مثبت في الرئيسيةمقالات

قيادات حماس فرّت من الوطن ولم تعد.. لماذا؟

قيادات حماس فرّت من الوطن ولم تعد

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – خلال حرب بيروت عام 1982. التي حشدت إسرائيل فيها كل جيشها وكل الاحتياط، واستخدمت كل أنواع أسلحتها الفتاكة، وعلى سبيل المثال، قصفت إسرائيل بيروت الغربية في يوم واحد ( 6 آب/ أغسطس ) بمئة ألف قذيفة، من الجو والبحر والبر، خلال هذه الحرب الطاحنة كانت تدور على كل متر ومن منزل إلى منزل، على امتداد ثلاثة أشهر تقريبا، ياسر عرفات بقي فوق الأرض بين مقاتليه ولم يختبئ في نفق، وكانت الطائرات الإسرائيلية تطارده من موقع إلى آخر، وخرج من بيروت في آخر سفينة أبحرت من مرفأ بيروت. وخلال حرب عام 2002، التي أطلق عليها شارون “السور الواقي”، دمر الجيش الإسرائيلي معظم مقر الرئيس ياسر عرفات في المقاطعة وحاصره في مكتبه لعامين رافضا كل العروض للمغادرة، قيادات فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية تصرفت بنفس الطريقة، وعندما أتيحت لهم الفرصة للعودة للوطن ضمن اتفاقات أوسلو عادوا جميعا وهم جميعا لايزالون في الوطن بعضهم فارق الحياة ومنهم لا يزال.

قيادات حماس خلال كل الاعتداءات الإسرائيلية على غزة كانت تختبئ في الأنفاق وعندما تنتهي الحرب يخرجون ليعلنوا “النصر” على حساب تضحيات المدنيين والمقاتلين. قيادات حماس فرت من قطاع غزة، ليس إسماعيل هنية وحده من فر ولم يعد بل هناك العشرات، من أبرزهم، خليل الحية، وفتحي حماد، وطاهر النونو، وإبراهيم صالح، وسامي أبو زهري، وصلاح البردويل، هم فروا مع زوجاتهم وأولادهم ويقيمون في أفخم الفنادق في الدوحة وإسطنبول وأنقرة وبيروت. هم فروا وتركوا الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعيش تحت وطأة الاعتداءات والفقر والبطالة وفي ظل الحصار وصعوبة السفر بل واستحالته لمعظم الناس، في غزة اليوم 85 % من السكان يعيشون تحت خط الفقر…أين قيادة حماس من ذلك؟.

قيادات حماس لم تفر وتعش حياة رغد ورفاه وحسب، ولكن هم وأبناؤهم يديرون مشاريع تجارية وعقارية، وينفقون الميزانيات دون أن يتحملوا أية مسؤولية تجاه الشعب في قطاع غزة بل يفرضون عليه الضرائب غير القانونية. فالسلطة الفلسطينية هي من يدفع معظم رواتب الموظفين هناك، وفاتورة كهرباء وماء القطاع والخدمات الصحية والتعليم والبلديات والمشاريع.

قيادات حماس تعتمد على وسائل الإعلام لتلميع صورتها والتغطية على هروبهم وفسادهم. ليس وسائل إعلامهم، أي إعلام حماس، والذي شغله الشاغل مهاجمة فتح والسلطة الفلسطينية وبث الفتنة ولغة التكفير والتخوين، بل هم يعتمدون أساسا على قناة الجزيرة، والمعروف عنها دعمها لجماعة الإخوان، وهناك إعلام وقنوات الجماعة مثل قناة الحوار الإخوانية التي تبث من بريطانيا، وقناة القدس وغيرها من القنوات.

حجة قيادات حماس في الفرار هي الهاجس الأمني، ولكن هم يعلمون ومن يرعاهم يعلم أن إسرائيل لو أرادت الوصول إليهم لوصلت. الموساد اغتال قيادات الثورة الفلسطينية في بيروت وتونس وأوروبا، اغتال القادة الثلاثة في بيروت كمال عدوان، وكمال ناصر، وأبو يوسف النجار عام 1973، واغتال أبو حسن سلامة في بيروت عام 1979 واغتال ماجد أبو شرار في روما عام 1981. وقبل ذلك كانت إسرائيل قد اغتالت مجموعة من قيادات فتح والمنظمة الناشطين على الساحة الأوروبية، محمود الهمشري، وسعيد حمامي. ووائل زعيتر، وعز الدين القلق وغيرهم، ولاحقا عاطف بسيسو. وفي تونس حاولوا اغتيال الرمز ياسر عرفات في غارة جوية على مقره في حمام الشط في العاصمة التونسية، وثم اغتالوا خليل الوزير “أبو جهاد” وصلاح خلف “أبو إياد” وهايل عبد الحميد “أبو الهول” كما وصلت إلى ياسر عرفات واغتالته بالسم، المقصود هنا أن إسرائيل لو أرادت الوصول إلى قيادات حماس لفعلت..والسؤال لماذا لا تفعل؟

هذه القيادات تتمتع بضمانات حصلت عليها بواسطة دولة إقليمية وبالتنسيق مع مؤسسات أميركية، كتلك التي أعطيت لقيادات حركة طالبان في الدوحة بهدف إجراء عملية تأهيل كاملة وعلى كل المستويات تجري لقيادات حماس لكي يكونوا مهيئين لاحتمال “انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية”، تماما كما جرى لقيادت طالبان ليكونوا على استعداد لتسلم السلطة في أفغانستان حال انسحاب الولايات المتحدة الأميركية منها. فقيادات حماس لم تفر خوفا من الاغتيال، بل هم غادروا ضمن ترتيب وخطة مبيتة، لذلك هم يتحركون ويتنقلون بمنتهى الأريحية ومدربون على مواجهة وسائل الإعلام، وخاصة الراعية لهم.


اقرأ\ي أيضاً| حماس ..إصبع مسموم في المقاومة وتسعة للفتنة


ربما نحن بحاجة لنتذكر معا علاقات جماعة الإخوان المسلمين مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية خلال حقبة الحرب الباردة، فقد وفرت هذه الوكالة مع مخابرات غربية أخرى لهم الملجأ في بون ولندن وحتى في الولايات المتحدة الأميركية نفسها مقابل العمل معا على مواجهة “الخطر الشيوعي والسوفييتي” في تلك الحقبة من التاريخ، وضد الأنظمة العربية القومية وخاصة جمال عبد الناصر. لقد كانت الجماعة إحدى أهم الأدوات خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات بيد أجهزة المخابرات الغربية، ووقفت إلى جانب تدخل الولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان عام 1979 ضد السوفييت والنظام الموالي لهم هناك ودعمت المجاهدين.

خلال كل تلك الفترة كان جناح الإخوان المسلمين في فلسطين يرفض رفضا قاطعا أن يشارك فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ورفض الانضمام للثورة الفلسطينية، بل على العكس كانت جمعيات الإخوان في الأرض المحتلة تعمل بحرية وأحيانا بدعم غير مباشر من سلطات الاحتلال كي يكونوا بديلا للمنظمة.

قيادات حماس في أكثر من مكان يجري إعدادها اليوم لنفس الدور القديم لتكون هذه الحركة الإخوانية بديلا للمنظمة والسلطة الفلسطينية. هذا الحديث لا يعني أن كل ما تتعرض له منظمة التحرير الفلسطينية هو بفعل مؤامرة خارجية، هناك حاجة لإجراء تقييم شامل للتجربة والقيام بعملية إعادة تفعيل أكثر ضمن الأسس الديمقراطية وضمن حوار وطني شامل، لأن أهمية المنظمة تكمن بأنها هي المعبر عن الوطنية الفلسطينية، وهذه الأخيرة هي المستهدفة بشكل خطير من أطراف عدة ومعظمهم في خدمة الرواية الصهيونية. مع ذلك هذا الموضوع ليس هو موضوعنا في هذا المقال، الهدف أن يكون الشعب الفلسطيني متنبها وحذرا من مخططات استهداف الوطنية الفلسطينية والتي تمثل حماس رأس حربة لها.

ملاحظة أخيرة، لم أكن أرغب بنشر هذا المقال بعيد اجتماع الأمناء العامين في العلمين وذلك حرصا على فرصة الوحدة الوطنية، باعتبارها الأساس الثابت والراسخ لصمودنا على أرضنا وتحقيق المكتسبات، ولكن إعلام حماس، (الناطق باسمها مباشرة أو أدواتها الإعلامية المخفية)، لم يتوقف أبدا عن بث الفتنة وروح الانقسام، لذلك كان من الضروري التوضيح فلا يمكن لحماس الإخوانية أن تؤمن بالوحدة ولا بالوطنية الفلسطينية، ومع ذلك لا بد من الحوار والمحاولة لعل وعسى.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى