مقالات

نتنياهو لا يأبه ببايدن

نتنياهو لا يأبه ببايدن

شعاع نيوز – الكاتب: عمر الغول – معادلات التحالف والصراع لها أشكال وتلاوين عديدة، منها: الصراع بين الأعداء، وهذا الشكل الرئيس ينقسم إلى أكثر من مستوى، الصراع بين الدول المركزية في الخارطة العالمية على تقاسم النفوذ في المعمورة، وقد يكون بين دول مركزية، وقد يكون بين تحالفات دولية متصارعة والشواهد على ذلك عديدة في الحربين العالميتين الأولى والثانية وزمن الحرب الباردة، والصراع الدائر الآن بين الأقطاب الدولية على إعادة تقاسم النفوذ وتشكل المنظومة الدولية؛ الصراع بين الدول الكبرى والصغرى بهدف نهب ثروات الأخيرة، وإخضاعها لتبعية الدول القطبية؛ الصراع بين الدول الاستعمارية والشعوب وحركات التحرر الوطني فيها؛ والصراع الاجتماعي الطبقي داخل الدول المختلفة، وهذه المستويات من الصراع تتسم بالتناقض التناحري؛ والإطار الرئيس الثاني يكون بين الدول والحكومات الحلفاء وزعمائها، وبين القوى والأحزاب والكتل البرلمانية والشخصيات المستقلة داخل الدول، وأيضا بين قوى حركات التحرر الوطني.

وإذا توقفنا أمام القسم الثاني، واخذنا نموذج التحالف والصراع بين الإدارة الأميركية وحكومة إسرائيل حاليا، الناظم الأساس للعلاقات بين الدولة السيدة أميركا والدولة الوظيفية التابعة إسرائيل، هو التحالف الاستراتيجي الذي لا تؤثر فيه التباينات والتعارضات بين الإدارات الأميركية والحكومات الإسرائيلية المختلفة، والتي قد تأخذ أحيانا نوعا من التوتر النسبي الناجم عن الاختلاف في وجهات النظر في إدارة الصراع في الإقليم، أو حول أية قضايا سياسية أو أمنية وآليات التعامل معها. لأن الدولة الوظيفية نتاج تطورها، وتضخم دورها تحاول إيجاد مساحة بينية مع سادتها في واشنطن، ويسعى زعماؤها أحيانا للاستقلال النسبي في إدارة صراعاتها الداخلية أو مع أعدائها الخارجيين. كما يجري الآن لأن بنيامين نتنياهو يرى في إدامة حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني مصلحة شخصية له ولأركان حكومته، في حين تفترض إدارة بايدن أن مواصلة الحرب وارتفاع نسبة الضحايا وعمليات التدمير في أوساط الشعب الفلسطيني تؤثر سلبا على حملتها الانتخابية للرئاسة، التي باتت على الأبواب في نوفمبر القادم بسبب التحولات الجارية والمتصاعدة في أوساط الرأي العام الأميركي والرأي العام العالمي، وحتى على مستوى الدول في العالم، حيث باتت واشنطن تشعر أنها معزولة نسبيا، وتقع تحت ضغوط من حلفائها الأقربين في الاتحاد الأوروبي.

وبالتدقيق فيما جاء على لسان الرئيس الأميركي بايدن في خطابه (حال الاتحاد) أمام المجلسين يوم الجمعة الماضي 8 مارس الحالي، وما أعقبه من تصريحات إعلامية عن دور نتنياهو المضر والمؤثر سلبا على إسرائيل نفسها أكثر مما يفيدها، نرى أنه حصر الخلاف مع شخص رئيس الحكومة وحكومته، وليس مع دور ومكانة إسرائيل الدولة الوظيفية، لهذا أكد في نفس المقابلات انه سيبقى يدعم الدولة العبرية بالمال والسلاح، ومنحها “حق الدفاع عن نفسها”. ولكن ضمن الرؤية الأميركية وحسابات المصالح الحيوية للولايات المتحدة.


اقرأ\ي أيضاً| بايدن: نتنياهو «يضر بإسرائيل» بطريقة إدارته الحرب في غزة


هذا الموقف الأميركي لم يقبل به رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية، ورد نتنياهو في يوم الأحد 10 مارس الحالي في مقابلة مع قناة “بوليتيكو” الأميركية، وقال “إن بايدن مخطئ، وسياساته تدعمها الغالبية العظمى من الإسرائيليين”، وتابع “أن آخر شيء تريده إسرائيل هو حكم السلطة الفلسطينية لقطاع غزة.” مضيفا “انه لا يعرف بالضبط ما الذي يقصده الرئيس الأميركي،” مشددا على انه لا يتبع سياسات خاصة ضد رغبة الإسرائيليين، ولا يعمل للإضرار بمصالح إسرائيل.”

ورغم أن نسبة تقارب الـ70% من الإسرائيليين مع مواصلة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967 وخاصة في قطاع غزة. إلا أن هذا الموقف للشارع الإسرائيلي، لا يعني أنه مع بقاء نتنياهو في الحكم، فقد ارتفعت صيحات المتظاهرين الساخطين مساء يوم السبت 9 مارس الحالي في تل أبيب مطالبين برحيل حكومته الفاسدة، كما هتف المتظاهرون “انتخابات الآن” و”أعيدوا الرهائن”، أضف إلى أن الأزمات التي تعاني منها الدولة العبرية السياسية والأمنية العسكرية والاقتصادية المالية والاجتماعية ضاعفت من احتدام الغضب في الداخل الإسرائيلي والخارج الغربي والعالمي وخاصة من قبل الإدارة الأميركية.

ما تقدم، يؤكد أن التناقض بين واشنطن وتل ابيب، ليس على التحالف الاستراتيجي الثابت، وإنما على شخص رئيس الوزراء وأركان حكومته ، الذين لم يستوعبوا آليات واشنطن لإدارة حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، كما أن إدارة بايدن مع أنها تعلم خلفية نتنياهو لإدامة الحرب، ورفضه الخيار الأميركي، لأن ثمن وقف حرب الإبادة دون تحقيق أية اهداف وضعها وأعلنها يعني التسريع بإسقاطه عن كرسي الحكم، وهو لن يفعل ذلك، حتى لو دمر إسرائيل. وبالنتيجة فإن تعمق التباين سيضطر واشنطن للي ذراع نتنياهو وحكومته، باستخدام بعض أوراق الضغط لفرض الإملاءات عليه، أو التسريع بإزالته عن رئاسة الوزراء. وقادم الأيام كفيل بالجواب، لأن وقت الإدارة من ذهب، ولا مجال للتسويف بحساباتها ومصالحها.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى