مقالات

تونس.. قاض عربي عادل على منصة الجنائية الدولية

تونس.. قاض عربي عادل على منصة الجنائية الدولية

شعاع نيوز – الكاتب: موفق مطر – هيكل بن محفوظ عربي تونسي استاذ دكتور (بروفيسور) في القانون الدولي انتخب قاضيا للمحكمة الجنائية الدولية لفترة 9 سنوات تمتد من 2024 الى 2033، في الدورة 22 لجمعية  الدول الأطراف في نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة، علما ان تونس  انضمت للنظام سنة 2011، وبذلك يكون اول عربي يتقلد هذا المنصب الرفيع منذ تأسيسها في جهاز قضائي دولي يعتبر الأهم لدى المؤسسات القانونية الأممية.  

لسنا هنا بصدد وجود اسم شخصية عربية مرموقة في محفل ثقافي أو فني أو رياضي على اهمية كل منها، وإنما بصدد الوجود الرمزي للقضاء العربي، والعدالة، فلولاهما لما كان ممكنا للدولة العربية، اثبات وجودها الحضاري على المستوى العالمي، أما وأن اسم شخصية عربية من تونس الشقيقة سيكون لأول مرة مع  ثمانية عشر قاضيا لتجسيد العدالة الانسانية، والحكم  وفق احكام ومبادئ وقانون المحكمة، ونصوص القانون الدولي المتعلقة بهذا الشأن، فهذا يعني بالنسبة لنا كفلسطينيين وطنيين مؤمنين بالعروبة، أن الشعب الذي يمنح ثقته لمن يعقل التاريخ والحاضر ويرى المستقبل ببصيرة بعيدة المدى، ويرهن قراره عند المؤهل معرفيا وثقافيا وقانونيا وطنيا، فإن النتائج ستكون حتما في صالح الدولة ( الوطن ) .. فالأستاذ في القانون الدولي قيس سعيد عندما يصبح رئيسا منتخبا، ولم يكن على رأس حزب أو كتلة سياسية ما، فهذا انعكاس طبيعي لفهم الجماهير لمتطلبات كل مرحلة، ورؤية لا زيغ فيها أبدا لكيفية الاستمرار بعملية بناء مؤسسات الدولة الوطنية المنسجمة مع القيم والقوانين والشرائع الانسانية، ما يعني نضوج الوعي الفردي والجمعي  والجماهيري، وصواب الاختيار.

لقد  أثبتت التجارب أن العقلانية، والحكمة، والواقعية السياسية، والمصداقية، الرباعية اللازمة تأسيس أصلب وأقوى قاعدة هرم للدولة الوطنية الانسانية، كما ثبت أن العدالة نتاج طبيعي لتطبيقات مناهج هذه الرباعية في ميادين الحياة كافة، فالدولة مهما بلغت قوتها الاقتصادية والعسكرية، فإن الهوة بينها وبين السمعة الحضارية تبقى قائمة، وتتوسع وتتعمق ليس بسبب غياب العدالة وحسب، بل بسبب تركيز عملية بناء الشخصية على المصالح المادية المجردة من قيم الانسانية، ما يعني بالضرورة اعتماد منهج عملي لبناء الشخصية على الصعيدين الفردي والوطني، حتى تصبح عملية التحرر وبلوغ الحرية والاستقلال ممكنة، فالتعليم والتنشئة والتربية الوطنية، والتواصل بانفتاح عقلاني مع الشواهد الحضارية في العالم يمنح شعب الدولة افضل النتائج، ويقربه من الأهداف الوطنية، بخلاف سبل الاستنزاف المادي والبشري التي تتآكل معها موارد الدولة، وتحديدا عندما تكون مصنفة دولة نامية، فالمواجهات الحربية، والدخول في صراعات وتدخلات اقليمية مكلفة الى حد الافلاس، إن لم يكن الى حد تفسخ اركانها وقواعدها، ما يعني فقدان الدولة لروحها، أي استقلال قرارها الوطني، ويحق لنا في هذا المسار الاشارة الى اوجه التشابه بين منهجي الرئيسين محمود عباس وقيس سعيد  في قضية استقلالية القرار، وكذلك احترام القانون ومبادئ العدل في الحكم، ومن المهم ملاحظة هذه النقطة الهامة بوجهيها : الأول – وهي ان الرئيس ابو مازن يؤكد دائما أن  الشعب الفلسطيني ما زال في حالة حركة تحرر، رغم اعتراف اكثر من  140 دولة في العالم بدولة فلسطين التي مازالت تحت الاحتلال  الاسرائيلي، أما الوجه الآخر فإن الرئيس قيس سعيد قالها اكثر من مرة أن تونس مازالت تعيش حالة حركة تحرر رغم اعلان استقلالها منذ 67 عاما.


اقرأ\ي أيضاً| أول دفعة من جرحى عدوان الاحتلال على غزة تصل إلى تونس


يدرك الوطنيون العقلاء أن الانتصار في القضايا الوطنية الأهم وتحديدا المركزية منها، يتطلب فهما عميقا لمعنى مسؤولية العمل في المحافل الدولية والأممية كافة، حيث من خلالها يمكن تثبيت الرواية الوطنية، وإقناع العالم باعتبارها الحقيقة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، مع التأكيد أن الأمر هنا يتعلق بقضاء عادل، وأحكام مجردة من المواقف السياسية المسبقة، وهذا ما يجعلنا ننظر باهتمام بالغ لانتخاب التونسي العربي الاستاذ هيكل بن محفوظ، لأن الثقة الممنوحة له  من ممثلي الدول الأعضاء كانت على أساس الكفاءة والنزاهة، التي لا تشوبهما شائبة، ولأن ممثلي الدول الذين منحوه الثقة من بين مئات المترشحين، يدركون جيدا التزام تونس الثابت والأصيل بنظام روما الأساسي، وإخلاص الدولة لتحقيق العدالة لضحايا الجرائم المنعكسة حتما تداعياتها على المجتمع الدولي كجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان .. ولهذا السبب نعتقد أن فوز الاستاذ هيكل فوز لتونس وفلسطين معا، ذلك ان شعب فلسطين، الذي كرس رئيس دولته الرئيس محمود عباس منهج الالتزام بالقوانين الدولية، والمطالبة بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ومحاكمة مجرمي الحرب المسؤولين عن جرائم الابادة والعدوان بحق الشعب الفلسطيني، يعلم جيدا أن العربي التونسي من رأس الهرم السياسي في تونس الشقيقة وحتى المواطن العادي في قاعدة الهرم الشعبية يعتبر الحق الفلسطيني حقه الوطني العروبي، وقضية فلسطين قضيته، وأن أي انجاز لتونس في المحافل الدولية، أو على طريق استكمال تحررها واستقلالية قرارها الوطني انجاز لفلسطين.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى