مقالات

لأرض فلسطين مذاق مختلف لا يدركه إلا الفلسطيني

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – تساءلت كثيرا إن كنا نحن الفلسطينيين نبالغ في حبنا لأرض فلسطين لأنها وطننا، أم لها بالفعل طعم مختلف، وأن لثمارها وخضارها وزيتونها وزيتها وتينها مذاقا مميزا. قد يكون ذلك تحيزا وربما لأننا اعتدنا على هذا المذاق، ولا يعني أبدا أنه مميز، والأمر ذاته بالنسبة لمناخ فلسطين، وتنوع فصولها الاربعة الشتاء والربيع والصيف والخريف على نحو ملموس،، بمعنى أننا نشعر بكل فصل تمام الشعور، ونستمتع بما له من جماليات وطبيعة وطقس. وتساءلت هل فلسطين بالفعل أرض العسل واللبن، أي أنها أرض خصبة، انتاجها غزير. أم أنه وهم تكون بفعل مبالغات الأساطير وقصص التاريخ الممزوجة بالأطماع والتوسع الإمبراطوري القديم والجديد.أحد مكونات ذاكرتنا مقولة كان يرددها أجدادنا وآباؤنا وجداتنا وامهاتنا ” ما في ألذ من ثمار بلادنا “، ربما لدى شعوب بلدان أخرى نفس المقولات، فكل شعب يميز مذاق ما تنتجه ارضه. وإلا ماذا تعني علاقة الانسان بالأرض، ليس أي أرض إنما أرض الوطن. الشعب الفلسطيني كغيره من الشعوب يشعر بعمق بمذاق ثمار أرض وطنه، ويرى أنها ألذ ما في الكون، فالسؤال هنا لماذا يميز الفلسطيني هذا المذاق بهذا الشكل وهذه الحال بل انه يقدسها وخاصة أعشاب أرضه البرية ..؟ الجواب بسيط لأن علاقاته بأرضه علاقة جينية عضوية، فقد أصبح مذاق الأرض جزءا مهما من تركيبته الجينية بعد أن عاش في وطنه عشرات آلاف السنوات. لا أعتقد أن الإسرائيلي اليهودي الذي جاء قبل عقود قليلة، أو حديثا من شرق أوروبا وغيرها يشعر بمذاق الأرض كما الفلسطيني، ولانه كذلك قام بالتلاعب بهذا المذاق ليسلب من الأرض مذاقها وهويتها.

بعد أن بلغت من العمر عتيا، وبعد أن جربنا مذاقات أرض أوطان الآخرين. اكتشفت كم هي مقولات الأباء حقيقية، بل إنها الحقيقة الأهم في اكتشافاتنا لذاتنا الوطنية. وبدون أن يراودنا الشك بفعل صعوبات وتعقيدات الواقع، فإن أرضنا أرض خصبة، وإن تنوع مناخ وطننا لا يشبهه تنوع في جغرافيا صغيرة كمساحة فلسطين، ولا فصول بروعة فصولنا الاربعة، قد يعتبر البعض أن في ذلك مبالغة، ولكن هو الاحساس الرائع بمذاق ارض الوطن.

ليس مبالغا فيه أن العنب الخليلي ، وعنب سردا وكل جبال فلسطين هو ألذ عنب، وليس مبالغا فيه أن تين فلسطين بأنواعه المختلفة هو ألذ تين. وكذلك المشمش والخيار والكوسا البلدي، والفقوس الساحوري حلو المذاق، وبطيخ جنين، وبرتقال وحمضيات يافا والساحل الفلسطيني، وأريحا والاغوار، وجوافة قلقيلية، وجميز غزة، ورطبها، أما الزيت والزيتون الفلسطيني فلا شبيه لطعمه مهما جلت وتجولت في العالم، وكذلك الخضروات والزعتر والاعشاب البرية، حتى عشبة الميرمية الفلسطينية لها طعم ورائحة مميزة، كل ما تنتجه أرض فلسطين مختلف فعلا، ليس من باب القداسة وأنما من باب الطبيعة، والطقس والمناخ وتنوع التضاريس، المهم ان لا تكون يد المحتلين قد وصلته لتغير مذاقه ونكهته الطبيعية.

علاقة الفلسطيني بأرضه ليست علاقة عابرة. او مقطوعة الجذور،إنما هي علاقة الابن بأمه، يميز رائحتها من بين كل نساء الكون، علاقة قديمة جدا تنتقل بالجينات جيلا بعد جيل. والفلاح الفلسطيني يفهم لغة أرضه وهي تفهمه. علاقة الطبيعة والفصول الاربعة، وفي كل فصل يعرف ماذا بإمكانه أن يزرع، ومتى، أو لا يزرع، هو وهي منسجمان تماما، هو يعشقها وهي تعشقه. ليس هناك ما هو غريب في المعادلة سوى المحتل الإسرائيلي، الذي يحاول فصل الابن عن أمه، ويحاول تغيير طبيعة الأرض وهويتها..والسؤال ألا يشعر المحتل أن معركته خاسرة أمام قدرة الفلسطيني على تمييز مذاق أرضه لأنه وحده يدرك طعمها المختلف، فهذه الارض هي وطنه التاريخي ولا وطن له غيره، وعلاقته بها لن تنفصم.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى