مقالات

انكماش وهزات مالية حادة

انكماش وهزات مالية حادة

شعاع نيوز – الكاتب: عمر الغول – من اهم مقولات لينين “السياسة اقتصاد مكثف”، لأنه لا يمكن بحال من الأحوال فصل السياسة عن الاقتصاد، لان العلاقة الديالكتيكية عميقة بين البعدين الاقتصادي والسياسي، واذا كانت الأهداف السياسية تحرك ماكنة الدول العسكرية والعلمية والاقتصادية والقانونية والثقافية لوضع الخطط والبرامج الناظمة لكل مجال لتحقيق تلك الأهداف بولوج مرحلة الترجمة العملياتية على الأرض وفق شروط ومحددات اللحظة السياسية الذاتية والموضوعية، فإن مستوى تطور قوى وعلاقات الإنتاج والاقتصاد عموما لدولة من الدولة، يعتبر الحامل الأكبر للاهداف السياسية، وهو الرافعة الناظمة والمرشدة لطموح القيادات السياسية والعسكرية على حد سواء. كما ان ضعف الاقتصاد يؤثر على مكانة الدول، وبالتالي يقزم برامجها وطموحاتها السياسية، وسيترك انعكاساته على مجالات الحياة كافة دونما استثناء.

وبقراءة التطورات الجارية في إسرائيل في اعقاب المصادقة بالقراءتين الثانية والثالثة امس الاول الاثنين الموافق 24 يوليو الحالي على الغاء “حجة المعقولية”، الذي استهدف تعميق الانقلاب القضائي لصالح سيطرة وسطوة اليمين الديني على مقاليد الحكم، ومحاصرة قوى المعارضة الليبرالية، فهذا الامر لا ينحصر في بعده القانوني فقط، بل هو عميق الصلة بالاقتصاد والسياسة على حد سواء، لذا لمسنا مباشرة ارتدادات التصويت على الاقتصاد وانعكس مباشرة على البورصة والجانب المالي، حيث شهدت البورصة مساء امس الاول انخفاضا حادا في الأسعار، وانخفاض قيمة الشيقل امام عملتي الدولار واليورو وباقي العملات، حيث قفز الدولار مباشرة من 3.62 شيقل، الى 3.67 شيقل، ومساء امس الثلاثاء بلغ سعر الصرف 3.72 شيقل، أي ان الشيقل تراجع تراجعا ملحوظا في قيمته امام العملة الأميركية والأوروبية بنسبة 1.5% و1.3% بالتتالي، وامس زادت نسبة التراجع امام الدولار واليورو بنسبة تصل تقريبا ل3%، وقد يهبط الشيقل امام الدولار لمستويات اعلى في ظل احتدام الصراع بين القوى الصهيونية.

وحسب المراقبين الاقتصاديين، فإن مؤشر “تل ابيب 35” خسر 2.21%، فيما انخفض مؤشر “تل ابيب 125” بنسبة 2.32%، كما انخفض مؤشر “تل ابيب بانكس” بما لا يقل عن 3.86%. وتراجع مؤشر قطاع المال، ومؤشر قطاع التأمين، ومؤشر العقارات في بورصة تل ابيب بأكثر من 3.5% لكل منها.


اقرأ|ي أيضاً| تعزيز الحراسة على وزراء حكومة نتنياهو


وتعقيبا على التطورات الجارية في المشهد الاقتصادي، فإن “منتدى الاقتصاديين من اجل الديمقراطية” صرح مساء الاثنين، انه يبدي تحفظات شديدة إزاء مصادقة الائتلاف وتمرير قانون “ذريعة عدم المعقولية”، الذي اكد انه “المكون الأول لانقلاب النظام، دون أي مساومة، وحتى دون أي محاولة للتوصل الى اتفاق واسع بين القوى المختلفة. وأضاف المنتدى، ان كبار الاقتصاديين في العالم والمنظمات الدولية ووكالات التصنيف الائتماني، توقعوا ان تؤدي خطة الائتلاف الحاكم “لاضعاف القضاء” الى زيادة الفساد العام والسياسي، والاضرار بالخدمة العامة، وتثبيط المستثمرين الأجانب والمحليين على حد سواء، وتشجيع هجرة الادمغة، التي تؤدي على المدى الطويل الى التخلف الاقتصادي.

وكان الكنيست صادق على مشروع القانون امس الاول بدعم وتأييد نواب الائتلاف الحاكم وعددهم 64 نائبا، في حين انسحب نواب المعارضة من القاعة، ورفضوا من حيث المبدأ المشاركة بالتصويت بعدما اغلق نتنياهو وأركان ائتلافه اية إمكانية لحلول وسط. حيث هدد كل من وزير القضاء، ياريف ليفين، ووزير ما يسمى “الامن القومي”، ايتمار بن غفير، ورئيس لجنة الدستور في الكنيست، سيمحا روتمان، هددوا باسقاط الحكومة في حال التوصل الى تفاهمات تشمل تعديل نص القانون، وتعليق طويل الأمد للتشريعات الرامية لإضعاف جهاز القضاء.

حرب اقطاب الفاشية الصهيونية من الائتلاف الديني والمعارضة الليبرالية على الاستئثار بمقاليد الحكم، اذا ما استمرت على هذا المنوال من التطورات، فإن تداعياتها ستضرب مفاصل الدولة الاقتصادية والعسكرية الأمنية والقانونية والثقافية، وتضاعف من حدة الصراع بينها حتى إراقة الدماء في الشارع الإسرائيلي بصب الزيت على نيران فتيل بارود الحرب الاهلية المتقدة، وعندئذ ستكون أبواب التغيير الاستراتيجي في المشهد الإسرائيلي، الا اذا تدخلت الولايات المتحدة مباشرة وأوقفت التدهور داخل الساحة الإسرائيلية، لا سيما انها صاحبة مشروع الدولة الصهيونية اللقيطة، وهناك دعوات أميركية صريحة تطالب الرئيس جو بايدن بالتدخل لاسقاط نتنياهو، ووقف انهيار الدولة من الداخل.

كل السيناريوهات محتملة وقابلة لرؤية النور في ظل تصاعد التوتر بين الموالاة والمعارضة الصهيونية.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى