مقالات

عنصرية وعنجهية إسرائيل إلى أين ستأخذها؟

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – من المعروف ان إسرائيل قد نشأت على اساس عنصري، وثيقة تأسيسها هي وثيقة عنصرية بامتياز، تدعي ان فلسطين حكر على اليهود وحدهم، ولا تاريخ لغير اليهود فيها، وبالتالي فمن وجهة نظر هذه الوثيقة ان لا وجود للشعب الفلسطيني الا من زاوية انهم سكان لا حقوق سياسية لهم وليس من حقهم اي ادعاء بملكية الأرض. ووثيقة الاستقلال هذه ما هي الا امتداد للفكر الصهيوني الكلاسيكي والذي يمكن تلخيصه بمقولة ” ارض بلا شعب لشعب بلا ارض “.

ومع هيمنة اليمين المتطرف والصهيونية الدينية على المجتمع الإسرائيلي، اقر الكنيست قانون يهودية الدولة، والذي لم يزح الفلسطينيين في داخل الخط الاخضر عن الطاولة، ولم يحصر حق تقرير المصير على الارض باليهود فقط، وانما قام بالغاء الطابع الديموقراطي للدولة، وبالتالي تنازلت إسرائيل عن عنصر اساسي في وثيقة استقلالها، والذي كان ينص ” ان إسرائيل دولة يهودية وديموقراطية ” لتصبح إسرائيل حسب قانون القومية المشار اليه دولة يهودية فقط. بمعنى ان هوية الدولة هي يهودية دون الاشارة إلى ان هناك حقوقا للفلسطينيين بالمساواة بحكم ان إسرائيل هي دولة كل مواطنيها، فهي وكما ينص هذا القانون فإنها دولة المواطن اليهودي وحده.

وإسرائيل منذ تأسيسها تتصرف بعنجهية وإستعلاء وتفوق، في محاولة لإخضاع الاخر على صعيد النفسي، والشعور ان لا امكانية لهزيمتها، وحتى لا مجال للمحاولة، ليس لأنها فوق القانون والمحاسبة، بل لان هناك حرسا من الدول الامبريالية الكبرى بان تبقى إسرائيل متفوقة عسكريا وتكنولوجيا، وان المس بها بشكل جوهري هو اخط احمر عريض جدا. ولانها محمية قانونيا وامنيا واقتصاديا الى هذه الدرجة فهي توغل في عنجهيتها وعنصريتها.

في الحرب التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة منذ اكثر من شهرين كشفت الى ابعد مدى وبشكل مبالغ به هذه العنجهية والاستعلاء، ومارسته بشكل فاشي.

ومن المشاهد المخزية التي اصرت إسرائيل على نشرها لتأكد هذه العنجهية، هي صور الرجال والشباب من المدنيين الغزيبن عارين، راكعين على الارض في طقس بارد وماطر، وبشكل مذل، ان إسرائيل تتعمد ان تظهر بكل وقاحة انها تقوم بخرق للقانون الدولي ونشر هذه الصور الفاشية .


اقرأ\ي أيضاً| مفردات وأرقام حرب غزة الصعبة والمؤلمة


الغريب بالامر ان إسرائيل ودعايتها الصهيونية، طالما عرضت افلاما وثائقية، وحتى افلاما سينمائية من هوليوود تبرز قسوة وفاشية النازيين في ممارساتهم مع اليهود في اوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، ومن بين ما كان يستخدم من صور ومعلومات كيف كان النازيون يمارسون اقصى درجات الاذلال للمعتقلين اليهود وغير اليهود. انه حقا امر غريب ان تستخدم الضحية اساليب الجلاد ذاتها مع الفلسطينيين المدنيين غير المسلحين. ولكن ما يمكن ان يقال هنا ما دامت العنصرية هي الفكر المسيطر على صانعي القرار في إسرائيل فعلينا ان نتوقع كل شيء.

المشكلة ان لا احد يمكن ان يخلص إسرائيل من عنصريتها وعنجهيتها سوى إسرائيل نفسها، او ان يستفيق المجتمع الدولي قبل فوات الاوان وان ينزل إسرائيل من اعلى شجرة عنصريتها ويضعها في إطار القانون الدولي وليس فوقه. المشكلة اننا نحن االشعب الفلسطيني سنبقى ضحية الضحية حتى اشعار اخر، وعلينا دون ذنب أن ندفع ثمن تاريخ ليس تاريخيهم، والمشكلة الاكثر تعقيدا ان صانعي القرار في الدول الكبرى الغربية، وبالتحديد الولايات المتحدة الأميركية، يمنحون الإسرائيليين كل الحق وكل الوقت على ممارسة وحشيتهم وعنصريتهم على الشعب الفلسطيني.

ومن جانبنا، ومن موقع الادراك للحقائق سالفة الذكر، علينا ان نتصرف بذكاء والا نقدم لإسـرائيل العنصرية والعنجهية المبرر تلو الاخر لممارسة وحشيتها على نطاق واسع، هناك اشكال عديدة للمقاومة، وفي الحالة الفلسطينية الإسرائيلية، ربما هناك حاجة للذكاء اكثر والعمل المنهجي طويل النفس. ولكن ان يخاض النضال بشكل موحد وشامل ودون توقف، مع الحسابات الدقيقة لكل خطوة من خطواتنا وإجبار إسرائيل للتخلص من عنصريتها وعنجهيتها، فلا سلام ممكن مع العنصرية.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى