حماس وإيران: تحالف تكتيكي واستغلال إيراني للقضية الفلسطينية

شعاع نيوز – الكاتب: عبد الواحد كنعان – منذ تأسيسها، شكلت *حركة حماس* امتدادًا لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، واعتمدت على نهج الإخوان في صياغة أهدافها وأيديولوجيتها. هذه التبعية الفكرية والسياسية جعلت حماس تبحث عن دعم خارجي يعزز قوتها العسكرية والسياسية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. وجدت إيران في حركة حماس حليفًا تكتيكيًا يمكن استغلاله لتحقيق أجندتها الإقليمية، مستخدمة القضية الفلسطينية كورقة ضغط لتعزيز نفوذها في العالم العربي والإسلامي.

باعتبارها جزءًا من جماعة الإخوان المسلمين، تبنت حركة حماس نهجًا براغماتيًا في تحالفاتها، حيث سعت إلى تحقيق أهدافها بعيدًا عن القيود الأيديولوجية الصارمة. في هذا السياق، دخلت حماس في تحالف مع *إيران*، التي كانت تبحث بدورها عن موطئ قدم في العالم السني، ولا سيما في قضية ذات وزن عاطفي وسياسي مثل القضية الفلسطينية. ورغم الاختلافات المذهبية بين إيران وحماس، فإن هذا التحالف كان قائماً على المصالح المشتركة أكثر من المبادئ.

منذ أن بدأت إيران دعمها العسكري والمالي لحماس بعد سيطرة الحركة على *قطاع غزة* في عام 2007، استخدمت طهران القضية الفلسطينية كورقة للتمدد في المنطقة. *إيران تتاجر بالقضية الفلسطينية* من خلال تصوير نفسها كداعم رئيسي للمقاومة، في حين أن هدفها الرئيسي هو تعزيز نفوذها الإقليمي ومواجهة خصومها العرب السُنة، وخاصة *السعودية* و*مصر*.

إيران تدرك أهمية القضية الفلسطينية للعالم الإسلامي، ولذلك استغلت حماس كأداة لتحقيق أهدافها الجيوسياسية، مستخدمة شعار دعم “المقاومة” ضد إسرائيل لتبرير تدخلها في شؤون الدول العربية. هذا الدعم الإيراني لحماس لم يكن مجانيًا، بل جاء مقابل دور تلعبه الحركة في تعزيز الصورة الإيرانية على أنها المدافع الأوحد عن فلسطين، وهو أمر بعيد عن الواقع.

رغم أن الدعم الإيراني لحماس ساهم في تعزيز قدرتها العسكرية، إلا أنه كلف الحركة الكثير سياسيًا. ارتباط حماس بإيران وضعها في موقف حرج أمام دول عربية رئيسية، مثل *مصر* و*السعودية*، التي تعارض التدخل الإيراني في المنطقة. هذا التحالف مع طهران أدى إلى عزل حماس إقليميًا، وجعلها تبدو وكأنها رهينة للمصالح الإيرانية، مما أثر على علاقاتها مع الدول العربية السنية التي كانت تدعم القضية الفلسطينية على مدى عقود.


اقرأ|ي أيضاً| إيران تضحي بأدوات محورها.. لإنقاذ نفسها


في هذا السياق، يُنظر إلى حماس على أنها أداة في يد إيران لتنفيذ أجندتها الإقليمية، وليس حركة تحرر وطني مستقلة تخدم مصالح الشعب الفلسطيني. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التبعية لإيران جعلت حماس أكثر انغماسًا في الصراعات الإقليمية، وهو ما زاد من تعقيد الوضع في غزة وأضعف أي إمكانية لتوحيد الصف الفلسطيني.

بينما تقدم إيران نفسها كحامية للقضية الفلسطينية، فإن الواقع يكشف أن دعمها لحماس ليس سوى جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى التمدد الإقليمي ومواجهة خصومها. القضية الفلسطينية، بالنسبة لإيران، ليست سوى ورقة سياسية تستخدمها للتأثير في العالمين العربي والإسلامي، ومحاولة جذب الجماهير على أساس خطاب المقاومة.

ومع ذلك، فإن هذا الخطاب يتناقض مع الواقع، حيث أن إيران لا تتورع عن التعاون مع قوى عالمية وإقليمية في صراعات أخرى، بينما تستخدم القضية الفلسطينية كغطاء لتعزيز نفوذها في المنطقة. استغلال إيران لحماس بهذا الشكل أضر بالقضية الفلسطينية وأفقدها الكثير من الدعم العربي، مما جعل الشعب الفلسطيني يعاني من عزلة سياسية متزايدة.

في النهاية، العلاقة بين حمـاس وإيران هي علاقة تحالف *تكتيكي* أكثر من كونها تحالفًا مبنيًا على قيم مشتركة. إيران تستخدم حـماس لتحقيق أهدافها الإقليمية، بينما تجد حمـاس نفسها في موقف صعب، حيث تتلقى الدعم المالي والعسكري، لكنها تدفع ثمنًا سياسيًا يتمثل في العزلة عن العالم العربي. هذا التحالف مع إيران، نتيجة تبعية حمـاس للإخوان المسلمين، يُنظر إليه في الدول العربية السنية على أنه *طعنة في ظهر القضية الفلسطينية*، حيث تستخدمه إيران لتعزيز نفوذها، وليس لخدمة القضية الفلسطينية نفسها

المصدر: حفريات

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى