مقالات

مؤتمر القدس خطوة إيجابية

شعاع نيوز – الكاتب: عمر الغول – تنفيذا لقرار قمة الجزائر العربية مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 عقد مؤتمر “القدس صمود وتنمية” أمس الأحد، في مقر جامعة الدول العربية بمشاركة فلسطينية وعربية وإسلامية وأممية رفيعة المستوى، وقف على رأسها كل من الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، والرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي والملك الأردني، عبد الله الثاني.

جميع الكلمات التي ألقيت في المؤتمر بدءا من الكلمة الافتتاحية للأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، مرورا بكلمة رئيس المؤتمر الرئيس أبو مازن، والرئيس السيسي والملك عبد الله إلى الأمين العام للأمم المتحدة ووزراء خارجية الدول العربية المختلفة إلى آخر كلمة فيه، أكدت على أهمية ومركزية القضية الفلسطينية وفي القلب منها قضية القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية الأبدية، وحوضها المقدس عموما والمسجد الأقصى خصوصا، ورفض الجميع الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة التي هدفت، وتهدف لتغيير طابع وملامح الديمغرافيا والجغرافيا في المدينة، وتهويد حائط البراق، وادعاء ملكيته، رغم ما أقرته عام 1937 لجنة عصبة الأمم الدولية باعتراف حاخامات يهود، بأن الحائط ملكية خاصة وخالصة للمسلمين دون سواهم، ولا يوجد لأتباع الديانة اليهودية أي صلة به لا من قريب أو بعيد. فضلا عن انتهاكها الخطير في فرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى كمقدمة لتدميره، وإقامة ما يسمى الهيكل الثالث على أنقاضه، الذي لا أساس لوجوده في القدس الفلسطينية، والتأكيد على عدم المساس بالاستاتيكو القائم، وعدم التعرض أو الانقلاب على الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى. ومطالبة العالم بوقف كل جرائم الحرب الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في القدس خصوصا؛ وباقي محافظات الدولة الفلسطينية عموما.

ما حملته كلمات الرؤساء والملك والوزراء والأمناء العامين وممثلي المنظمات والهيئات الإقليمية والأممية بالمعنى العام جيدة، وحتى البيان الختامي الذي تضمن التأكيد على 19 قرارا تتعلق بالقدس وتعزيز صمود أبنائها من الفلسطينيين بمختلف انتماءاتهم الدينية والفكرية، ودعم تجذرهم في مدينتهم، مدينة السلام، بالإضافة للتركيز على الحل السياسي للمسألة الفلسطينية والأبعاد القانونية، وإدانة جرائم الحرب لحكومات إسرائيل الفاشية، جميعها تصب في الاتجاه العام الصحيح والإيجابي.

لكن هذه الكلمات الإيجابية، والتي جاءت امتدادا لكلمات لا تقل إيجابية عنها في المؤتمرات والمنصات العربية والإسلامية والإقليمية والدولية السابقة، تحتاج إلى ترجمة فعلية، وليس لإعادة التأكيد على المؤكد، وتتطلب إقران تلك المواقف بالترجمة العملية على الأرض، خاصة ما يتعلق منها بتقديم الدعم لصناديق القدس العديدة، التي تم تشكيلها شكليا في القمم العربية والإسلامية المتعاقبة، لإحداث تنمية وصمود حقيقي لأبناء الشعب الفلسطيني في زهرة المدائن، والتصدي لتغول الحكومات الصهيونية الفاشية المتعاقبة وقطعان المستعمرين ومنظماتها الاستيطانية، التي تقوم بالتعاون والتكامل مع أركان المؤسسات الحكومية والمجالس البلدية لتهويد ومصادرة أراضي المدينة المقدسة، والتي يمولها أباطرة الرأسماليين من اليهود الصهاينة، فضلا عن دعم الولايات المتحدة ودول الغرب الرأسمالي جميعها بشكل سخي لتحقيق هدف الحركة الصهيونية ودولتها المارقة والخارجة على القانون الاستراتيجي، وقتل وتبديد عملية السلام.


اقرأ|ي أيضاً| المالكي: تم التوافق على تأسيس آلية تمويل تطوعية مشتركة لدعم المشاريع الهادفة لتعزيز صمود أهل القدس


إذن قيمة وأهمية مؤتمر “القدس صمود وتنمية” تكمن في إعادة نظر عربية وإسلامية خصوصا في علاقاتها مع دولة المشروع الصهيوني اللاشرعية، وتبني استراتيجية صريحة وواضحة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من استراتيجية الأمن القومي العربي للدفاع عن قضية العرب المركزية، وتقديم الدعم المالي دون مواربة، ودون انتظار تعليمات من الإدارات الأميركية أو غيرها من مراكز القرار الغربية أو حتى الإسرائيلية. بالإضافة للعمل الجاد لتجسير عوامل الوحدة الوطنية فعلا لا قولا، ومحاصرة الانقلاب الأسود في قطاع غزة لطي صفحته كليا، ووضع خطط لتمويل مشاريع تنموية حقيقية في القدس، وحماية مكانتها العربية الإسلامية والمسيحية، وموروثها الحضاري، والتصدي لمخططات الدولة الصهيونية سياسيا ودبلوماسيا وقانونيا واقتصاديا وثقافيا وإعلاميا.

مع ذلك اعتقد، أن مؤتمر القدس صمود وتنمية يعتبر خطوة إيجابية، ولكن يحتاج إلى المراكمة والترجمة العملية الحقيقية لقراراته على الصعد المختلفة.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى