مقالات

انفصام حمساوي

انفصام حمساوي

شعاع نيوز – الكاتب: موفق مطر – نركز هنا على قدرة رؤوس حماس على تبديل مواقفهم بذات السهولة التي يبدل فيها الممثلون على مسارح التهريج اقنعتهم، والمصيبة الكبرى أن بعض الجمهور ما زال حتى اللحظة يصفق لهذا العرض، غير مدرك أن مليوني فلسطيني وأكثر في قطاع غزة تسفك دماؤهم حقيقة وليس تمثيلا على مسرح انفصام وانفصال وانقلابات رؤوس حماس، التي لا مؤثر فيها إلا قوة ضغط الممول، وانصياعهم الأعمى، والتزامهم بتنفيذ أوامر كسرى فارس الجديد “الخامنئي“، فالحقيقة نطقها بلسانه، ولا نشتقها من معلوماتنا وتقديراتنا وتحليلاتنا وحسب.

ففي اسبوع واحد أعلن رؤوس حماس موقفين متناقضين من ورقة وموقف الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته لإيقاف اطلاق النار وإنهاء الحرب، تخلله غزل غير مفاجئ بالنسبة لنا لأننا نعرف حقيقة الرعاية الأميركية لرؤوس حماس وحرص الادارة الأميركية على تأمينهم وإبقائهم خارج دائرة الخطر، هذه الحقيقة كشفها سفير قطر في واشنطن بقوله: استضفنا قيادة حماس ودعمناها بحقائب الأموال بطلب من واشنطن وبمعرفة اسرائيل وعبرها!! لكن رؤوس حماس أمعنوا بلعبة تضليل الجماهير، عندما اعتبروا في 18 اكتوبر/ تشرين الأول الماضي: “الإدارة الأميركية منحازة للاحتلال، وشريكا وداعما مباشرا لقادة الاحتلال في هذه المجازر التي يندى لها جبين الإنسانية”. ودعموا موقفهم ببيان في 30 مارس/ آذار الماضي بعد قرار ادارة بايدن ارسال شحنة طائرات أف 35 لإسرائيل: “ذلك يؤكّد الشراكة الكاملة لهذه الإدارة في حرب الإبادة الوحشية ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة” وفجأة رأوا التعامل بايجابية مع مقترح “الشريك بحرب الابادة”! رغم أنه نسخة من آخر ورقه اسرائيلية قدمها نتنياهو للوسطاء، وفضل أن يعلنها بايدن للحفاظ على تماسك ائتلافه !.. لكن أسامة حمدان أعلن من بيروت يوم امس الأول: “أن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي اقترحه الرئيس الأميركي جو بايدن هو مجرد كلمات”!! والسؤال الآن: ماذا حدث ؟! ليصبح بايدن “بياع كلام” بعد أن كان مقترحه “ايجابيا” وبعد أن كان “شريكا” في حملة الابادة ؟

الجواب يكمن في اجتماع القائم بأعمال الخارجية الايرانية باقري مع فصائل فلسطينية في السفارة الايرانية – لاحظوا الخصوصية والسرية في الأمر– قبل 3 أيام من تصريح حمدان، وتمنع رؤوس حماس في الخارج عن تقديم ردهم على مقترح بايدن للوسطاء حتى اللحظة.

ندرك سياسة الادارات الأميركية جيدا، ولن نقبل تفردها برعاية عملية السلام، وزاد على ذلك بإعلان توجه القيادة الفلسطينية لإقرار استراتيجية لحماية القرار الوطني الفلسطيني المستقل كما كان دائما وفق أجندة فلسطينية، وليس أي رؤية أميركية أو أجندات إقليمية، فنحن لن نبقى رهائن لهذه السياسات التي ثبت فشلها، وانكشفت للعالم أجمع بعد فيتو واشنطن بمجلس الأمن على قرار قبول فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ويبقى السؤال : هل تعلمون أن غزل رؤوس حماس مع واشنطن، قد ظهر للعلن بعد هذا الموقف الصريح لقيادة الشعب الفلسطيني؟!.

تبين المواقف المتناقضة لرؤوس حماس، وعدمية اطروحتهم ودعايتهم الخادعة، وانفصالها كليا عن مضمون وفحوى الشعارات مثل: “بداية التحرير” من النهر الى البحر! و”طوفان الأقصى” من أجل منع دخول المستوطنين للحرم القدسي، حسب تهديدات السنوار الذي قال يوما: “هذا المشهد ممنوع أن يتكرر” و”الكل مقابل الكل” أي مبادلة جميع الأسرى الفلسطينيين في معتقلات منظومة الاحتلال، بجنود وضباط ومدنيين اسرائيليين، تمت السيطرة عليهم واقتيادهم الى غزة مع جثامين في عملية 7 اكتوبر/ تشرين الأول 2023، التي نعتبرها الذريعة التي اتخذتها المنظومة لبدء حملة الابادة الدموية على الشعب الفلسطيني وذروتها المدمرة في قطاع غزة، فرؤوس حماس اليوم يستجدون هدنة أي وقف دائم “للعمليات العدائية” أي لإيقاف “عملية التحرير”!! التي كانت شعارا خادعا للجماهير الفلسطينية والعربية، للتعمية على حقيقة انقلاب حماس على حماس، وأن فرع جماعة الاخوان المسلح في فلسطين، بات كغيره من فروع الجماعة في البلدان العربية، تتنازعه المصالح الشخصية، والمادية، والمناصب، والمكاسب الفئوية حسب تقسيمات جغرافية ومجتمعية، وانعكس هذا الواقع على مواقف رؤوس حماس المتعارضة والمتناقضة، بكل القضايا وعلى رأسها قضية ايقاف اطلاق النار، وملف تبادل الأسرى، وموضوع العلاقة مع القيادة الشرعية الفلسطينية و(منظمة التحرير الفلسطينية) والالتزام ببرنامجها السياسي.

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى