مقالات

أطفال غزة..لا شيء يشبه مأساتهم

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – كل من في غزة هم في مأساة كبيرة، يعيشون نكبة حقيقية، ولا وصف لما يجري لهم من قتل ودمار فاشي وتهجير سوى أنه نكبة. وفي وسط ذلك الأطفال، والذين يتعامل معهم البعض وكأنهم مجرد أرقام، الأطفال هم ضحايا كل الحروب لكنهم في قطاع غزة، وكما هو واضح، أنهم وقود هذه الحرب الوحشية، هم من أكثر الفئات تضررا.

الأطفال في قطاع غزة لا ينظر لمأساتهم بالعدد الكبير الذي قتلته آلة الحرب الإسرائيلية الوحشية منهم. وإنما أيضا من زاوية الفقدان، لقد فقد الآلاف منهم أهله وزملاء المدرسة ومنزله وغرفة نومه وما فيها من ذكرياته. والمشكلة أن الحرب لم تنته والخوف والقلق يلازم الأطفال، وبالتأكيد ستستمر معهم لفترة طويلة قبل أن يتخلصوا من كوابيس عتمة الليل وسماع أزيز الطائرات وقذائف المدفعية والدبابات، ومشاهد مئات جثث القتلى، والأشلاء والدماء التي تملأ المكان.

الأطفال في غزة فقدوا حاراتهم، أزقتهم التي كانوا يلعبون ويتبادلون فيها قصص مغامراتهم البريئة، لقد تم تشويه المشهد ودمر معظمه إن لم يكن كله، غاب كل ما كان مألوفا ولم يبق لأطفال غزة من أمل إلا التشبث بأهلهم يتنقلون معهم من مكان إلى آخر بحثا عن أمل البقاء. أطفال غزة يكرهون أن تقترب ساعة غروب الشمس، فالعتمة والظلام الدامس، بلا كهرباء، يضاعف الخوف والقلق. ينامون منهكين ويصحون على أصوات القصف المرعبة، أو بعد كابوس الخوف من فقدان الأم أو الأب أو الأخ والأخت، أو أنه رأى أشلاء جثة صديقه تظهر إليه فجأة في منامه تخرج له من تحت حطام وأنقاض البنايات.

ربما ليس من حقنا أن نصور أطفال غزة وكأنهم أسطوريون، رغم أنهم كذلك، أو أنهم أصبحوا رجالا قبل أوانهم، أو أنهم صلبون صبورون وجبارون، فهذا ادعاء قد يكون مفيدا للحالة العامة ليمنحنا الأمل، ولكن ليس لأطفال غزة الذين من حقهم أن يتمتعوا بطفولة طبيعية مستقرة، هادئة، طفولة فيها تسلسل طبيعي لذكرياتهم مع أسرهم وفي مدارسهم، وحارتهم ومع أصدقائهم وزملاء دراستهم.


اقرأ|ي أيضاً| يوم الطفل العالمي.. أيادي الصمت الدولي ملطخة بدماء أطفال غزة


كثيرُ من أطـفال غـزة تركوا شيئا منهم في غرف نومهم، تركوا ألعابهم وكتبهم المدرسية، ترك بعضهم دفاتر الإنشاء في غرف الصف في مدارسهم، فيها قصصهم البسيطة البريئة، ع “شطحة “على شاطئ البحر، أو رحلة على قارب الصيد مع عمه أخو أبيه، أو زيارة لحديقة الحيوانات، كل قصصهم وذكرياتهم دمرتها آلة الحرب بلا رحمة وبلا شفقة.

الأطـفال هائمون مع أهلهم من دون أي يقين يسعفهم، فهم اليوم هنا وغدا في مكان آخر وربما بعد ساعة، البرد الجوع العطش، والخوف الذي يتنقل معهم ويطاردهم ولا أمل بالتخلص منه إلا إذا توقفت الحرب، وبعدها قد يستمر معهم لأشهر أو سنوات مأساة أطفال غزة ليست كأي مأساة، وهي متواصلة وتتفاقم والسؤال: من بمقدوره أن يوقفها؟ من سيضع حدًّا لهذا التوحش الفاشي لهذه العنصرية؟

الطفل في غزة ذكي، وذكي جدا، وهو وبالرغم من صغر سنه، فإنه يختزن تجارب صعبة، فهو قادر على الاستنتاج، هو يدرك أنه وأهله قد تركوا وحدهم لرحمة القاتل المتوحش. وهذا ما يجعلهم أكثر قلقا وخوفا، الأطفال وكل الناس في غـزة بحاجة أن تتوقف ساعة العدوان، وأن يصحوا ذات يوم وقد ساد الهدوء وتوقف القصف، والقتل بالجملة، لا لأيام قليلة، بل لفترة غير محسوبة من الزمن، كيف يمكن أن نمنح أطفال غزة الأمل؟ كيف نمنحهم الحياة التي يستحقونها؟ أسئلة لا أجوبة لها إلا بعد أن تتوقف هذه الحرب او حين يصحو ضمير داعمي الاحتلال وحربه.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى