مقالات

هزيمة إسرائيل الأخلاقية

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – من المؤكد ان إسرائيل التي تمتلك اقوى آلة تدمير في المنطقة، قد لحقت بها في غزة الهزيمة الاخلاقية، وهي ضمن معايير معينة افدح تأثيرا من الهزيمة العسكرية، بالمقابل اثبتت الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة والضفة مرة أخرى ان الشعب الفلسطيني قد يلحق به دمار مرعب لكنه غير قابل للهزيمة بمعنى كسر الارادة والاصرار على نيل الحقوق. خلال نكبة العام 1948 اعتقدت الصهيونية العالمية،ومعها الدول الاستعمارية والمتواطئون معها انهم نجحوا في الحاق هزيمة شاملة في الشعب الفلسطيني، وان فلسطين لم تعد موجودة على خارطة الشرق الأوسط، ولا الشعب الفلسطيني موجودا سياسيا، وتم طمس هويته الوطنية، ولكن بعد عقد من الزمان تأسست فتح، التنظيم الفلسطيني الحر الإرادة، الذي فجر لاحقا الثورة الفلسطينية المسلحة، وأعاد القضية الفلسطينية الى الواجهة.

في إسرائيل تساءلوا مرارا عن سر عدم قدرتهم في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، قليلون منهم من غير المصابين بالعمى الصهيوني العنصري ادركوا الحقيقة وقالوا ان الفلسطينيين اصحاب الارض الحقيقيين لا يمكن هزيمتهم، ولكن صوت هؤلاء كان منخفضا ولم تستمع له غالبية الطبقة السياسية في إسرائيل، وبالتالي كانت القوة السبيل الوحيد، من وجهة نظرهم التي قد تخدع الفلسطينيين وجربوا المرة تلو الأخرى، لكنهم فشلوا. وهنا نتذكر مقولة الروائي الاميركي ارنست همنغواي الشهيرة، ولعلها من اهم ما كتبه هذا الروائي الكبير ” الانسان قد يدمر لكنه لا يهزم ” اكثر ما تنطبق على الشعب الفلسطيني، الذي لحق به الدمار مرات عديدة، واليوم يتعرض لمزيد من الدمار في غزة، الا انه بقي عصيا على الهزيمة.


اقرأ|ي أيضاً| لا أدلة على أكاذيب إسرائيل


هذه الحقيقة المجربة مرارا، اكثر الرافضين الاعتراف بها اليمين المتطرف الإسرائيلي، وبالتحديد نتنياهو الذي امضى حياته السياسية من اجل اسكات الحقيقة الفلسطينية، وإفشال كل فرص السلام مع الفلسطينيين، وان اكثر ما يمكن ان يقدمه للفلسطينيين هو ان يبقيهم على قيد الحياة، وحتى هذه الاخيرة تراجع عنها في حرب الإبادة التي ينفذها في قطاع غزة. لقد اثبتت التجربة مرة اخرى ان الشعب الفلسطيني، وفي ظل الابادة والدمار لم تنكسر إرادته، وهو يصر على البقاء في أرضه رغم كل الدمار والقتل.

الصهيونيون الاوائل، وبالرغم من إدراكهم ان مشروعهم برمته غير أخلاقي، فانهم كانوا حريصين على الشكليات الاخلاقية، الا ان ذاك سقط عندما مارست الحركة الصهيونية ابشع عملية تطهير عرقي في القرن العشرين. وبعد ان تأسست إسرائيل اصبح الادعاء الابرز هو ان الدولة اليهودية هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، ولكن مع قانون يهودية الدولة العنصري الذي اقره الكنيست الإسرائيلي عام 2018، ومع الحكومة الفاشية التي ارادت تغيير قانون القضاء، وتغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية لم يعد بالإمكان الدفاع عن إسرائيل دولة ديمقراطية.

ثمة امر اهم وهو ان إسرائيل دولة احتلال، وهي في جوهرها دولة عنصرية، فالسؤال هنا كيف يمكن ان تستقيم الديمقراطية مع الاحتلال والاستيطان والعنصرية؟ كل هذه الادعاءات تهاوت تماما في حرب الابادة في غزة، فالمسالة لم تعد مجرد احتلال، او نظام عنصري يمكن اخفاؤه، وإنما حرب إبادة شاملة وحرب تهجير، ومع كل ذاك جاء السقوط الاخلاقي الكبير، فليس لدى إسرائيل من ورقة تخفي بها عورتها، فهي دولة عنصرية فاشية قامت على حساب شعب آخر.

وما يجعل سقوطها الأخلاقي جديا انها تواصل حرب الإبادة وتصر على اجتياح رفح وتدميرها، بالاضافة الى ان القيادة الفلسطينية الشرعية للشعب الفلسطيني تواصل نهجها الداعي للسلام العادل، وتصر على مبدأ حل الدولتين، وهو المبدأ الذي يحظى بدعم كافة الدول باستثناء حكومة نتنياهو الفاشية. لقد لحقت بإسرائيل هزيمة اخلاقية لا توازيها في التاريخ سوى تلك الهزيمة التي لحقت بالمانيا النازية، وبالنظام العنصري في جنوب افريقيا، ولان تأسيسها بني على باطل فإن إسرائيل تقف عارية امام المجتمع الدولي، وهو المجتمع الذي لم يستغل الفرصة المتاحة لإحلال السلام الشامل والدائم، فإنه سيدفع ثمنا باهضا نتيحة صمته على هذا السقوط الاخلاقي لإسرائيل.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى