مقالات

إسرائيل لم تعد حليفة استراتيجية للولايات المتحدة

إسرائيل لم تعد حليفة استراتيجية للولايات المتحدة

شعاع نيوز – الكاتب: رمزي عودة – تمر العلاقات الأميركية الإسرائيلية بأزمة حقيقية، فقد وصف الرئيس الأميركي بايدن في حديث متلفز له قبل عدة أيام هذه العلاقات بالمتدهورة، وأكد الأخير على أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي الحكومة الأشد تطرفاً في تاريخ إسرائيل. وفي نفس الإطار، وافق بايدن مؤخرا على استقبال إسحق هيرتسوغ الرئيس الإسرائيلي في البيت الأبيض دون الإذن لنتنياهو.

كما أوقفت الإدارة الأميركية تمويل الجامعات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وارتفعت أصوات واسعة في الولايات المتحدة تطالب الإدارة الأميركية بفرض عقوبات على إسرائيل ومن أهم هذه الأصوات تصريحات بيرني ساندرز الأخيرة .

إن هذه الأزمة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية أخذت في التفاقم منذ تولي الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نتنياهو وعضوية الصهيونية الدينية منذ نحو 6 أشهر.

ويعود السبب في تفاقمها إلى إشكاليات حقيقية في ثلاثة مستويات، وهي:

أولا: المستوى القيمي، حيث تحولت إسرائيل مؤخرا إلى دولة دكتاتورية، خاصة بعد قانون الانقلاب القضائي الذي يعزز هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.

إضافة إلى ذلك، فإن مسألة تنامي سياسات الفصل العنصري التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية علنيا تجعل من عملية التشارك في القيم وثباتها بين الولايات وإسرائيل عملية غير مستقرة ومحرجة جدا في نفس الوقت للإدارة الاميركية.

ثانيا: المستوى الأمني، حيث فقدت إسرائيل أهميتها الإقليمية في تحقيق وضمان الأمن الإقليمي، وخاصة بعد فشل اتفاقات أبراهام في التوسع والتطبيع والحماية الأمنية لمنطقة الخليج، لا سيما بعد توقيع اتفاقية التعاون بين السعودية وإيران التي وجهت ضربة حقيقية لإسرائيل مست دورها الوظيفي الأمني التي كانت تبحث عنه لفترة طويلة بعد زوال الخطر الشيوعي عن المنطقة.

بالمقابل، فإن التواجد العسكري الأميركي في المنطقة ووجود حلفاء حقيقيين للولايات المتحدة هنالك يجعل من الاعتماد الأميركي على إسرائيل فرضية من الصعب إثباتها في مختلف الحالات.

ثالثا: المستوى السياسي، حيث لا توجد إرادة حقيقية لحكومة نتنياهو في تقديم أي مبادرة سياسية تجاه الفلسطينيين، بل على العكس، فإن هذه الحكومة تتوسع بجنون في الاستيطان وعمليات التهجير القسري.

ليس هذا فقط، بل إن تصريحات بن غفير وسموتريتش عن طرد الفلسطينيين وحرق حوارة وسائر القرى العربية تجعل من الصعب على إدارة ديمقراطية لدولة عظمى أن تتباهى بعلاقاتها مع إسرائيل أو حتى أن تعززها.

من جانب آخر، فإن الموقف الإسرائيلي المتردد من الأزمة الأوكرانية الروسية أكد للأميركيين بأن إسرائيل قد تكون لها مصالح استراتيجية تختلف بشدة عن مصالح حليفتها الولايات المتحدة.

في الإطار السابق، يمكن الوصول إلى نتيجة مهمة في مسار العلاقات الأميركية الإسرائيلية وهي أن هذه العلاقات لم تعد تأخذ بالاعتبار أن إسرائيل دولة حليفة استراتيجية ومهمة للولايات المتحدة الأميركية. بل على العكس، أصبحت إسرائيل تعتبر عبئا على الإدارة الأميركية وعلى شعبها.

وإذا استمر مسار الأزمة في التصاعد بين البلدين، فإن ذلك” يشكل تهديدا رئيسيا، وربما وجوديا لإسرائيل” وفقا لما ذكره الباحث في سياسات الشرق الأوسط، ستيفن ديفيد، في معهد القدس للاستراتيجية والأمن.

من الواضح أن الإدارة الاميركية تعيد تقييم هذه العلاقة على حد ما تضمنته مقالة الصحفي اليهودي الأميركي توماس فريدمان في صحيفة نيويوك تايمز مؤخرا. وربما فإن عملية التقييم هذه تؤدي إلى عدة نتائج، أهمها:

– استثناء إسرائيل من مكانة الدولة الاستراتيجية وتحويلها إلى مرتبة الدولة الثانوية، وربما تكون العربية السعودية هي المرشحة الأولى للتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، حيث إن السعودية دولة طبيعية وكبيرة في المنطقة ولها نفوذ عربي وإسلامي كبير ومؤثر.

– اتجاه الولايات المتحدة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في المنطقة بدون مشاركة إسرائيل، وهذا قد يسمح لمساحة أوسع من فرض تسوية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.

– فرض مزيد من العقوبات والمساءلة على إسرائيل ومنها على سبيل المثال تقليص حجم المساعدات الأميركية المالية والعسكرية المقدمة للأخيرة.

– تمرير طلب فلسطين بقبولها دولة عضو كامل في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

من الواضح أن اللعبة الآن بيد نتنياهو، حيث عليه أن يختار بين طموحه في البقاء في السلطة من خلال تحالفه مع الصهيونية الدينية وبين إنقاذ علاقات دولته مع الإدارة الأميركية. وحتى الآن يبدو أن نزعة نتنياهو في البقاء في الحكم هي المسيطرة على هذا الشخص السبعيني.

وبالضرورة، لن نتوقع أن تتغير هذه المفارقة في الأمد القريب لا سيما أن انتخابات جديدة لن تكون الحل السحري لهذه الأزمة في ظل مجتمع إسرائيلي تتصاعد فيه عناصر الفاشية والتطرف.


اقرأ\ي أيضاً| نواب أميركيون يقاطعون خطاب هرتسوغ أمام “الكونغرس” احتجاجا على الانتهاكات الإسرائيلية بحق شعبنا

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى