مقالات

القنبلة الذكية ..أم الأذكياء؟!

القنبلة الذكية ..أم الأذكياء؟!

شعاع نيوز – الكاتب: موفق مطر – متى سيعرف العابثون بالوحدة الوطنية الفلسطينية، والمتدخلون في شؤوننا الداخلية القوى منهم والدول، وكذلك الذين سمحوا لأنفسهم أن يكونوا قواعد ارتكاز ووكلاء لهؤلاء، متى سيعرفون أن القنبلة الذكية التي تقصف أعمار أطفالنا ونسائنا ورجالنا وتدمر بيوتنا، وتقلب جيش الاحتلال، وتبيد كل ما يدب على الأرض أو ينبض بحياة في قطاع غزة، أنها ليست مزودة بمجسات، أو ببرنامج فرز بين فلسطيني وفلسطيني آخر، فهي مصممة لقتل المواطن- ليتهم يعرفون معنى المواطنة والمواطن – أيا كان جنسه وسنه وعقيدته الروحية، لسفك دماء المواطن المدني البريء قبل المسلح، أما الهدف الخفي فهو إبادة الهوية الوطنية ومعنى الانتماء للوطن .. وهذا ليس تعبيرا، وإنما قراءة للحقائق والوقائع على الأرض!.

القنبلة الذكية (عمياء، صماء، بكماء)، لا ترى ضحاياها ولا تسمع أنينهم ولا تتحدث عن جريمتها بحق الإنسانية، رغم فاعلية دماغها الإلكتروني البصري، وقدراتها التدميرية الخارقة والحارقة والقاتلة – إذن لماذا سميت بالذكية ؟! هل لأن مخترعها ذكي ومنحها صفاته وقدراته ؟ !، أم أن الجنرال العسكري الذي قرر استخدامها وتفجيرها بالمراكز النابضة بالحياة هو الذكي، أم تراه القابع على رأس الهرم السياسي الذي منح جيشه حرية استدراج صور الهمجية البشرية وسمح باستخدامها هو الذكي؟! .

لا يمتلك أي واحد من أضلاع المثلث قدرات عقلية تجعله يرقى إلى مرتبة الذكاء, فالذكاء نتاج

المجتمعات الإنسانية، وبذلك ارتقت حضارات سابقة، أما في حاضرنا فالشواهد كثيرة، يكفي ذكر اليابان مثلا، فمخترع القنبلة الذكية لم يستخلص العبرة، بأن القنبلتين الذريتين الأميركيتين على هيروشيما وناغازاكي في اليابان، لم تدفعا اليابانيين نحو العصر الحجري، وإنما على العكس، بات الشعب الياباني نموذجا للحيوية والذكاء والبناء الحضاري، أما الجنرال العسكري الذي يقرر استخدام القنابل الذكية، لقتل مئة طفل وأم وأب، وجرح المئات وتدمير عشرات البيوت فوق رؤوس ساكنيها، فيما هدفه المعلن شخص واحد في المكان، فهذا نموذج لغطرسة القوة والبطش، المعلوم كصفة للهمجية البشرية، حيث كانت قبائل أو ومجموعات بشرية تباد على أيادي مثيلاتها بسبب مقتل شخص أو سرقة ماشية، وهذا الأمر لا صلة له بالذكاء إطلاقا، أما الرغبة بزيادة نياشين الانتصارات – كما ظن هذا الجنرال – واكتساب صورة البطولة، فإن الشواهد المادية الملموسة والحقائق الميدانية ستؤكد إدانته في محاكم الإنسانية، كمجرم حرب، فالجنرال العسكري الذكي لا يسقط في وحل الجريمة ضد الإنسانية، لأنه بذلك يرسم علامة استفهام فوق رأس كل واحد ممن ادعى أنه يدافع عنهم، ولأنه بذلك ينسف المعادلة الطبيعية بأن حق الحياة والدفاع عن النفس ليس حكرا على إنسان دون آخر، فالتمييز العنصري أيا كانت دوافعه ومنطلقاته ليس إنتاجا انسانيا، وإنما غريزة وحشية تأصلت في المخلوقات المفترسة، كمعادلة ظرفيه في صراع البقاء، واستنسخ أفظع جيناتها الجنرالات البشريون، وحقنوها في شرايين عسكرهم المضللين.


اقرأ|ي أيضاً| “سنعاقبهم في المحاكم الدولية حتى لو ذهبوا لآخر العالم”


بقي من هذا الجهل والشر الثلاثي المطلق هذا أو ذاك “سياسي” – شبه للناس أنه كذلك – أقنع نفسه ويحاول اقناع مجتمعه ومحيطه ( المُضَلَلْ) بأنه النطفة الأصلية للذكاء، وأن الطبيعة منحته عقلا خارقا، استراتيجيا، لا ثغرة في خططه ولو بمقدار خرم إبرة، فيصبح – وهو النافخ بوعد القبض على الهواء – كموزع أوهام على الناس، وهو يعلم أن الذكي لا يمكن له ارتكاب هذه الجريمة، فالأوهام كالغازات السامة، لا يستطيع الأحياء رؤيتها لكنها تقتلهم، فهذا الأشر وليد تزاوج مخبري بين خليتي مخترع القنبلة الذكية والجنرال، فينمو حتى يبلغ ذروة التكسب من التجارة بدماء وأرواح الأبرياء، ويبرع في تبرير جرائمه ببث مصطلحات دينية، وهو على يقين أن رب السماء والأرض منها براء .. أما الاذكياء الأصحاء، فهم المؤمنون بالسلام، من كل عرق وجنس وعقيدة وفلسفة ونظرية ولون، الذين لا تخضعهم ولا تكسر إراداتهم قنابل الحروب اللاذكية، ويرفضون حروب الجنرالات الحمقى، ويجهرون بكلمة الحق لردع مستخدمي الدين في تبرير ذبح الناس الأبرياء.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى