مقالات

فشل المرافعة الإسرائيلية

فشل المرافعة الإسرائيلية

شعاع نيوز – الكاتب: عمر الغول – من نافل القول، إن رفض دولة جنوب أفريقيا التحاق ومشاركة أية دولة عربية أو إسلامية لها في رفع الدعوى القضائية ضد حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية، كان خطوة هامة وجديرة بالاحترام والتقدير لسببين، الأول تأكيدها على قدرتها السياسية والقانونية والأخلاقية على الدفاع عن دعواها القضائية باقتدار، دون الحاجة إلى أي شراكة من أي من الدول المختلفة؛ الثاني لإدراكها أن التحاق أية دولة لها في اللحظة الأخيرة يعني تأجيل انعقاد المحكمة للنظر في الدعوى، أضف إلى أن محاولة البعض الالتحاق في الربع ساعة الأخيرة قد لا يكون بريئا، ويحمل في طياته تباينا في الاجتهادات بشأن الدعوى، ويضاعف من عملية التأجيل، ويخدم من حيث تدري أو لا تدري الدول التي كانت ستلتحق بها.

وبالعودة إلى عنوان الزاوية، أود التأكيد سلفا على أن دولة إسرائيل فشلت في تحقيق الغاية المرادة من مرافعتها أمس أمام محكمة العدل الدولية، بعد أن رافعت جنوب أفريقيا عن دعوتها القضائية أمام قضاة محكمة العدل الدولية عن ارتكاب إسرائيل حرب إبادة جماعية ضد الشعب العربي الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا بثقة واقتدار، وقدمت بالوثائق والأدلة والبراهين وبثقة منقطة النظير أول أمس الخميس (11/1/2024)، وانعكس الفشل أمس الجمعة بعد تقديم ممثلي دولة إسرائيل أمام ذات المحكمة مرافعتهم دفاعا عن مواقف دولتهم الزائفة والغبية، ولم يتمكنوا من إقناع أي مراقب قانوني أو حتى إنسان عادي بدفاعهم البائس. لا سيما أن جنوب أفريقيا وفريقها القانوني قدمت الأجوبة القاطعة استنادا للأسانيد القانونية، ولمحددات ومرتكزات حرب الإبادة الجماعية من حيث القتل العمد للسكان المدنيين وخاصة الأطفال والنساء بهدف التطهير العرقي، وغيرها من مرتكزات حرب الإبادة وفق منظومة المحكمة الدولية، وعرت أهداف ونية أركان حكومة وقادة أركان الحرب الإسرائيلية في إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، وتجلى همهم الأساس في طمس وإنكار ارتكاب دولتهم اللقيطة حرب إبادة جماعية، مع أنهم أقروا بارتكاب جيشهم الإسرائيلي جرائم حرب.

ومن براعة الفريق القانوني الجنوب أفريقي بقيادة وزير العدل، رونالد لامولا، أنه لم يقتصر في محاكاة حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني على ما ركزت عليه حكومة نتنياهو ومن خلفه إدارة بايدن الأميركية بحصر الحرب من تاريخ السابع من أكتوبر 2023، وإنما أعادت الصراع إلى سياقه التاريخي منذ عام النكبة في 1948، وما تلا ذلك من جرائم إبادة جماعية ضد، ورفض الدولة القائمة بالحروب والاستعمار الإجلائي الإحلالي بمنح الشعب الفلسطيني الحد الأدنى من حقوقه الوطنية في الحرية والاستقلال والسيادة على أرض وطنه الأم فلسطين، وعودة اللاجئين لديارهم التي طردوا منها عام النكبة 1948 وعام الهزيمة في 1967. رغم أن الشعب والقيادة الفلسطينية قدمت تنازلات تجاوزوا فيها قرار التقسيم الأممي 181 الصادر في 29 نوفمبر 1947.


اقرأ|ي أيضاً| دولة فلسطين تعرب عن تقديرها لمرافعة جنوب إفريقيا القانونية أمام “العدل الدولية”


ولم يتمكن قضاة إسرائيل من الدفاع عن أية نقطة من النقاط، وظلوا في موقع الدفاع عن الذات، وبردود سطحية، واجترار ذات المواقف، التي حاول أن يروجها رئيس حكومة الحرب، نتنياهو، الذي ادعى أن محكمة العدل الدولية أُنشئت من أجل إسرائيل، ولحمايتها، وهو كاذب، لأن إسرائيل لم تكن قائمة آنذاك، وإنما بادر لتأسيسها نفر من اليهود، الذين اكتووا بنيران النازية الألمانية، ولحماية الشعوب والأقليات الإثنية والجماعات الدينية من حرب الإبادة الجماعية، وبالتالي فهي من أجل الإنسانية، ولم تؤسس المحكمة لحماية الدولة المارقة والخارجة عن القانون، والتي أعادت انتاج النازية ومحرقتها بصور أبشع وأكثر إدماءً ووحشية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني.

ولم يتمكن القاضي الإسرائيلي، اهارون باراك، الرئيس الأسبق لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية، ورئيس الفريق القانوني من تمثل دوره كمدافع عن دولته وحرب إبادتها الجماعية ضد الفلسطينيين، وهو بالأساس لا يملك الأهلية القانونية كونه يدافع عن دولة قائمة على ركيزة وقاعدة النفي للشعب الفلسطيني، وعلى إنكار حقه في الحياة الحرة الكريمة، وعلى دعم واسناد عملية التطهير العرقي، التي تعتبر أُس حرب الإبادة الجماعية.

في مطلق الأحوال، الأمل ملقى على كاهل قضاة محكمة العدل الدولية الـ15 بالإضافة للقاضي الإسرائيلي، باراك، والقاضي الجنوب أفريقي، ديكغانغموسينيكي، وهو القاضي الخاص في قضية محكمة العدل الدولية، وهو نائب رئيس المحكمة العليا السابق في جنوب أفريقيا، ويتمتع بمهنية قانونية وأكاديمية متميزة، في حال تمثل غالبيتهم مكانتهم القانونية والحيادية والنزاهة والشفافية.

ومهم جدا بعد الاستماع لمرافعات الفريقين، أن تصدر حكما عاجلا بوقف حرب الإبادة على قطاع غزة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية. رغم الإدراك المسبق أن حكومة حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية لن تلتزم بقرار المحكمة، ولكن ذلك سيضفي عليها صفات أخرى يعرضها لملاحقات متعددة الجوانب.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى