مقالات

الأردن.. الجبهة العميقة للدولة الفلسطينية

شعاع نيوز – الكاتب: رمزي عودة – ليست الأردن بعيدة عن الصراع في المنطقة، بل إنها من أوائل الدول المحيطة التي استشعرت الخطر الحقيقي عليها نتيجة لاستمرار العدوان الاسرائيلي على أراضي دولة فلسطين المحتلة. واعتبرت الأردن أن استمرار العدوان هو محاولة واضحة للتهجير القسري للشعب الفلسطيني أولا، كما أن هذا العدوان يشكل محاولة واضحة من  الحكومة الاسرائيلية الفاشية اليمينية لإقامة حدود دائمة بين إسرائيل وبين الأردن في ظل تدمير حل الدولتين وتهويد القدس وتهجير الفلسطينيين. 

بناء على ذلك، فالأـردن قام بتجميد علاقاته الدبلوماسية مع اسرائيل، كما أنه طالب بحزم المجتمع الدولي لمساءلة إسرائيل عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، ودعت الى وقف فوري للعدوان الاسرائيلي على القطاع، وعمدت بشكل دؤوب الى إيصال المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة والضفة الغربية، وقامت بإنشاء العديد من المستشفيات الميدانية لتوفير الرعاية الصحية للجرحى الفلسطينيين في هذا العدوان. 

في الحقيقة، ليس هذا الموقف غريب عن الأردن، فلطالما وقف الأردن ملكا وحكومة وشعبا مع الشعب الفلسطيني في كل قضاياه الحاسمة، بما في ذلك التأكيد دائماً على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. وهو الدولة الوحيدة في المنطقة التي ساندتنا بقوة في رفض صفقة القرن. ويتمتع الأردن بوزن وشعبية واسعة في فلسطين، حيث يعتبرها الكثير من الفلسطينيين رئة الدولة الفلسطينية وعمقها الاستراتيجي، كما يعتبرونها دولة منضبطة ورائدة في مجال سيادة القانون ونجحت في تقديم نموذج ممتاز في التنمية والتحديث للدول الناشئة. كما أن الدور التاريخي والديني للأردن في رعاية المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس ألقى بظلاله على تعزيز مكانة الأردن في الشارع الفلسطيني. باختصار، الأردن بالنسبة للفلسطينيين ليس كغيره من الدول، انها الدولة التي امتزجت دماء شعبها بالدم الفلسطيني في ملحمة النضال ووقف المشروع الصهيوني. 

في الواقع، إن الأردن مستهدف من قبل الاحتلال الاسرائيلي كما هو الحال بالنسبة لفلسطين، والعدوان الاسرائيلي الأخير على أراضي دولة فلسطين المحتلة يلقي بآثاره المدمرة على الأردن. فما زالت أطروحات اليمين الاسرائيلي ماثلة أمام الاردنيين لاسيما تلك المتعلقة بالوطن البديل، ولم ينسَ الأردنيون تلك الخارطة التي كانت تحت منصة سمويتريتش وزير المالية الاسرائيلي أثناء أحد خطاباته، والتي اشتملت على الأردن وفلسطين التاريخية كحدود لدولة الكيان.


اقرأ|ي أيضاً| الملك الأردني يحذر من عنف المستوطنين في الضفة الغربية


وفي السياق، يستشعر الأردن خطر امتداد الصراع في المنطقة الى الأراضي الأردنية، ليس من خلال التهجير فقط، وإنما أيضا من خلال توسع الاشتباكات العسكرية مع مهربي المخدرات على الحدود الشمالية، حيث ينظر الأردنيون الى مافيا التهريب بعين الريبة ويعتبرها مدعومة لأغراض سياسية من بعض الميليشيا العسكرية في المنطقة! 

في حديث مقتضب مع العديد من القيادات الوطنية والأكاديمية والسياسية في الأردن قبل عدة أيام في أحد الصالونات السياسية، ألمح لي الكثير منهم بأنهم يعتبرون أنفسهم الجبهة الداخلية لحماية القضية الفلسطينية وتحقيق الدولة الفلسطينية، وأن أي إخفاق في هذا المشروع لا بد أن يمس الأمن القومي الأردني، وشددت الكثير من المداخلات على أن الأردن يتطلع بشكل وثيق الى تعزيز العلاقات الرسمية والشعبية مع إخوانهم الفلسطينيين للتصدي للعدوان الاسرائيلي. 

وثمنت هذه المداخلات مستوى العلاقات الوثيقة والتنسيق المستمر بين القيادتين الفلسطينية والأردنية، الا أنها دعت أيضا الى القيام بخطوات وثيقة في تضمين الدور الأردني في حماية المشروع الوطني الفلسطيني في الخطاب الشعبي والحزبي الفلسطيني، وهو الأمر الذي سيؤدي الى رفع  الوعي الشعبي في أهمية الحفاظ على هذا الدور بما سيكون له أثر بالغ في التصدي لكافة أشكال العدوان على الشعبين الفلسطيني والأردني.  

في المحصلة، إنهم يصرخون بصوت عال بـ”أنهم أردنيون لخدمة الـأردن، وأنهم في نفس الوقت فلسطينيون لخدمة فلسطين والدفاع عنها” وأعتقد جازما أن ردنا كفلسطينيين على هذه الدعوة يجب أن يكون في نفس السياق، إننا فلسطينيون للنضال من أجل تحقيق دولتنا، كما أننا أردنيون لتعزيز استقلال الـأردن وحمايته من المؤامرات الخارجية والصهيونية”.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى