مقالات

مهزلة التحقيق الإسرائيلي في حادثة المطبخ العالمي

شعاع نيوز – الكاتب: رمزي عودة – أصدر جيش الاحتلال الاسرائيلي نتائج تقريره الخاص بالتحقيق بمقتل سبعة من عمال الاغاثة التابعين للمطبخ العالمي المركزي (WCK). وحسب التقرير، اعترف الجيش بمسؤوليته عن هذه الحادثة.

وفي أول رد فعل على هذه الحادثة، علقت منظمة المطبخ العالمي المركزي أعمالها الإغاثية في قطاع غزة بما يضع أكثر من مليون شخص في القطاع في خانة المجاعة، خاصةً أن اسرائيل لم تكن لتتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، متهمةً إياها بالتورط في الأعمال العدائية ضدها! كما أكدت المنظمة الدولية والتي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها على أن الجيش الاسرائيلي استخدم قوةً مميتةً مدمرةً في تجاهل واضح لبروتوكولات وقواعد الاشتباك وتجاهل التسلسل القيادي، وطالبت المنظمة بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في قتل موظفيها، قائلة إن الجيش الإسرائيلي “لا يستطيع التحقيق بشكل موثوق في فشله”.

وأدت هذه الحادثة الى ردود فعل دولية غاضبة على إسرائيل من قبل مختلف دول العالم، لاسيما تلك الدول التي يحمل جنسيتها ضحايا هذا العدوان وهي استراليا وبريطانيا وبولندا وكندا والولايات المتحدة. وهو الأمر الذي دفع جيش الاحتلال الى الاعلان عن تشكيل لجنة أمنية خاصة للتنسيق لوصول المساعدات. الا أن تقريراً صدر عن “هآرتس” يشكك في قدرة هذه اللجنة وغيرها من الاجراءات الاسرائيلية التي تستهدف تسهيل وصول المساعدات أو تجنب قتل المدنيين، حيث ينتقد التقرير قيام القادة الميدانيين باتخاذ الاجراءات التي يرونها مناسبة في الميدان حيث لا يعبؤون كثيراً بالبروتوكولات والاجراءات العسكرية. وقد شهد العالم أجمع على هذه القرارات الميدانية التعسفية في أكثر من مناسبة مثل مجزرة الشيخ عجلين، وقتل مدنيين فلسطينيين عزل يسيرون في شارع الرشيد كما أظهرتهم طائرة استطلاع إسرائيلية، أو حتى تفجير جامعة الأقصى بدون موافقة قائد الأركان وغيرها الكثير من الحوادث التي تظهر بشكل جازم أن الجيش الاسرائيلي لا يتقيد بأي برتوكولات في قطاع غزة.

في الواقع، هنالك العديد من الملاحظات على نتائج التحقيق الاسرائيلية الخاصة بحادثة المطبخ العالمي يمكن إيجازها بالآتي:

أولاً: لا يوجد أي إثبات قدمه الجيش الاسرائيلي بأن أحد المسلحين استقل مركبةً من مركبات المطبخ العالمي وهذا باعتراف التقرير نفسه. وبالضرورة، فانه لا يوجد أي مبرر للقيام بقصف المركبة.

ثانياً: كان هنالك تنسيق مع جيش الاحتلال بمرور هذه المركبات وهذا باعتراف الجيش ومنظمة المطبخ العالمي، وبالضرورة، فان التبرير بأن طائرات الاستطلاع لم تستطع أن تميز شعار المنظمة الاغاثية على المركبات ليس منطقياً.

ثالثاً: بافتراض وجود اي اشتباه باحدى المركبات، كان بإمكان القائد الميداني الاسرائيلي أن يطلق طلقات تحذيرية، أو يقطع الطريق على المركبات من خلال القوة الميدانية او قوة النيران.


اقرأ\ي أيضاً| مؤسس “المطبخ المركزي العالمي” رفض استقبال اتصال من نتنياهو


والسؤال المهم الأن، هل الجيش الاسرائيلي بهذه السذاجة بأن يقوم بقصف مركبات تابعة لمنظمة اغاثية دولية كبيرة وهي بالأصل تقوم بالتنسيق معه لصالح توزيع المساعدات في شمال غزة، في الوقت الذي تزداد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل بأن تعمل على وصول آمن للمساعدات منعاً للمجاعة التي يمكن أن تقتل مئات الآلاف من الفلسطينيين؟ في الحقيقة، هنالك عدة نظريات يمكن أن تفسر لنا هذه الحادثة -وهي جميعها تبتعد عن هزلية تقرير التحقيق الإسرائيلي، أهمها النظرية النفسية في الصراع، وهي تبنى على أن الاسرائيليين في جيش الاحتلال المقاتل في غزة محكومون بالحقد والرغبة بالانتقام والكراهية المطلقة للشعب الفلسطيني، وهو الأمر الذي يدفعهم بالوعي واللاوعي بعيداً عن البروتوكولات العسكرية للاستهداف المقصود لكل ما هو فلسطيني أو حتى يساعد الفلسطينيين حتى لو كانوا عمال إغاثة أجانب.

إلى جانب ذلك، تبرز عدة نظريات كالنظرية الأمنية التبريرية، التي قدمت الادعاءات بوجود “أهداف” فلسطينية في مركبات الإغاثة، والبيروقراطية، التي بررت الاستهداف بضعف الإجراءات وانسياب المعلومات الأمنية، والنظرية السياسية- الأقرب مع الأمنية للتفسير الحقيقي للحادث- التي ترى أن إسرائيل مصرة على الاستمرار باستخدام سياسة التجويع الطاردة والتهجيرية.

وفي النهاية، وبغض النظرعن احتمالية تماثل إحدى هذه النظريات أو كلها مع حقيقة استهداف مركبات المطبخ العالمي، يظل التساؤل المركزي ماثلاً أمام العالم أجمع، وهي أنه في الوقت الذي يستهدف به عمال إغاثة دوليين مع وجود تنسيق مع الارتباط العسكري الاسرائيلي، فكيف الحال بالفلسطينيين العزل الذين يقتلون بالمئات يومياً. ما هي الاجراءات والبروتوكولات العسكرية الاسرائيلية التي تجنبهم القتل والتطهير العرقي؟ في الواقع، اذا لم تفلح هذه الاجراءات في تأمين عمال إغاثة دوليين فهل من المتوقع أن تفلح الاجراءات التي أعلنها جيش الاحتلال وسلمها لمحكمة العدل الدولية بأن تحمي المدنيين الفلسطينيين في فترة الحرب.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى