مقالات

إسرائيل تتجه للعزلة!

شعاع نيوز – الكاتب: رمزي عودة – “إسرائيل المنعزلة”، بهذه العبارة افتتحت صحيفة الإيكونوميست اللندنية عنوانها حول الشرق الأوسط. حيث تشير المعطيات الدولية إلى أن إسرائيل فقدت مؤخرا مصداقيتها الدولية وثقة حلفائها بها، وذلك لعدة عوامل أهمها: 

أولا: إصرار حكومة نتنياهو على استمرار العدوان على قطاع غزة والتهديد باجتياح رفح، بما يعرض أمن المنطقة كلها للخطر، بالرغم من أن البدائل السياسية قد تكون أكثر نجاعة في تجنب هذه المخاطر، وهذا تماما ما تحدث به وزير الخارجية الأميركي بلينكن أثناء زيارته الحالية للمنطقة.

ثانيا: إصرار حكومة نتنياهو على تبرير استمرار عدوانها بحق الدفاع الشرعي عن النفس، بالرغم من أن ما تقوم به اسرائيل في القطاع يتجاوز كثيرا حق الدفاع عن النفس ويدخل في سياق الانتقام، وهو فعل مجرم بالقانون الدولي، وقد نوه علانية مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل الى أن ما تقوم به إسرائيل هو فعل انتقامي ليس إلا.

ثالثا: تعمدت حكومة نتنياهو عدم الحديث عن اليوم التالي للعدوان بما لا يقدم أي تصور سياسي واضح لهذه الحرب، وبالنظر إلى ما تقدم به نتنياهو من تصور لليوم التالي للعدوان، فإنه لم يقدمه حتى لحكومة الحرب الاسرائيلية، كما أنه قد ووجه ببرود شديد من قبل الإدارة الأميركية لأنه باختصار يعيد إنتاج احتلال قطاع غزة ويقصي دور منظمة التحرير وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني المعترف به دوليا.

رابعا: الإعلان الصريح لنتياهو بأنه لا يريد حل الدولتين، بل إنه تباهى بأنه أفشل اتفاق أوسلو وأسقط حل الدولتين، وهذا ما أغضب الأميركيين والأوروبيين لأنه يتعارض مع السياسة الدولية والعربية في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية يقوم على حل الدولتين.

خامسا: استمرار مسلسل الإبادة الجماعية للشعب الفلسطييني في قطاع غزة سواء بقتل المدنيين أو تشريدهم أو تجويعهم، وهو الأمر الذي يهدد بشبح مجاعة حقيقية لأكثر من مليون فلسطيني يقطن في شمال القطاع، وهذه المجاعة إن حدثت ستقتل الآلاف وستهدد منظومة القيم الدولية في الوقت الذي لا تبالي به إسرائيل بهذا الأمر وتستمر في منع وصول المساعدات الإنسانية لسكان القطاع.


اقرأ|ي أيضاً| إيطاليا ترفض بيع أسلحة وذخيرة لإسرائيل


إن هذه العوامل السابقة، أدت إلى اتساع الفجوة بين حكومة نتنياهو اليمينية وحكومات الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وبدأ العالم أجمع يشهد على تصاعد حدة الخلافات بين إسرائيل وحلفائها الغربيين. فمن جهة أولى، قطعت كندا واليابان والعديد من الدول الأوروبية إمدادات السلاح لإسرائيل، كما أشارت وكالة رويترز إلى أن اسرائيل مؤخرا تعهدت خطيا بعدم استخدام السلاح الأميركي بشكل يخالف القانون الدولي.

ومن جهة ثانية، تصاعدت حملات المقاطعة الشعبية لإسرائيل في معظم دول العالم، حيث تشهد مختلف العواصم مسيرات احتجاح أسبوعية تطالب بوقف الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني. ليس هذا فقط، وإنما ينتظر أن تقدم الولايات المتحدة اليوم ولأول مرة مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى وقف فوري ودائم لوقف إطلاق النار مقابل تبادل الأسرى، ويتضمن مشرع القرار حسب التسريبات الدخول في المسار السياسي لليوم التالي بعد الحرب مع الاعتراف العاجل بالدولة الفلسطينية.  

من الواضح، أن كل هذه المؤشرات تدل على أن إسرائيل تسير في مسار العزلة الدولية، إنها باختصار دولة مارقة تقوم بتهديد المصالح الغربية بدلا من أن تقوم بالحفاظ عليها كما خطط عند إنشائها. إنها دولة فقدت مصداقيتها الدولية وتبجحت في انتهاكها للقانون الدولي. ومن ثم بدأت هذه الدولة تنزلق في مستنقع العزلة وربما يقودها هذا الانزلاق إلى نهاية مرحلة الصهيونية الحديثة على حد تعبير المفكر المنشق عن الصهيونية إيلان بابيه.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى