مقالات

حرب القرارات الدولية

حرب القرارات الدولية

شعاع نيوز – الكاتب: عمر الغول – صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع الاقتراح الفلسطيني بطلب رأي قانوني حول ماهية الاستعمار الإسرائيلي من محكمة العدل الدولية في لاهاي، وما إذا كان الاحتلال الإجلائي الإحلالي الصهيوني للأراضي الفلسطينية يعتبر ضما دائما لها. وكانت نتيجة التصويت 87 دولة صوتت لصالح القرار، و24 دولة عارضته، و53 دولة امتنعت عن التصويت.

ووفق التصويت المبدئي على الاقتراح، الذي أمسى قرارا أمميا، فإن الوجود الإسرائيلي في أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران/ يونيو 1967 وفي طليعتها القدس العاصمة الأبدية لفلسطين غير قانوني، ويطلب من المحكمة وضع الآليات والخطوات الواجب انتهاجها من قبل الهيئة الأممية ودول العالم ضد إسرائيل المارقة والخارجة على القانون.

وكما يعلم العالم أجمع، والمراقبون السياسيون والإعلاميون والحقوقيون أن منبر الأمم المتحدة بات منذ زمن انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ساحة حرب دامية بين الشعب الفلسطيني وقيادته ومؤيديه من الأشقاء والأصدقاء وبين دولة الاستعمار الإسرائيلي، والذين أوجدوها ودعموها ومازالوا حتى يوم الدنيا هذا يشكلون الغطاء والحماية لكل موبقاتها وجرائم حربها وفاشيتها، التي باتت تزكم الأنوف والضمائر الحية. لأن حجم وأشكال وبشاعة تلك الجرائم فاق الوصف، وتخطى من زمن بعيد، أو بالأحرى منذ تمت الموافقة على قرار التقسيم الأممي 181 في تشرين الثاني نوفمبر 1947.

وآخر عناوين هذه الحرب المستعرة بين الحق والباطل، بين العدالة الإنسانية والسياسية والقانونية النسبية، واللاعدالة، بين القانون الدولي وقوانين الغاب، بين الظالم والمظلوم، كانت معركة الاقتراح المذكور آنفا، وتمكنت القيادة الفلسطينية بدعم من الأشقاء والأصدقاء من كسب المعركة بضربات الجزاء. رغم كل الضغوط والأسلحة الفتاكة من التهديد والوعيد ومن الإغراءات للعشرات من الدول من قبل إسرائيل والولايات المتحدة والعديد من دول الغرب الاستعماري. إلا أن النتيجة كانت نجاحا وإنجازا مميزا، رغم ارتفاع عدد الدول المعارضة والمتحفظة، والأخيرة في معظمها، إن لم تكن غالبيتها داعمة للحق الفلسطيني، ولكنها لجأت للتحفظ هربا من سيوف الضغط الأميركية الإسرائيلية.

وكان مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، جلعاد أردان قد استبق التصويت بتصريح همجي ووقح، هاجم فيه الاقتراح، والأمم المتحدة، والدول المساندة لفلسطين وشعبها وقيادتها في نيل بعض حقوقها الوطنية، على أرض وطنها الأم فلسطين التاريخية، وقال ذلك المارق، إن “القرار الحقير المتوقع اتخاذه اليوم وصمة عار على الأمم المتحدة وكل دولة تدعمه”. وأضاف بعنجهية وغطرسة المستعمر الفاجر “لا توجد هيئة دولية تستطيع أن تقرر، أن إسرائيل “تحتل أرضها”، وأن “وجودنا” في القدس أو “يهودا والسامرة ” (الضفة الفلسطينية بما فيها القدس) غير قانوني”.


اقرأ\ي أيضاً| ترحيب فلسطيني بإقرار الأمم المتحدة طلب فلسطين فتوى قانونية من “العدل الدولية” حول ماهية الاحتلال


وتابع مهاجما المحكمة ذاتها بنفس الطريقة والأسلوب اللاأخلاقي واللاقانوني والمتناقض مع ألف باء المنطق والقانون، والمعادي لأبسط معايير الديمقراطية، التي لا يعرفها، ولا يقبل بها، لا هو ولا كل أركان دولته، ولا كل الذين يقفون خلف إسرائيل النازية، فقال “إن المحكمة التي حصلت على تفويض من هيئة مشوهة أخلاقيا مثل الأمم المتحدة، ليست لها شرعية”.

وإذا كانت الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية مشوهة، وليس لها شرعية، من هو الشرعي في العالم؟ هل أنتم منتجو قوانين الغاب والروايات المزورة والأكاذيب المفضوحة، التي تتنافى مع أبسط معايير الواقع في الأرض الفلسطينية العربية؟ وأليست تلك الهيئة الأممية التي قبلتم قرارها الأممي 181 لتقسيم فلسطين عام 1947؟ لماذا الآن باتت مشوهة أخلاقيا؟ ولم يتوقف أردان المجرم عن قلب الحقائق وتشويهها، فخلص للافتراء على الشعب العربي الفلسطيني، فنضح من مستنقع الصهيونية العنصرية والفاشية الآسن، وادعى أن “الفلسطينيين رفضوا كل مبادرات السلام، وهم يحرضون على القتل كل يوم، ويدعمون الإرهاب، والأمم المتحدة تساعدهم على إيذاء إسرائيل بالذات”.

وأنا أطالب أركان الإدارة الأميركية وكل دول الغرب الداعمة لدولة الاستعمار الإسرائيلية، أن يسألوا ذلك المتغول الفاشي، ليذكر مبادرة واحدة طرحتها إسرائيل منذ قيامها حتى اليوم؟ تناسى ما جاء في تصريحه الذي نناقشه، ورفض فيه مجرد القبول بقرارات الشرعية الدولية، ورفض محكمة العدل الدولية سلفا، واعتبرها معادية سلفا لدولته اللاشرعية، وتجاهل ذلك المأفون، أن الأمم المتحدة غضت النظر عما يزيد عن الألف قرار أممي منذ قرار التقسيم 181، وقرار عودة اللاجئين 194 اللذين وافق وزير خارجيته في 1947، و1949 على تنفيذهما، لأن تطبيقهما مرتبط ارتباطا عضويا بشرعية وقبول دولته في الأمم المتحدة، ومع ذلك حتى الآن لم يتم تطبيق قرار أممي واحد من قرارات الشرعية الدولية.

لا أود أن أرد على كل نقطة تفوه بها ذلك الصهيوني المجرم، والذي يفترض في رئاسة هيئة الأمم المتحدة العمل على طرده من منابرها، لأن مجرد وجوده فيها لاشرعي. ومع ذلك نجاح الاقتراح الفلسطيني، رغم الحرب الشرسة، هو الرد الأبلغ على دولة العار والجريمة والإرهاب المنظم الإسرائيلية. ومبروك لفلسطين الإنجاز الجديد، وشكرا لكل من تحدى الضغوط والتهديدات الأميركية والإسرائيلية، ودعم الحق الفلسطيني العربي.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى