مقالات

لماذا الشرعية الدولية؟!

شعاع نيوز- الكاتب: موفق مطر- أسئلة كثيرة تطرح علينا في اللقاءات والمقابلات حول موضوع الجدوى المأمولة من المجتمع الدولي، وإصرار السياسي الفلسطيني على التمسك بقرارات الشرعية الدولية، وكأن المطلوب هو القطع مع ميدان النضال السياسي الدبلوماسي القانوني في المحافل الدولية، وفتح جبهة صراع أو خلاف عميق في الحد الأدنى مع منظمات الشرعية الدولية ! وهذا ما لا يمكن لقيادة سياسية فلسطينية حكيمة عقلانية واقعية كما هي الآن أن تفعله، لأن من شأن ذلك ترك (الولد العاق) الخارج على الشرعية الدولية (إسرائيل) يتحرك في طول وعرض ملعب القانون العالمي، دون وجود فلسطين الدولة، بعد أن كانت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني تقوم بواجب النضال القانوني لانتزاع الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني من المنظومة الدولية الاستعمارية التي أنشأت إسرائيل ومنحتها المكانة على حساب فلسطين التاريخية .
نناضل في تلك الميادين و نحن على يقين أن الثقل الأساس والرئيس هو إرادة شعبنا اللامحدودة، المستمدة من إيمانه العميق بأنه صاحب الأرض والتاريخ الحضاري ومستقبله على أرض وطنه، التي لن يكون عليها مستقبل حضاري إلا للشعب الفلسطيني الذي منحها القداسة، وسيبقى محافظا على هذه القداسة كما فعل عبر قرون عندما صد الغزوات والحملات الاستعمارية كافة.. فالشعب الفلسطيني موجود على أرضه، يمنحها الحب ويفديها، فتمنحه الوجود الإنساني بجدارة.
نناضل في تلك المحافل بموازاة نضالنا على أرضنا وهدفنا في المسارين التحرير، تحرير إرادة المجتمع الدولي من هيمنة الدول الاستعمارية، وفي المسار الآخر تحرير شعبنا وأرضنا من احتلال واستيطان وعنصرية وكيلها ومستخدمها (إسرائيل) التي أنشأتها الدول الاستعمارية في مركز الوطن العربي والمنطقة الحضارية شرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط .. وإلا لا معنى لأن ترانا شعوب العالم وقواها الحية أهم حركة تحرر وطنية، وأن انتصارها على المشروع الاستعماري الصهيوني العنصري والاحتلال الاستيطاني هو انتصار للشعوب المظلومة كافة، وهزيمة لمنهج الدول الاستعمارية التي اغتالت التاريخ الإنساني قبل إقدامها على أفظع جريمة ضد الإنسانية بحق شعب فلسطين الآمن، ووطنه الذي كان بمثابة منارة حضارية.
نناضل أصلا لإبقاء ضمائر شعوب ودول العالم يقظة، وإقناعها بأن تبنيها للحق الفلسطيني يعني تعزيز دفاعها عن وجودها، وبالتوازي إيقاظ ضمائر شعوب ودول ارتكبت حكوماتها السابقة الجريمة التاريخية بحق شعبنا، وما زالت على ذات النهج المخالف للقيم الإنسانية ومسار التاريخ، ونثبت بذات الوقت أن التزامنا بالقانون الدولي نابع من إيماننا بشراكتنا مع شعوب ودول العالم في رسم مستقبل العالم على أساس العدل والسلام والنمو والازدهار، بخلاف منظومة الاحتلال والاستيطان (إسرائيل) التي باتت موسومة بالعنصرية ككيان استعماري، رفض ويرفض بشكل مطلق الالتزام بقوانين الشرعية الدولية، ويعمل على إضعاف إرادة مؤسساتها خدمة للدول الاستعمارية المصممة على تعزيز هيمنتها وتحكمها في الهيئات الدولية لضمان نجاح منهجها في السيطرة على المنظمات الدولية وإبقاء قوانينها وأنظمتها بمثابة أسلحة تغطي بها جرائمها ضد الإنسانية، ولمنع دولة كفلسطين من استخدام هذه المنظمات لتحقيق العدل والسلام، ونعتقد أن الضغط الممارس على فلسطين لمنعها من ميل الاستشارة بخصوص الاحتلال الإسرائيلي من محكمة العدل الدولية، أحد الشواهد على ذلك، لذا فإننا بهذا النضال الدبلوماسي والقانوني نكشف عورة هذه الدول وحكوماتها المخادعة في سياستها الخارجية لشعوبها، الأمر الذي سيساعدنا على اختراق فضاء الضمير الفردي والجمعي لدى هذه الشعوب، وأحزابها وقواها الشعبية المؤمنة بالسلام والعدل الدوليين.
نناضل في ميادين الشرعية الدولية دون إغفال لحقيقة ثابتة، وهي أن منظومة الاحتلال الاستيطاني العنصرية (إسرائيل) قد منحت شهادة ميلاد وفرضت على العالم رغم انعدام أساس شرعي أو قانوني واحد، وأن تثبيت فلسطين في خريطة العالم، يعني محاصرة هذه المنظومة بجرائمها، التي يجب أن تبقى ضمن منظور دول وحكومات وشعوب العالم وقواها الحية الحرة، مسنودة بالدلائل والإثباتات المقنعة، للحيلولة دون تثبيت احتلالها واستيطانها، وتوسيع رقعة سيطرتها على أرض فلسطين، وهنا علينا ألا ننسى أن منظومة الاحتلال قد نجحت بكسب تعاطف الرأي العام الدولي عبر ضخ هائل من المعلومات والتقارير التي اعتنى بصياغتها خبراء التزييف والتحريف، الأمر الذي يتطلب منا جهودا بدون سقف لكشف حقيقتها.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى