شؤون عربية و دولية

تونس..تحقيقات مع قادة النهضة لكشف ملف التسفير

شعاع نيوز- قالت أوساط سياسية تونسية إن جهات التحقيق في ملف التسفير تعتمد أسلوب التنويع والمفاجأة من خلال جلب عناصر متعددة من حركة النهضة وبمستويات مختلفة وصولا إلى رئيس الحركة راشد الغنوشي ومساعديه، وإن الهدف هو الوصول إلى ثغرة تكسر حالة الإنكار الجماعي لعلاقة الحركة وحكومة الترويكا التي قادتها بين 2012 و2013 بهذا الملف الحساس.

وأضافت هذه الأوساط أن القضاء، الذي حدثت فيه تغييرات لافتة بعد تغيير المجلس الأعلى للقضاء، لجأ إلى إجراء استجوابات متكررة للغنوشي ومساعديه في ملفات مختلفة، سواء ما تعلق منها بالتسفير أو ما اتصل بموضوع التمويل الخارجي، للتوصل إلى تناقض في الإفادات، وهو ما سيفتح باب معرفة خفايا الملف الذي تنفي الحركة أي علاقة به في حين يتهمها البعض من خصومها بأنها ساعدت بشكل أو بآخر على لحاق المئات من الشبان التونسيين بمناطق التوتر، خاصة في ليبيا وسوريا.

وكان لافتا تغيير جهة التحقيق من وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للحرس الوطني إلى مقر “الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب” ببوشوشة المتخصصة في ملفات الإسلاميين خلال فترة الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.

وقال مسؤولون في حركة النهضة السبت إن الشرطة ستستجوب الغنوشي وعلي العريض، وهو رئيس وزراء سابق ووزير داخلية في حكومتي الترويكا 1 و2، للاشتباه في “إرسال جهاديين إلى سوريا”، لكن دون الإدلاء بتفاصيل.

ولم تدل السلطات التونسية بأي بيان عن سبب استدعاء الغنوشي والعريض.

وخلال الشهر الماضي ألقت السلطات القبض على عدد من المسؤولين الأمنيين السابقين وعضوين من حركة النهضة بتهم تتعلق بتسفير تونسيين من أجل الجهاد، من بينهم الحبيب اللوز القيادي التاريخي ورئيس جمعية الدعوة والإصلاح. كما حُبس محمد فريخة القيادي السابق بالنهضة وصاحب شركة طيران خاصة في ما أصبح يعرف في تونس بقضية “تسفير الجهاديين إلى سوريا”.

ورغم تصريحات صادرة عن قياديين في الحركة تعتبر أن الاعتقالات جزء من حملة ضد الحركة وأن الهدف إلهاء الشارع التونسي عن الأزمة الاقتصادية، فإن ما يلاحَظ هو ظهور حالة من الارتباك في مواقف هؤلاء القياديين في الوقت الذي تعرف فيه الحركة أن فتح ملف التسفير والتعمق فيه وإيجاد أي روابط للحركة أو لبعض عناصرها به سيقود إلى تعقيد الوضع، خاصة في ظل الدعوات المنادية بحل الحزب بعد ما جاء في تقرير دائرة (محكمة) المحاسبات بشأن التمويل الخارجي المعروف بقضية اللوبيينغ.

وقال مراقبون للشأن التونسي إن ما يكشف عن ارتباك النهضة هو لجوؤها إلى تحشيد أنصارها والمحامين الذين ينتمون إليها أمام مقر الشرطة في بوشوشة بضاحية باردو التي تضم مقر البرلمان، لافتين إلى أن استعراض الأنصار يحمل إيحاء بالقوة والتماسك لكنه في العمق يكشف خوفا وارتباكا مما هو آت، خاصة أن القضاء لم يعد يخضع للتعليمات كما كان في السابق.

وتجمّع العشرات من المتظاهرين أمام وحدة التحقيق في بوشوشة احتجاجا على استجواب الغنوشي والعريض. وهتف بعضهم “حريات حريات.. دولة البوليس وفات.. حريات لا قضاء التعليمات.. نحن مع الغنوشي”. وردد آخرون “يسقط الانقلاب يسقط قيس سعيد”.

وكانت النهضة قد قالت الأحد في بيان لها إن “ما يجري يندرج في مسعى إلهاء الرأي العام عن قضاياه وهمومه الاقتصادية والاجتماعية وأوضاعه المعيشية المتدهورة”، لافتةً إلى أنّ “ما يجري لن يثني الحركة عن الدفاع عن الحقوق المشروعة للتونسيين والتونسيات ودعم تحركاتهم القانونية لتحقيقها”.

وقال الغنوشي السبت إن التحقيق “محاولة جديدة لاستهداف المعارضين وخطوة جديدة للإقصاء”.

وقال العريض إنه لم يُبلغ رسميا بسبب استدعائه، لكن التسريبات تفيد بأن الأمر مرتبط بإرسال جهاديين إلى سوريا. وأضاف العريض “كنت ضد هذه الظاهرة واتخذت إجراءات للحد منها”، مشيرا إلى أن الهدف هو صرف انتباه الجمهور عن ارتفاع الأسعار وفقدان السلع والمشاكل الكثيرة في البلاد.

وكانت فاطمة المسدي، النائبة السابقة وعضوة لجنة التحقيق في شبكات التسفير التي أعلن عنها برلمان 2014، قد تقدمت بشكوى في ديسمبر 2021 لدى القضاء العسكري من أجل الكشف عن حقيقة ملف التسفير، لتتم إحالة الملف إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.

وقالت فاطمة المسدي في تصريح إعلامي بعد الانطلاق في عمليات الإيقاف الأولى إنها قدمت شكاية بعد انقضاء أشهر على التغييرات التي حصلت في المشهد السياسي عقب الخامس والعشرين من يوليو، وجهود الرئيس قيس سعيّد لتحرير القضاء من سيطرة الأحزاب.

وأشارت في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية إلى أنه تم الاستماع إليها لتسليم الوثائق اللازمة التي تحصلت عليها من لجنة التسفير في برلمان 2014 ووثائق أخرى توصلت لها كنائبة شعب، متّهمة نواب حركة النهضة بتعطيل عمل لجنة التحقيق في شبكات التسفير خلال تلك الفترة.

لكن القيادية في حركة النهضة فريدة العبيدي قالت إن اتهامات المسدي سياسية ولا علاقة لها بالواقع، مشيرة إلى أنها تتحدى المسدي إن كان بإمكانها أن تعرض وثائقها المتعلقة بتعطيل نواب النهضة لعمل لجنة التحقيق في التسفير.

وترتبط القضية بشبكات التسفير إلى سوريا للقتال هناك والتي نشطت خلال السنوات الأولى غداة الحرب الأهلية في سوريا. وتنفي الحركة، التي صعدت إلى الحكم بعد انتخابات 2011 التي أعقبت الثورة، أي صلات لها بتلك الشبكات.

وقدرت مصادر أمنية ورسمية في السنوات الماضية أن نحو 6000 تونسي توجهوا إلى سوريا والعراق في العقد الماضي للانضمام إلى الجماعات الجهادية، ومنها تنظيم الدولة الإسلامية. وقتل الكثيرون هناك بينما فر آخرون إلى بلدان أخرى وعاد البعض الآخر إلى تونس.

واتهمت الأحزاب العلمانية في تونس حركة النهضة بالتساهل مع إسلاميين متشددين أثناء فترة حكمها بعد الثورة وحث الشبان في المساجد والاجتماعات الخاصة على الجهاد في سوريا، وهو أمر تنفيه الحركة باستمرار.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى