مقالات

دور وأهمية الانتخابات النصفية

دور وأهمية الانتخابات النصفية

شعاع نيوز – الكاتب: عمر الغول – فتحت صناديق الاقتراع أمس الأربعاء الموافق التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي في الولايات المتحدة أبوابها امام أصحاب حق الاقتراع من الأميركيين أولا للتجديد لأعضاء مجلس النواب الـ435 نائبا، و35 عضوا في مجلس الشيوخ، بالإضافة لانتخاب 36 حاكم ولاية، وعددا من سكرتاريي الولايات، والعديد من أصحاب المناصب السياسية في الولايات المختلفة.

أغلبية استطلاعات الرأي والمنابر الإعلامية اليمينية المحافظة والليبرالية تشير إلى إمكانية استعادة الحزب الجمهوري الأغلبية في احد المجلسين، أو كليهما في حال نجح في الاستئثار بمقعد في مجلس الشيوخ، وأهمية الانتخابات النصفية تتمثل في: أولا- مساعدة الرئيس المقيم في البيت الأبيض على تنفيذ برنامجه، والعكس صحيح، إن كانت الأغلبية من أعضاء الحزب الخصم، فإن الرئيس يواجه تحديات كبيرة تعيقه في سياساته؛ ثانيا- في حال نجح الجمهوريون فانهم سيخضعون الرئيس بايدن للمحاكمة والمساءلة في الملف الأوكراني وفي العديد من الملفات ذات الصلة بالصراع بينهما، وليس فقط اعاقته؛ ثالثا- اجزم انها تشكل استشرافا لمستقبل الرئيس الحالي، وفي حال خسر الديمقراطيون الأغلبية، فإن المؤشرات تكون مبدئيا لصالح المرشح الجمهوري، إلا اذا حدثت أحداث غير منظورة، أو فضائح تخص المرشح الآخر، عندئذ تختلف التقديرات؛ رابعا- تعزيز مكانة هذا الحزب أو ذاك في أوساط الجماهير الأميركية.

الملاحظ من استطلاعات الرأي، انها تشير الى ان الفوارق نسبية بين الحزبين، وبالتالي رغم ما رصدته تلك الاستطلاعات من تقدم الجمهوريين، الا انها مازالت غير متيقنة من تمكن حزب المعارضة من الحصول على الأغلبية، مع ان التصويت حتى الان (الساعة السادسة مساء بتوقيت فلسطين من يوم الأربعاء الموافق التاسع من تشرين ثان/ نوفمبر) يشير الى تقدم الجمهوريين في مجلس النواب، ولكن في مجلس الشيوخ اشارت النتائج الى حصول الديمقراطيين على 48 نائبا والجمهورين على 47 مقعدا، وبالتالي من المبكر الحديث عن النتائج النهائية للانتخابات النصفية.


اقرأ\ي أيضاً| تقدم الجمهوريين في انتخابات التجديد الأميركية


ومن مفارقات الانتخابات، كما سمعت من التقارير والمراسلين، ان هناك سمة تشمل العائلات الأميركية، كأن يصوت الرجل للجمهورين، في حين تصوت المرأة للديمقراطيين. لان الحزب الجمهوري يعطي الأولوية للجانب الاقتصادي، في حين يعطي الحزب الديمقراطي الأولوية لحقوق المرأة وملف الإجهاض. كما ان المستقلين غير المحزبين، يوزعون أصواتهم على الحزبين، مثلا يقومون بالتصويت لحكام الولايات الجمهوريين، لكن يصوتون للنواب الديمقراطيين. الامر الذي يجعل استطلاعات الرأي مشوشة نسبيا، ويشوبها عدم الدقة.

ومعروف ان الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لا يختلفان في الجوهر الفكري السياسي، والصراع الدائر بينهما يرتكز على النقاط التالية: أولا المسألة الاقتصادية وعلاقتها بمستوى الدخل ومعيشة السكان؛ ثانيا المسألة الصحية؛ ثالثا ملف المرأة والاجهاض؛ رابعا في بعض الولايات ك”جورجيا” تحتل مسألة العنف والفوضى أهمية خاصة؛ خامسا يليها ملفات العنصرية والسياسة الخارجية بما فيها اللوبيات والمثلية … الخ.

وعلى أهمية تلك الملفات والاولويات، الا انها تعكس هشاشة الواقع الحزبي الأميركي، وفقر حال المسالة الفكرية السياسية، مع ان الولايات المتحدة دولة تمتلك ارثا تاريخيا مهما في هذه الحقول من خلال مراكزها البحثية وجامعاتها ولوبياتها، التي تلعب دورا مهما في تقرير السياسة الخارجية، وبعضها على تماس مع صناع القرار والدولة العميقة.

بيد ان، افتقاد الشارع الأميركي لاحزاب متنوعة، وبخلفيات فكرية وسياسية يسارية ووسطية يعكس فقر الديمقراطية الأميركية. وهذا الامر يعود لزمن المكارثية في خمسينيات القرن الماضي، عندما قام المكارثيون بعملية تطهير واسعة لكل التوجهات والاراء والأفكار اليسارية او شبه اليسارية، وحدت من دور الديمقراطية وحرية التعبير والراي والراي الاخر، ومازالت حتى اليوم، رغم ادعاء الادارات المختلفة، بانها المدافع الأساس عن “الديمقراطية” و”حرية التعبير”. والذي وقف خلفهم (المكارثيين) هي الدولة العميقة، التي ارادت نظاما ينسجم ويتكامل مع الاستراتيجية القومية للولايات المتحدة، التي قامت على الاستحواذ والسيطرة والهيمنة على مقدرات الدول والشعوب، ودعم الإرهاب والقهر والاستعمار من خلال دعمها الواسع والعميق لدولة الاستعمار الإسرائيلية، والدولة والأنظمة السياسية الفاسدة في القارات المختلفة.

ورغم التطور النسبي داخل الشارع الأميركي في السنوات الأخيرة لجهة إيلاء ملف السياسة الخارجية حيزا مهما، الا ان السمة العامة للشارع الأميركي مازالت أسيرة أولوياتها الاقتصادية والاسرية والصحية. كما ان هناك قصورا واضحا في دور النخب السياسية والأكاديمية والثقافية نتاج خضوعها لمنطق الحزبين، وان حصل وتمرد بعضها وشكل حزبا، فانه يعاني من عقبات كبيرة داخل الشارع الأميركي، فضلا عن عدم تمكن تلك الأحزاب من تجاوز سقف اخطبوط الحزبين الحاكمين الديمقراطي والجمهوري.

وبالعودة للانتخابات النصفية ما زال من المبكر الحديث عن نتائجها النهائية،لكن أيا كانت نتائجها، فانها لا تشكل رافعة للسلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي. لان كلا الحزبين يسبح بحمد إسرائيل الاستعمارية، وعلى حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية.

مع ذلك، فإن الضرورة تملي على أبناء الشعب الفلسطيني والأشقاء العرب وأبناء الشعوب الإسلامية وأنصار السلام والعدالة من حملة الجنسية الأميركية أن ينضووا تحت لواء الحزبين المركزيين، ليتمكنوا من اختراق التابوهات في مركزي الحزبين للإسهام بتغيير المفاهيم السائدة، التي تقف مع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية دون نقاش، والعمل على لجم اللوبي الصهيوني في اوساطها. ونجاح خمسة نواب في الانتخابات النصفية الحالية من أبناء الشعب الفلسطيني يشكل خطوة مهمة، وحافزا حقيقيا لكل النشطاء الفلسطينيين والعرب.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى