلامية متنوعة بين مجموعة من الأعراق، مثل الألبانية، التركية والسلافية، فيما يمثل المسلمين في داخل البلاد “الطائفة الدينية الإسلامية” التي نظمت نفسها في 1991 بعد استقلالها عن يوغوسلافيا، واعترفت بها الدولة في 1994.

وفي ديسمبر 2020، أورد تقرير صادر عن مشروع مشترك بين مركز جلوبسيك (GLOBSEC) ومشروع مكافحة التطرف (CEP)، من إعداد أندريا مارينكوفيتش، ومارتينا فالوشياكوفا، وفيكتور ساكس، أن “منتدى منظمات الشباب والطلاب المسلمين الأوروبية ما يعرف باسم (FEMYSO)، يعد من أبرز المنظمات البارزة في شمال مقدونيا والمرتبطة بجماعة الإخوان، وأشار التقرير إلى منظمة “منتدى الشباب الإسلامي (FRI) باعتبارها الأكثر اتساقاً مع تنظيم الإخوان، وتقع في مدينة “تيتوفو”.الإخوان المسلمون في أوروبا ـ هل انتهى زمن الإخوان ؟ (ملف)

الإخوان في أوكرانيا

تزامناً مع بداية الأزمة الأوكرانية في فبراير 2022، تحدثت تقارير عديدة عن طبيعة التواجد الإخواني داخل أوكرانيا كذلك الأدوار التي لعبها التنظيم تزامناً مع الأزمة أو قبلها، ففي مارس 2022، أصدرت جماعة الإخوان في لندن بقيادة إبراهيم منير بياناً طالبت فيه بضرورة وقف الحرب، وتدخل الأطراف الدولية الفاعلة من أجل إقرار السلام، لكن فرع التنظيم الأوكراني ممثلاً “مجلس مسلمي أوكرانيا” المعروف باسم “الرائد” التزم بمساندة بلاده وأدان الحرب باعتباره مؤسسة محلية تعمل داخل أوكرانيا.

تؤكد معلومات أن مؤسسة الرائد، التي تأسست في عام 1997، تمثل الكيان الأقوى التابع للإخوان المسلمين داخل أوكرانيا ويرأسها سيران عريفوف، وهو أوكراني الأصل، يعود بجذوره إلى إثنية تتار القرم، الذين عادوا إلى أوكرانيا مجدداً بعد الاستقلال، وهو أول رئيس للاتحاد من مسلمي أوكرانيا الأصليين. وتعمل (9) من المنظمات والمراكز الإسلامية تحت مظلة الرائد في العاصمة كييف، ومدن دنيبروبيترفسك، وزوبوريجا، وسومي، ولفيف، وخاركيف، كما أدار الفرع جمعيات إسلامية عدة منها: جمعيتا النور والأنصار في كييف، والمسار في أوديسا، والمستقبل في دنبيرو.

وتنشط المؤسسة بشكل ظاهري في مجالات الخدمة العامة، خاصة للجاليات المسلمة، كما تعرف نفسها، لكن مهمتها الأساسية هي التعريف بجماعة الإخوان وتجنيد الشباب الجدد من مختلف الجنسيات، ولذلك تقيم مخيمات صيفية وتدريبية في يونيو من كل عام تتنوع فيها الأنشطة الترفيهية بالممارسات الدعوية والسياسية، كما ينشط الاتحاد في حملات التشجير والتبرع بالدم، وترميم المنازل، وتقديم الخدمات في مجال التعليم الديني.

وتضع السلطات الأوكرانية “الرائد” تحت الرقابة الأمنية منذ عام 2018، بعدما أثبتت تقارير أمنية تلقيه دعماً مالياً كبيراً من أحدى الدول الداعمة للإرهاب، كما أسفرت مداهمة للمنظمة عن العثور على منشورات تحرض على العنف والكراهية وتؤسس للخطاب المتطرف، وفي يناير 2020 ألقت السلطات الأوكرانية القبض على (80)  متهماً بالعنف، معظمهم من دول آسيا، بعد مداهمة لمقر “الرائد”. كما ألقت  قوات تابعة لجهاز الأمن الأوكراني “SBO” في مايو ٢٠٢٠، القبض على أحد عناصر تنظيم الإخوان المطلوبين لدى القاهرة، وصرح  صرّح ألكسي سكريلنيك، المتحدث الإقليمي باسم جهاز “SBO” أن المطلوب، ويدعى معتز محمد ربيع، “ينتمي إلى التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، ويقوم بالترويج للأفكار الأصولية بين الطلاب الدارسين من المسلمين، في منطقة بولتافا، وأنّ بلاده تخطط لتسليمه إلى مصر.

الإخوان في بولندا

كشف الباحث الأمريكي ذو الأصول الإيطالية لورينزو فيدينوفي دراسته المنشورة عام 2021 تحت عنوان “هياكل الإخوان في أوروبا”، أن بولندا بها نسبة كبيرة جداً من عناصر تنظيم الإخوان بين دول أوروبا الشرقية، ورأى أنها الأكثر نشاطاً. وتعد “الرابطة الإسلامية المركزية”، التي تأسست في عام 2004، هي المنظمة المركزية للإخوان داخل بولندا، ويرتبط بها العديد من المنظمات الأخرى مثل “فيمسو”، ذلك فضلاً عن الرابطة الدينية الإسلامية التي تأسست عام 1925، وتعمل مؤخراً بالتنسيق مع عدد من قيادات الجماعة داخل بولندا وخارجها. ومن أبرز قيادات الإخوان في بولندا، عبد الجبار الكبيسي الذي شغل العديد مناصب قيادية في منظمة “EUrope Trust”، وهي مؤسسة إخوانية نشطة في عدة دول أوروبية.

هل تتخذ أوروبا الشرقية تدابير لمواجهة نشاط الإخوان؟

تنظر غالبية الدول في شرق أوروبا إلى التواجد الإخواني باعتباره محدود للغاية غير مؤثر، وحتى في ضوء التحذيرات الأمنية من احتمالات تنامي نشاط الإخوان داخل تلك الدول وما يمثله من خطورة على المجتمع والأنظمة الحاكمة، وذلك على النقيض تماماً من دول الغرب الأوروبي، التي أدركت مؤخراً مدى الخطر الذي يمثله التنظيم، وبدأت بتطبيق استراتيجيات أمنية وفكرية واسعة النطاق للتعامل مع هذه المخاطر، أقرت إجراءات منذ عام 2020، نجحت نسبياً في تقييد أنشطة التنظيم وتتبع مصادر تمويله.

باستثناء الإجراءات الأوكرانية في عامي 2018 و2020، لا توجد إجراءات أمنية تذكر لتحجيم نفذ جماعة الإخوان داخل دول أوروبا الشرقية، ولا تبدو الحكومات منتبهة للأمر في الوقت الراهن، خاصة أن عمليات التنظيم غير نشطة بالداخل، الأمر الذي يعطي مؤشراً مطمئناً لتلك الدول، تتوهم أن الجماعة في حالة سكون ولا تمثل خطراً، لكن من المتوقع أن تراجع تلك الدول سياستها في القريب العاجل في ضوء تنامي الإجراءات الأوربية ضد التنظيم، وكثافة التقارير الأمنية والاستخباراتية التي تحذر من نشاطاته. الإخوان المسلمون في أوروبا ـ الهيكل التنظيمي، المخاطر والتحديات

2-الإخوان في أوروبا ـ الهيكل التنظيمي والخلايا

ركزت استراتيجية الانتشار والتمكين لدى جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها في مصر عام 1928، على دول الغرب باعتبارها نطاق جغرافي ضروري لحماية مصالح التنظيم وتوسيع أنشطته، وضمن خطة الانتشار التي وضعها مؤسس لتنظيم الأول آنذاك، حسن البنا، وعرفت باسم مخطط “أستاذية العالم”، كانت دول أوروبا وفي مقدمتها لندن حاضرة كواجهة رئيسية للتنظيم للانطلاق فيما بعد  إلى غالبية دول القارة العجوز، ويسجل التنظيم اليوم حضوراً بارزاً في ألمانيا وفرنسا وبلجيكا والنمسا وغيرهم، إلى جانب العاصمة البريطانية التي تعد واحدة من أهم معاقل الإخوان في العالم.

بالرغم من تشديد الإجراءات لمواجهة التنظيم داخل المجتمعات الأوروبية منذ عام 2021 في ضوء استراتيجية شاملة أقرها الاتحاد الأوروبي لمواجهة الإرهاب والتطرف، عقب هجمات دامية استهدف عدة عاصم أوروبية وثبت تورط عناصر منتمية لتنظيمات إسلامية بها، بالرغم من هذه الإجراءات الصارمة لمواجهة التوغل الإخواني، إلا ن الجماعة لاتزال تمثل خطر محدق على المجتمعات الأوروبية بوجه عام، فيما تتوالى التحذيرات الأمنية والاستخباراتية من  مغبة التواجد الإخواني داخل دول أوروبا.

ما هو شكل خلايا التنظيم في أوروبا؟

يتكون البناء التنظيمي داخل جماعة الإخوان من مجموعة من الخلايا تشكل الأسرة التنظيمية النواة الأولى، وتتكون الأسرة عادة من (4 ـ 7) أشخاص، ينتخب أحدهم نقيباً للأسرة ويمثلها أمام رئيس الشعبة الإخوانية، وهي رتبة تنظيمية أعلى، وتتلقى الأسرة برنامجاً تربوياً عبارة عن برنامج ثقافى وجزء اجتماعي يشمل التعارف التفاهم وتكافل والتكافل وبرنامج تربوى، والأهم برنامج رياضي أقرب إلى التدريبات العسكرية، يختص بالشباب والنشيء بحسب المراحل العمرية المشاركة فيه، وتعرف المجموعة المشاركة في هذا البرنامج الأخير باسم “الكتيبة”، نسبة للمجموعات العسكرية في الجيوش.

 

يشبه البناء التنظيمي لجماعة الإخوان الشكل الهرمي، يترأسه المرشد العام، يليه مكتب الإرشاد ثم مجلس الشورى العام، يليه القطاعات واللجان والمكاتب الإدارية، فيما يمثل التنظيم الدولي كيان بلائحة منفصلة ملحقة باللائحة المنظمة لعمل الجماعة المركزية في مصر، وبناء مستقل يترأسه مرشد الإخوان أيضاً لكن المشرف عليه هو أمين التنظيم الدولي وله مجلس شورى منفصل.ملف: الإخوان المسلمون في أوروبا الهيكل التنظيمي ومصادر التمويل

انهيار البناء التنظيمي

حالة الصراع الأخيرة داخل تنظيم الإخوان أثرت بشكل مباشر على الهرم التنظيمي في الداخل والخارج، فمع غياب المرشد العام، والصراع المحتدم بين إبراهيم منير(قبل وفاته) ومحمود حسين ثم بين حسين وصلاح عبد الحق على منصب القائم بالأعمال، وانقسام الجماعة فعلياً إلى جماعتين لكل منهما مرشد، الأولى جماعة لندن ويترأسها صلاح عبد الحق، والثانية جماعة إسطنبول ويترأسها محمود حسين، فضلاً عن غياب القطاعات واللجان المشكلة داخل مصر بسبب الملاحقات الأمنية لعناصر الجماعة المرصودة على قوائم الإرهاب، مع كل هذه المتغيرات سقطت لائحة العمل التنظيمي للإخوان وتلاشى البناء الهرمي المركزي، وأصبحت آلية عمل الخلايا الإخوانية أقرب إلى المسارات العنقودية تتسم بعشوائية شديدة وعدم قدرة على حسم القرار بشكل مركزي.

تأثرالتنظيم في أوروبا، وانعكس ذلك على ألية عمل التنظيم بسبب المواجهة الأمنية الشاملة التي تنفذها السلطات وفي مجموعة من الدول، وفي الوقت الراهن باتت جماعات الإسلام السياسي تعتمد استراتيجيات تركز على التضليل والسرية في ممارسة نشاطها، كما تخفي تماما أي صلة تنظيمية مباشرة مع جماعة الإخوان، المصنفة على قوائم الإرهاب في عدة دول عربية، ومتهمة بممارسة العديد من العمليات الإرهابية.

هل تتشابه ألية عمل خلايا الإخوان في أوروبا مع الشرق الأوسط؟

تعمل جماعة الإخوان داخل أوروبا تقريباً وفق نفس الألية التي تمارسها في دول الشرق الأوسط من حيث شكل البناء التنظيمي والهيكل الداخلي، وكشف تقرير تلفزيون ولاية بافاريا الألمانية  تفاصيل عن “الخلايا السرية” التي يشكلها تنظيم الإخوان، لتسهل عمل عناصره وتجذب مزيدا من التابعين، والتي تعرف بـ”الأسر”. وأكد “المكتب الاتحادي لحماية الدستور” في ولاية شمال الراين وستفاليا، وجود ما يعرف بـ “خلايا الأسرة” في أوروبا الغربية.الإخوان المسلمون فى أوروبا .. إستنساخ خلايا الأسرة في التنظيم. بقلم حازم سعيد

سعت الجماعة إلى استخدام المنظمات غير الحكومية في أوروبا وعلى سبيل المثال في فرنسا وهي جمعيات غيرربحية مثل الجمعيات الخيرية والمساجد وغيرها من المؤسسات بهدف الترويج إلى افكارها المتطرفة، والقيام بأعمال العنف والتطرف. أعلنت السلطات الألمانية حظر جماعة “أنصار الدولية” في 6 مايو 2021 بسبب تورطها في تمويل منظمات إرهابية كـ”هيئة تحرير الشام” في سوريا و”حركة الشباب الصومالية”. ويعتمد الاتحاد الأوروبي عدة معايير لتصنيف المنظمات كمنظمة إرهابية وتجميد الأصول المرتبطة بها حيث تقوم الجهات المعنية بالاتحاد، بإعداد سجل للأفراد والمنظمات المنخرطة في أعمال وأنشطة إرهابية وتجميد أرصدة وأصول الكيانات والأفراد المتورطة.

قيادات تدير خلايا تنظيم الإخوان في أوروبا:

  • ـ إبراهيم الزيات: يحمل الجنسية الألمانية وشغل عدة مناصب في العديد من المنظمات الإسلامية في ألمانيا وأوروبا ويحاضر بانتظام حول قضايا الاندماج والهوية الإسلامية في البلدان الأوروبية ، فضلاً عن التمويل والاقتصاد الإسلاميين.
  • رشيدة النقزي: تعد أبرز القيادات النسائية لتنظيم الإخوان المسلمين في أوروبا. تونسية الأصل و تقيم في مدينة ” Bonm” تترأس قسم المرأة باتحاد المنظمات الإسلامية واحد أهم القيادات النسائية قى جماعة الإخوان المسلمين.
  • سمير فلاح : يقود التنظيم الميداني للإخوان ويعد مراقب الجماعة في أوروبا، ويقيم في ألمانيا.
  • أحمد الراوي، وأنس التكريتي: يديرا الشأن الديني والاجتماعي للجماعة في أوروبا من بريطانيا.
  • وأحمد جاب الله، وأبوبكر عمر، وعمر الأصفر، وفؤاد العلوي: يديرون تنظيم الإخوان المسلمين من فرنسا.
  • مصطفى الخراقي ومحمد الخلفي: وشكيب بن مخلوف : من أهم قيادات الإخوان فى السويد.
  • عماد البراني، ومحمد كرموص : يقودا تنظيم الإخوان المسلمين فى سويسرا.

الهيكل التنظيمي للإخوان في أوروبا

تعتمد استراتيجية جماعة الإخوان على الانتشار في أوروبا، على منحى عكسي، مقارنة بنشاطها في الدول العربية، بمعنى أن عملية التوغل في الدول الأوروبية تحدث من خلال مؤسسات خيرية ومنظمات اجتماعية ومدنية، وليست تحت هيكل تنظيمي موحد أو ثابت أو إطار سياسي وتنظيمي، كما هو الحال في مصر على سبيل المثال.  يجد الباحثين والسلطات التي تراقب نشاط الإخوان في تلك الدول، صعوبة في وضع حدود فاصلة لتلك المؤسسات والتأكد من انتماءها تنظيميا للإخوان. وبالتالي يختلف الهيكل التنظيمي للإخوان في أوروبا من دولة إلى آخري، ولكن الملامح المشتركك تتعلق بالأهداف التي تسعى كافة المنظمات والمؤسسات التابعة للتنظيم حول العالم إلى تحقيقها، والمواقف التي يتم تمريرها من خلال تلك المؤسسات، وكذلك علاقتها بنشاط الجماعة الأم في مصر أو بعض الدول العربية، فضلا عن المعلومات التي تتكشف من حين إلى آخر بخصوص، التعاون بينها وبين أذرع الإخوان في العالم.

تنقسم جماعة الإخوان إلى 67 فرعا حول العالم، يضعها التنظيم الدولي تحت تقسيم جغرافي إلى 7 مناطق، أهمها على الإطلاق في الوقت الراهن أوروبا باعتبارها الملاذ الآمن لنشاط التنظيم. وينقسم الهيكل التنظيمي للإخوان في أوروبا كالتالي:

التنظيم الدولي:  أسسه مصطفى مشهور المرشد الخامس للجماعة عام 1982 بعد هربه من مصر إلى ألمانيا، حيث دخلت تحت مظلته مجموعة من الجمعيات والمؤسسات الأهلية والاقتصادية حول العالم، بهدف تحقيق مخطط الجماعة لأستاذية العالم، الذي أقره حسن البنا، ويعني أن تصل الجماعة إلى الحكم في أكبر عدد من الدول العربية بالتزامن، وتتمكن من التسلل لمؤسسات العمل التنفيذي في الدول الغربية، ومقره الرئيسي في لندن.

 المنظمات والمؤسسات التابعة للإخوان: التي تم تأسيسها في الدول الأوروبية تحت غطاء القانون لكنها تعمل وفق أهداف التنظيم وعلى تحقيق أجندته الخاصة، وبحسب المعلومات المتاحة في هذا الصدد، تعد أبرز تلك المؤسسات؛ الرابطة الإسلامية في بريطانيا، المجلس الإسلامي البريطاني، الهيئة الدينية الإسلامية في النمسا، التجمع الإسلامي في ألمانيا، ومنظمة “رؤيا” الألمانية، نظمة المرأة المسلمة في ألمانيا، وتترأسها القيادية الإخوانية رشيدة النقزي، والمجلس الإسلامي فى برلين الذي يضم خضر عبد المعطى أهم قيادات تنظيم الإخوان المسلمون الدولي، والمركز الإسلامي في ميونيخ: وهو التنظيم المركزي لجماعة الإخوان في ألمانيا.

الشبكات المالية للإخوان: بالرغم من عدم توافر أرقام دقيقة ومحددة حول “الإمبراطورية المالية” لجماعة الإخوان في أوروبا، إلا أن التقديرات تؤكد أنها شبكة ضخمة متعددة الأوجه، تتنوع ما بين البنوك والاستثمارات المالية المصرفية والشركات في مختلف القطاعات، والتجارة الحلال، و “الأوف شور”، ويقصد بـ” الأوف شور”، أنها ” شركات يتم تأسيسها فى دولة أخرى غير الدولة التي تمارس فيها جماعة الإخوان نشاطها، وتتمتع هذه الشركات بغموض كبير، يجعلها بعيدة عن الرقابة، وهو ما جعلها تنجح حتى الآن فى لفت أنظار أجهزة المخابرات والمنظمات القانونية التي تطارد هياكل تمويل الإرهاب، في كل أنحاء العالم”، وتعد أحد أهم الروافد التمويلية لجماعة الإخوان.

الهيكل المالي: رصدت تقارير أوروبية مجموعة من الاستثمارات التابعة لجماعة الإخوان داخل أوروبا بالإضافة إلى تجارة “الحلال” و”الأوف شور”، منها على سبيل المثال:

بنك التقوي: أسسه القيادي الإخواني يوسف ندا والملقب بـ”البرنس” استناداً إلي علاقاته مع العديد من أجهزة المخابرات الأوروبية، بلغ رأس مال بنك التقوي ما يعادل (229 ) مليون دولار،قامت مجموعة التقوى بتأسيس العديد من الأفرع لها في ليختنشتاين وبريطانيا.

بنك أكيدا الدولي : تأسس فى “ناسو” ومتورط في تمويل عدد من الجماعات الأصولية، من بينها حركة حماس، وجبهة الخلاص الإسلامية، والجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، وجماعة النهضة التونسية، بالإضافة إلي تنظيم القاعدة.

مؤسسة أوروبا : تأسست عام 1997 ويقع مقرها فى “ليستر شاير”، شغل منصب مديرها التنفيذى “أحمد الراوى”، هو عضو فى المكتب الدولى لجماعة الإخوان.

شركة “Stahel Hardmeyer AG in Nachlassliquidation“: و تأسست في مارس 1967، ويصل رأس مالها إلى (18.3) ملايين فرنك سويسري، وتعمل الشركة في مجال تجارة الجملة والمنسوجات القطنية، ولديها عدد من الشركات التابعة في عدد من الدول.

شركة “World Media Services Ltd” : تأُسست عام 1993 وهى شركة تعمل فى مجال خدمات وسائل الإعلام.

شركة ” Jordan Company Secretaries Limited “: وتأُسست فى 2007، وتعمل فى مجال توفير الخدمات للشركات البريطانية وخدمات المعلومات التجارية.

شركة “BS Altena AG” : تم تأسيسها في عام 2010 وتعمل في مجال العقارات طويلة الأجل.

**

3-الإخوان المسلمين في أوربا ـ واقع التنظيم في بريطانيا

مثلت بريطانيا وتركيا ملاذاً آمناً لعناصر تنظيم الإخوان الهاربين من مصر منذ عام 2013،كما تعد الدولتين المعقل الأكبر للتنظيم داخل أوروبا، حيث سجلت الجماعة حضوراً مبكراً هناك.  تأسس فرع الإخوان في لندن منذ نهاية خمسينات القرن الماضي لتصبح مقراً رئيسياً لانطلاق الإخوان نحو دول أوروبية أخرى، فيما تحظى الجماعة اهتماماً خاصاً في تركيا التي يحكمها حزب العدالة والتنمية المحسوب على التنظيم، ويقيم فيها العدد الأكبر من قيادات التنظيم الفارين من مصر، عقب اتهامهم بقضايا إرهاب، وفي الوقت الراهن تدار الجماعة من قبل مجموعتين متصارعتين، الأولى من لندن بقيادة صلاح عبد الحق، والثانية من إسطنبول بقيادة محمود حسين.

الإخوان في بريطانيا

يرتبط الإخوان المسلمون في بريطانيا بمنظومة مهمة للغاية من المصالح، التي ترتبط بأمور سياسية وأمنية واجتماعية، جعلت لهم أهمية كبرى لدى الحكومات المتعاقبة، ويتم ذلك من خلال نظام مؤسسي محكَم، حيث يشمل منظومة من الجمعيات، وصلت إلى ما يقارب (60) منظمة داخل بريطانيا. فيما تنامت حجم الاستثمارات المباشرة والغير مباشرة لجماعة الإخوان في بريطانيا. وتشير التقديرات إلى أن تنظيم الإخوان المسلمون يمتلك ثروات مالية تتراوح بين (8 – 10) مليارات دولار. وقد حصلت شركات الإخوان المسلمون ومؤسساتها على الوضع القانوني، ويرجع ذلك إلى تخوف بريطانيا من أن تتحول أنشطة الجماعة إلى النشاط السري لضرب المصالح البريطانية وتهديد أمنها.الإخوان المسلمون في بريطانيا: هيكل التنظيم ومصادر التمويل

أبرز قيادات الإخوان في بريطانيا

ـ إبراهيم منير (توفى في 4 نوفمبر 2022): كان يشغل منصب القائم بعمل المرشد، حيث كان منير يدير الجماعة من العاصمة البريطانية لندن، وكان يشغل منصب المتحدث باسم الإخوان فى أوروبا منذ عام 1982، ويقيم منذ سنوات فى العاصمة البريطانية لندن، كما أنه أحد مؤسسى منتدى الوحدة الإسلامية (IUF) ومقره لندن.

ـ محمود الإبياري: الأمين العام المساعد للتنظيم الدولي للإخوان في لندن، الذى يتولى مسئولية المجموعة البريدية للجماعة، وكان يشرف على نقل التعليمات والتكليفات الواردة من المرشد العام أو القائم بأعمال المرشد إلى باقي قيادات الإخوان عبر مجموعة بريدية خاصة تضم دائرة ضيقة ومحدودة من القادة، وتشير معلومات إلى أنه يشغل منصب الأمين العام للتنظيم الدولي خلفاً لمنير.

ـ عصام الحداد: عضو سابق فى منظمة الإغاثة الإسلامية وشريك مؤسس للهيئة ويعد من أكبر مسئولي وقيادات الإخوان، إلى جانب محمد سودان، أمين لجنة العلاقات الخارجية بجماعة الإخوان المقيم أيضًا في لندن.الإخوان المسلمون في أوروبا ـ هل انتهى زمن الإخوان ؟ (ملف)

واجهات الإخوان في بريطانيا

هناك حوالي (60) منظمة داخل بريطانيا، ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين وجماعات الاسلام السياسي بينها منظمات خيرية ومؤسسات فكرية، وقنوات تلفزيونية،  ومن أبرز هذه المؤسسات:

الرابطة الإسلامية في بريطانيا(MAB): تمثل أبرز كيانات الإخوان بالمملكة وأسسها كمال الهلباوي، عضو سابق في مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين المصري، والمتحدث الرسمي السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب الذي انشق فيما بعد عن الجماعة ، وتضم قيادة حزب (MAB) قيادات إخوانية مثل عزام التميمي ، الناشط السابق في جبهة العمل الإسلامي (الحزب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية). محمد صوالحة ، العضو السابق في حماس. وأسامة التكريتي نجل زعيم الفرع العراقي لجماعة الإخوان المسلمين.

منظمة الإغاثة الإسلامية في بريطانيا: مؤسسة إسلاموية بارزة ، مرتبطة بشكل وثيق بشبكة الإخوان المسلمين، ولها فروع في أكثر من (20) دولة. تمتعت بقدر كبير من الوصول إلى المسؤولين الحكوميين البارزين. اذ تضمنت فعاليات الإغاثة الإسلامية خطابات للأمير تشارلز . كما أصبحت هيئة الإغاثة الإسلامية أول جمعية خيرية إسلامية متخصصة تحصل على تمويل من الحكومة البريطانية لمشاريع في القارة الأفريقية عام 1994. وفي عام 2012، أغلق العملاق المصرفي السويسري UBS حسابات الإغاثة الإسلامية و “منع التبرعات القادمة من عملائه إلى المؤسسة الخيرية” ، حسبما ورد، بسبب مخاوف من تمويل الإرهاب. بعد أربع سنوات ، فعل HSBC  الشيء نفسه.

المجلس الإسلامي في بريطانيا (MCB) : أكبر منظمة دعم سياسي تعمل باسم المسلمين في بريطانيا، تأسست عام 1997 على يد قيادات جماعة الإخوان المسلمين ، وهى منظمة جامعة لأكثر من (500) مؤسسة إسلامية منتشرة في جميع أنحاء بريطانيا، وفي عام 2009 قررت بريطانيا وضعها تحت الرقابة على خلفية دعمها لعمليات العنف.

الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية: أسسه عصام يوسف في التسعينيات يمتلك الصندوق (11) فرعا في بريطانيا . دخل الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية ضمن التصنيف الذي أطلقته الحكومة البريطانية في 2017؛ حيث اعتُبر كجزء من البنية التحتية لفرع جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس في بريطانيا. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ حيث وجهت وزارة الخزانة الأمريكية أصابع الاتهام إليه واعتبرت أن الصندوق ما هو إلا كيان إرهابي أنشئ لتقديم الدعم المالي لحركة حماس . فيما قرر بنك “HSBC” وقف التعامل بالحوالات البنكية المجدولة من المتبرعين لصالحه  منذ 17 مايو 2020.

مؤسسة قرطبة (TCF):هي “مؤسسة شرق أوسطية “للفكر”  ويديرها أنس التكريتي ، المتحدث الرئيسي باسم لوبي جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا ، رغم أنه يدعي أنه ليس عضوا فيها.  وفي شهر أغسطس 2014، أغلق بنك أتش أس بي سي (HSBC) الحساب المصرفي لأنس التكريتي فضلا عن حسابات أقاربه ومؤسسة قرطبة حسبما جاء في الجارديان .

تقارير الاستخبارات البريطانية حول الإخوان

كشفت وثيقة  تضمنت مراجعة هامة لبرنامج “بريفينت” الحكومي  (Prevent) لمكافحة التطرف في بريطانيا، في  29 ديسمبر 2022  أن أموال دافعي الضرائب البريطانيين استخدمت “لتمويل جماعات تروّج للتطرف ، بالكشف عن شخصيات بارزة تعمل في منظمات يموّلها برنامج “بريفينت” (Prevent) لمكافحة التطرف، يشتبه بأنها دعمت حركة “طالبان”، ودافعت عن جماعات متشددة محظورة في المملكة المتحدة، واستضافت دعاة يروّجون “خطاب كراهية”، وفقاً لمسودة مسرّبة للوثيقة اطلعت عليها.

 الإخوان في تركيا

لا تعلن جماعة الإخوان بشكل رسمي عن فرعها في تركيا، لكن التواجد الإخواني قديم ومتجذر، ويعبر عنه مجموعة من الأحزاب التي يطلق عليها أحزاب الحركة الإسلامية التي بدأت في تركيا منذ عام 1969، مع دخول مؤسس تيار الإسلام السياسي داخل البلاد نجم الدين أربكان المعترك السياسي وفوزه في الانتخابات النيابية ليؤسس عدة أحزاب سياسية شكلت فيما بعد نواة الإسلام السياسي داخل تركيا، أبرزها حزب الرفاة، وحزب السعادة، وحزب الفضيلة، أخيراً حزب العدالة والتنمية برئاسة تلميذه الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان.مكافحة  الإرهاب ـ مصر وتركيا من المواجهة إلى التعاون الأمني

المراكز والجمعيات المرتبطة بالإخوان في تركيا:

– جمعية النسيج الاجتماعي، التي يتولاها ويديرها الداعية التركي نور الدين يلديز، وفي مارس 2020 تناولت تقارير إعلامية، دورها في تجنيد الشباب التركي والعربي، وتأهيله للانضمام للإخوان، وتعليمه أفكار الجماعة، وتدريس كتب مؤسسها حسن البنا، ومنظرها سيد قطب.

– جمعية الحكمة،التي تأسست في العام 2002، على يد التركي من أصل سوري جمال الدين كريم، يتولى رئاستها حالياً الإخواني المصري عبد العزيز إبراهيم، أحد قيادات لجنة التربية داخل الجماعة، تستهدف اللاجئين العرب الذين يقيمون في تركيا هرباً من الأحداث والنزاعات في دولهم مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، وتعتبر أول منظمة تركية تنضم لما يسمى “اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا”، المظلة الرسمية لجماعة الإخوان في أوروبا والغرب.

– اتحاد المنظمات الأهلية الإسلامية، الذي تأسس في اسطنبول، ويضم أكثر من (350) منظمة تابعة للإخوان في العالم، كما يسند إليه تلقي أموال الإغاثة والتبرعات والزكاة، ويديره فعليا اثنان من قادة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، وهما غزوان المصري وجمال كريم الدين، ويترأس مجلس إدارته الإخواني علي كورت.

– اتحاد الجمعيات المصرية في تركيا، الذي تأسس عام 2018، ويتولى قيادته مدحت الحداد القيادي البارز بجماعة الإخوان في مصر والهارب للخارج.

 

قيادات الإخوان في تركيا

نجم الدين أربكان: لقّبه البعض بـ”مهندس الحركة الإسلاميّة في تركيا”. هو الوجه الأبرز بين تيار الإسلام السياسي في تركيا، وصاحب تاريخ سياسي مثير ومتشابك، تنقّل فيه من نائب مستقل، إلى زعيم حزب، فأحزاب، فرئيس حكومة، أحد أبرز قيادات التنظيم الإخواني ‏وهو مهندس وسياسي تركي تولى رئاسة حزب الرفاه ورئاسة وزراء تركيا من الفترة بين 1996 و1997.

شوكت كازان: أبرز قيادات حركة الإخوان وأحد مؤسسي حزب الرفاة وتولى منصب وزير العدل في حكومة أربكان.

رجائي قوطان: سياسي تركي، ساهم في تأسيس عدد من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي، كان آخرها حزبا الفضيلة والسعادة.

ياسين خطيب أوغلو: وهو برلماني تركي ونائب مقرب من نجم الدين أربكان ورئيس حزب الفضيلة الإسلامي.

ويقيم في تركيا العشرات من قيادات جماعة الإخوان الهاربين من مصر، منذ عام 2013، أبرزهم محمود حسين الأمين العام للجماعة والذي أعلن نفسه قائماً بأعمال المرشد العام عقب وفاة إبراهيم منير في الرابع من نوفمبر 2022 ومصطفى طلبة عضو لجنة إدارة شؤون التنظيم، وقيادات الإخوام محمد حبيب، وجمال حشمت، وعدد من إعلاميي التنظيم مثل معتز مطر ومحمد ناصر وغيرهم.

تأثير التفاهمات المصرية التركية على الإخوان

بدأت القاهرة وأنقرة في مايو 2021 مباحثات استكشافية لإعادة العلاقات المنقطعة منذ عام 2013، شملت مناقشات حول ضرورة وقف الدعم التركي لجماعة الإخوان، كشرط لعودة العلاقات الثنائية بين البلدين، وبالفعل أصدرت السلطات التركية تعليمات في مارس 2022، بوقف البث الفضائي لعدة منصات إعلامية تابعة للإخوان وطالبت إعلاميين تابعين للجماعة بمغادرة أراضيها. وعممت قراراً بمنع الهجوم على مصر وهددت بإلقاء القبض على أي عنصر إخواني يهاجم القاهرة من داخل الأراضي التركية.

على الرغم من التفاهمات المصرية التركية وعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وتبادل الزيارات على مستوى وزراء الخارجية، إلا أن ملف تسليم عناصر تنظيم الإخوان المطلوبين لدى القاهرة، والمدرجين على قوائم الإنتربول الدولي، يبدو غامضاً وغير واضح من جانب السلطات التركية، فيما تؤكد مصادر وتصريحات لبعض عناصر التنظيم أن أنقرة قد طمأنت المتواجدين على أراضيها عدم نيتها تسليمهم، وقد طالبت بعضهم بمغادرة أراضيها لرفع الحرج عنها فقط.

تقيم وقراءة مستقبلية

ـ تجد جماعة الإخوان، في ضوء بحثها المستمر مؤخراً عن توفير ملاذات آمنه لأنشطة التنظيم وعناصره، خاصة بعد التضييقات الأوروبية الأخيرة، تجد في دول شرق أوروبا بيئة خصبة لاحتضان قيادات الجماعة وممارسة نشاطها بحرية بعيداً عن الرقابة المشددة، ويساعدها في ذلك التواجد الإخواني القائم لدى دول الغرب، من خلال شبكة من الجمعيات والمؤسسات التابعة للجماعة.

ـ لا تتوقع الجماعة أن تتخذ السلطات بدول أوروبا الغربية إجراءات من شأنها التضييق على نشاط التنظيم في الوقت الراهن، وتراهن على غياب فكرة الرقابة، خاصة على التمويلات، لتوفير ممرات آمنة للأموال من وإلى الشرق الأوسط.

ـ حالة الاطمئنان التي تعيشها دول أوروبا الغربية تجاه تنظيم الإخوان، ستمنح التنظيم مساحة أكبر للتمدد وتكثيف النشاطات خلال الفترة المقبلة، وتعزيز مكانته ونفوذه داخل تلك الدول كبديل طبيعي عن دول الغرب الأوروبي التي باتت تنتهج سياسات أكثر صرامة تجاه التنظيم وتضعه تحت المراقبة.

ـ في ضوء تصاعد التحذيرات وتواتر التقارير الأمنية والاستخباراتية وكذلك تحذيرات الباحثين من خطر تنامي نشاط الإخوان داخل أوروبا الغربية، من المتوقع أن تنتهج الدول سياسات أكثر صرامة مع التنظيم، خوفاً على أمنها واستقرارها، كما ستدفع الحرب الأوكرانية العديد من الدول إلى مراجعة سياستها فيما يتعلق بالتنظيمات المؤدلجة وتيارات التطرف الإسلاموي.

 ـ تعمل خلايا الإخوان في أوروبا وفق أليات متقاربة مع أنشطة التنظيم داخل مصر وفي الشرق الأوسط بشكل عام، تعتمد على تكوين هيكل هرمي للتنظيم يبدأ بمجموعات صغيرة تمثل الأسر الإخوانية ويتشكل منها عدد من اللجان والمكاتب التي تتولى مهام الإشراف على التنظيم، تتسم أيضاً بالسرية التامة والعمل التنظيمي وفق لوائح محددة وضمن سياقات لا تخرج عن تنفيذ الأوامر والانصياع للقيادة التنظيمية.

 

ـ بالرغم من نفيها المتكرر أي علاقات مع الجماعة الأم، إلا أن شبكات التنظيم داخل أوروبا تخضع في إداراتها بشكل كامل لمكتب الإرشاد، وتنفذ الأوامر والتعليمات الصادرة من قمة الهرم التنظيمي، ويعد منصب الأمين العام للتنظيم الدولي هو المشرف والمنسق لألية عمل الإخوان داخل الدول الغربية بشكل كامل.

ـ يجب أن تتعامل السلطات والحكومات بمختلف دول العالم مع جماعة الإخوان باعتبارها كتلة واحدة، أو شبكة متعددة الأفرع، كذلك التعامل بجدية مع ملفات الإرهاب لدى جهات التحقيق في الشرق الأوسط، ودراسة الاتهامات الموجه للتنظيم للتوصل ألى النمط الصحيح للتعامل معه أمنياً وقانونياً.

ـ حالة الصراع الأخيرة داخل الإخوان، أقد ظهرت حقيقة حاولت الجماعة إنكارها على مدى العقود الماضي، حول علاقة التنظيم الدولي بالجماعة، المُصنفة “إرهابية” في مصر وعدة دول عربية، منذ عام 2014، وأثبتت مدى ارتباط هؤلاء بتنظيم الإخوان في الداخل المصري وأنهم جميعاً يدورون في فلك التنظيم نفسه. لذلك يجب أن تراجع دول أوروبا، خاصة الدول الداعمة للتنظيم مواقفها بشأن الإخوان.

ـ لا يبدو أن تركيا ستتخلى عن دعمها لجماعة الإخوان المسلمين بشكل كامل، فبالرغم من سعيها الجاد نحو بناء تفاهمات مع القاهرة من شأنها توسيع العلاقات وتحقيق تعاون مشترك على مستوى الملفات الإقليمية والتعاون الاقتصادي، إلا أنها في الوقت ذاته تتمسك بدعم جزئي للإخوان تفضل أن يظل سرياً، والهدف هو الحفاظ على ورقة الإسلام السياسي كحليف لنظام الرئيس التركي وورقة ضغط في بعض الأحيان يمكن استخدامها أو التلويح بها على الأقل.

ـ كذلك لا ترغب بريطانيا في وقف الدعم أو الإعلان عن موقف واضح تجاه التنظيم، الذي يتخذ من لندن مقراً رئيسياً له، فيما تشير غالبية المؤشرات إلى استمرار الدعم المقدم من السلطات البريطانية لجماعة الإخوان، وربما المؤشر الأهم هو استضافة بريطانيا لعدد من العناصر الذين غادروا تركيا وأيضاً استضافة منصات التنظيم الإعلامية بديلاً عن إسطنبول.

ـ يقوم التعاون بين الإخوان والنظم السياسية بشكل عام على البراجماتية  وتحقيق المصالح المشتركة وهو ما يمكن فهمه في قراءة طبيعة العلاقات بين التنظيم وكلا من تركيا وبريطانيا، لذلك ليس من السهل أن تتخلى حكومتي الدولتين عن دعم الإخوان بشكل سريع.

ـ من الضروري استمرار الضغط على كافة الدول الحاضنة للإخوان وفي مقدمتها تركيا وبريطانيا، لرفع اليد عن التنظيم، والاعتراف بنشاطه الإرهابي والتعامل مع جرائمه بشكل قانوني.

رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=89371

جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

هوامش

The Pan-European Structures of the Muslim Brotherhood: Study Report

http://bitly.ws/Iw7E

CEE activities of the Muslim Brotherhood – Final Report

http://bitly.ws/IwaG

Review: “The Muslim Brotherhood’s Pan-European Structure

http://bitly.ws/IwbI

الإخوان المسلمون في أوروبا ـ الهيكل التنظيمي، المخاطر والتحديات

http://bitly.ws/Iwcs

Aims and Methods of Europe’s Muslim Brotherhood

http://bitly.ws/LV7D

Islamism and the Muslim Brotherhood infiltrating the European Parliament

http://bitly.ws/LV87

The West Continues to Mishandle the Muslim Brotherhood

http://bitly.ws/LV8I

الإخوان المسلمون فى أوروبا .. استنساخ “خلايا الأسرة” في التنظيم

http://bitly.ws/LV9b

5 The Muslim Brotherhood in Britain

http://bitly.ws/M3wK

Londonistan: Britain’s Secret Relationship with Islamist Extremism

http://bitly.ws/M3x6

The Rise of the Islamist Movement in Turkey

http://bitly.ws/M3xv

Turkey’s relationship with the Muslim Brotherhood

http://bitly.ws/M3yn

FacebookTwitterWhatsAppPrintFriendlyEmailTelegram

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى