مقالات

يعربدون في مدينة السلام

الكاتب: د. رمزي عودة/ شعاع نيوز: في ظلامة الموقف الذي تعيشه مدينة القدس في هذه اللحظات، تستمر سلطات الاحتلال في ادعاءاتها الكاذبة والتضليل والتحريض. ففي مسيرة الأعلام الاستفزازية، تحدثت هذه السلطات عن السماح فقط لثمانية آلاف مستوطن للمشاركة فيها، ولكنها سمحت بأضعاف هذا العدد للانضمام إلى المسيرة. كما أنها وعدت بألا يتم اقتحام المسجد الأقصى أو الصلاة في باحاته من قبل المستوطنين، ولكنها سمحت للآلاف منهم منذ صباح الأحد الماضي باقتحام المسجد الأقصى والصلاة فيه ورفع الأعلام. وفي الوقت الذي أعلنت فيه سلطات الاحتلال عن ضمان الأمن لحماية حرية العبادة في الحرم القدسي الشريف، إلا أن قوات الاحتلال وفرت الحماية للمستوطنين واعتدت واعتقلت الفلسطينيين. ليس هذا فقط، وإنما أغلقت الشوارع العربية ومنعت المقدسيين من التجمهر حتى تسمح لمسيرة الأعلام باقتحام المسجد الأقصى والدخول من باب العامود.
ليس في مسيرة الأعلام الإسرائيلية من شيء جديد سوى الكثير من الكراهية والعنصرية. عشرات الآلاف من المستوطنين يقتحمون ساحات المسجد الأقصى بشكل غير مسبوق، يصلون الصلوات التلمودية ويهتفون ضد الفلسطينيين بعبارات الموت والقتل والوعيد. إنهم يتوحشون ضد العرب. أحدهم هتف ساخراً “ماتت شيرين”، وبعضهم تجمع كعصابات منظمة أحاطت بمراسلة فضائية فلسطين واعتدوا عليها. واعتدى البعض الآخر على سيدة فلسطينية ورشوها بالغاز، رشقوا الحجارة في وجه الفلسطينيين في باب العامود وفي شارع صلاح الدين. نزعوا الحجاب عن عشرات المرابطات في المسجد الأقصى. جرحوا العشرات من الفلسطينيين. إنهم ببساطة يعربدون في مدينة السلام.. يعربدون في القدس! لا يأبهون بشيء ولا يحزنون على شيء، ويعتقدون أنهم مخولون من الله أن يفعلوا أي شيء. إنهم عنصريون، حتى في صلاتهم، وفي عباداتهم، إنهم عنصريون حتى في هتافاتهم وفي مسيراتهم. إنهم عنصريون حتى في قمعهم وفي قتلهم، في جيشهم وفي حكومتهم. إنهم فقط عنصريون.
يتغولون في مدنية القدس، ويراهنون على أن نستسلم لاستلاب المدينة من تراثها وحاضرها، يقمعون ويرهبون ولكنهم لم ينالوا أبدا من إرادة الشعب الفلسطيني. فقد واجه المقدسيون الرصاص بصدورهم، وكأنما نفخت القدس في أجسادهم الحياة ومنحتهم سر البقاء والصمود والعظمة. في مدينة القدس ستنتصر للحرية ولو بعد حين. ولن يكون فيها سوى السلام والأمن والعدالة لأنها باختصار مدينة السلام.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى