لا انقلاب أفظع وأشد في نكباته من هذا الانقلاب

شعاع نيوز – الكاتب: موفق مطر – كانت النكبة الأولى سنة 1948، ومؤامرة التهجير الكبرى (حوالي مليون مواطن فلسطيني) من مدنهم وقراهم وبلداتهم وما سبقها من مجازر وإرهاب دموي منظم، اتخذته المنظمات الصهيونية المسلحة وسيلة لتحقيق الهدف الاستعماري- الصهيوني، ولتجسيد اكذب مقولة في تاريخ الانسانية، وأفصحها تعبيرا عن نوايا الابادة بدوافع عنصرية: “أرض بلا شعب لشعب بلا ارض”.

أما النكبة الثانية فكانت انقلاب الفرع المسلح لجماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، المسمى (حماس) في الرابع عشر من شهر حزيران من سنة 2007، الذي ابتدئ بدعوات – سمعناها بآذاننا لم يحدثنا عنها احد – أخذها ارهابيو داعش منهم: “اغزوهم في بيوتهم، اقتلوهم، هؤلاء الكفرة الملحدين، اسبوا نساءهم” عبر مكبرات الصوت، من مساجد سيطروا عليها سلفا، وحولوها الى قواعد لتنشئة الكراهية والعداء المطلق للآخر الفلسطيني، ولمخازن اسلحة، ومراكز تعذيب، وإعدام منتسبين للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وإطلاق الرصاص من مسافة ما دون الصفر على مفاصل الركب، ورمي شباب أحياء، مكبلين من أسطح ابراج علوها خمسة عشر طابقا، وتوقف الزمن الفلسطيني عند مشهد عشرات الجثث تنهش منها الكلاب – كما رأت سيدة من غزة ذهبت لتبحث عن مصير ابنها الشاب – وأقسمت على ما شاهدته.

أما التعذيب في اقبية المساجد، وثقب كفوف عسكريين فلسطينيين، بأجهزة تستخدم لحفر المعادن والجدران (الدرل) لضرب قدرة المنتسب لأجهزة الأمن الفلسطينية من حمل السلاح واستخدامه لاحقا، وما سبق ايام الانقلاب السوداء، كان دليلا على العدائية المطلقة لدى قيادات حماس للوطني الفلسطيني، كتفجير مقرات لقوى الأمن الفلسطينية على رؤوس عشرات الأفراد والضباط، بعد الوصول اليها عبر انفاق، أنفاق هيئ أحدها لتفجير منزل الرئيس محمود عباس ابو مازن أثناء وجوده في غزة، والاغتيالات المبرمجة لشخصيات سياسية وتنظيمية وعسكرية فلسطينية، والمشاركة مع (جماعات نفوذ عصابية) في نشر الانفلات الأمني. فنكبة الشعب الفلسطيني الثانية التي تسببت بها حماس بدأت بخطاب لاسماعيل هنية بعد فوز جماعته بانتخابات التشريعي قال فيه: “سنكون رحيمين بأهلنا وشعبنا كما كان رسول الله رحيما بأهل مكة يوم فتحها” فكتبنا حينها في 22 كانون الثاني سنة 2006: “لستم فاتحين ولا نحن كفار قريش”! لاستشعارنا نوايا الجماعة، وأهدافها المبيتة، وراء دخولها المشهد السياسي الفلسطيني، بعد أن كان التكفير والتخوين عنوان التشهير المنظم لكل من يفكر ايجابا، أو يعمل للمشاركة في بناء النظام السياسي الوطني الفلسطيني، رأينا قبل تسعة عشر عاما ما حدث ويحدث اليوم، فخالد مشعل اعتبر عشرات آلاف الأطفال والنساء ضحايا الابادة الصهيونية “خسار تكتيكية” وموسى أبو مرزوق يفرق بين روح مواطن، وروح لاجئ، وبين مدني، وعسكري من جماعته بقوله: ” إن 75% من سكان قطاع غزة لاجئون، ومسؤولية حمايتهم تقع على عاتق اسرائيل باعتبارها سلطة الاحتلال وعلى الأمم المتحدة ” كاشفا بذلك عورة ادعاء جماعته الكاذب اصلا: “المقاومة لحماية الشعب” !!!


اقرأ\ي أيضاً| جيوش مموهة بالإعلام لقصف مشروعنا الوطني


ناهيك عن قول خليل الحية رئيس مكتب حماس السياسي حاليا “إن مال حماس لحماس” وقول محمود الزهار عضو مكتبها السياسي: “إن فلسطين تكاد لا ترى على الخارطة، تبدو كمسواك!! ومشروعنا اكبر وأبعد بكثير من فلسطين التي هي بالنسبة لنا نقطة انطلاق”.

أما وصفه علم فلسطين الذي رفعه رئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس ابو مازن، الى جانب أعلام الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنه: “مجرد قطعة قماش” فهذا احسن مرجع لمعرفة مقصد مؤسس دولة الاحتلال بن غوريون من مقولته: “الكبار يموتون والصغار ينسون ” فتبديد فكرة الوطن (الأرض والشعب والنظام والقانون) والانتماء الوطني، وجوهر الثقافة الانسانية وعلاماتها ورموزها الحضارية التاريخية والدينية والإبداعية، المبرهنة على وجود شعبنا التاريخي والآني والمستقبلي على ارض وطنه (فلسطين) وكذلك مقومات الشعب، كما جاءت في تعريفات القواميس السياسية والفكرية، كان المطلوب سحقها، لبلوغ اهداف الانقلاب، المكمل لأهداف المؤامرة الاستعمارية الصهيونية.

أما النكبة الثالثة، الموسومة بتاريخ 7 اكتوبر 2023 (حملة الابادة والتهجير القسري من الوطن) التي من أفظع اهدافها (تهجير الوطن) من عقل وفكر وثقافة وسلوك الانسان الفلسطيني، فإن الانقلابيين مصممون على كتابة فصلها الأخير “حتى آخر طفل فلسطيني” كما قال رئيس حماس السابق في غزة يحيى السنوار، ويروج سعيد زياد عبر الجزيرة، لإدامة انقلاب غير مسبوق على قيمنا، وأخلاقنا، وتراثنا، وثقافتنا وهويتنا، فهذا يريد لانقلاب جماعته مجداً “بالقتال بلحم اطفال الشعب الفلسطيني” كما قال !.. فهل سمعتم عن انقلاب افظع وأشد في نكباته من هذا الانقلاب؟!

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى